آلام المرضى تزداد مع ارتفاع أسعار الأدوية… مواطنون :لم يعد بإمكاننا شراء الدواء .. بعض الصيادلة لا يتقيدون بالتسعيرة.. نقيب صيادلة حمص : غلاء المواد الأولية عالميا و أجور الشحن أدى لارتفاع تكاليف و مستلزمات الإنتاج
قرار وزارة الصحة برفع أسعار الدواء بناء على طلب معامل الأدوية زرع الخوف والقلق في نفوس المواطنين الذين أنهكتهم الأوضاع المعيشية القاسية وارتفاع الأسعار المتكرر وتدني الدخول واعتماد سعر الصرف لتسعير الدواء.. والحجة ضمان استمرار توفر الأدوية.. وأصبح حال المواطن المنهك يقول :كيف نستطيع شراء الدواء بعد الآن وخاصة لمن يعانون من الأمراض المزمنة (الضغط.. السكر.. القلب.. والكلى وغيرها الكثير..) وقد باتت الرواتب لا تكفي لعدة أيام فماذا عن الدواء وهل أصبح على المريض أن يعيش قلق عدم توفر الدواء وارتفاع أسعاره مضاعفا ويزيد من متاعبه وهواجسه اليومية الأخرى..
تقول منى :منذ فترة طويلة نعاني من نقص بعض الأصناف الدوائية بالرغم من وجودها في السوق السوداء وبأسعار مضاعفة.. لم يكن ينقصنا سوى رفع سعر الدواء ألا يكفي ما نعانيه من قساوة العيش وضعف الرواتب التي لم تعد تكفينا لأيام..
قصي صيدلاني في أحد أحياء المدينة قال : تكرر ارتفاع أسعار الأدوية أكثر من مرة خلال الفترة الماضية ولكن قرار الارتفاع الأخير شمل جميع الأصناف الدوائية منوها أن ارتفاع الأسعار عادة يطال أنواع معينة من الأدوية يكون الطلب عليها كبيراً لكن الآن الوضع تغير…
الصيدلانية رحاب قالت : معامل الأدوية تسعى لزيادة أرباحها دون التفكير بحال المرضى ويعتمدون أسلوب التلويح بالتوقف عن العمل في حال عدم رفع الأسعار وهذه الخطوة تهدد بفقدان أصناف معينة من الدواء وخلق أزمة دوائية نحن في غنى عنها.
سهيل صيدلاني قال: بصراحة فقدان الأدوية خلال الفترة الماضية كان بسبب تخفيض معامل الأدوية الكميات التي كانت ملتزمة بها وعملت المستودعات أيضا على تخفيض كميات الأصناف الدوائية للصيدليات لتعود إلى توزيعها مرة أخرى بعد رفع أسعارها مجددا.
مصدر من أحد معامل الأدوية قال :سبب أزمة الدواء هو الخسائر التي لحقت بأصحاب المعامل نتيجة تعديل سعر الصرف مما قد يتسبب بتوقف إنتاج الأدوية في تلك المعامل وقلة توزيع الأدوية على المستودعات وبالتالي عدم وصول الدواء للصيادلة.. ناهيك عن ارتفاع أسعار المواد الأولية المستوردة لتصنيع الأدوية وارتفاع أجور الشحن . الصيدلاني إياد قال : لقد استنفذنا معظم أصناف الأدوية وعملنا هو مصدر رزقنا الوحيد.. وحتى بعد تعديل التسعيرة سنحتاج مبالغ مالية كبيرة لإعادة نسبة تغطية الأدوية التي كانت لدينا.
“العروبة” سألت نقيب صيادلة حمص شادي طرابلسي حول ارتفاع تسعيرة الدواء و توفره والإجراءات التي قامت بها إزاء ما يحصل…و ماذا عن أسباب ارتفاع أسعار الدواء في الصيدليات أكثر من التسعيرة التي تحددها وزارة الصحة قال : دائما التوجه يكون ضد الصيدلي و هذا خطأ كبير…بعض المستحضرات ( و هي قليلة ) كانت خاسرة بالنسبة للمعامل فيتم طرحها بسعر أعلى حرصا على عدم انقطاعها و بهذه الحالة هي وصلت إلى الصيدلاني بسعر مرتفع و هنا نقف أمام احد حلين: إما الامتناع عن شرائها و ترك المرضى يبحثون عنها و لا يجدونها أو تأمينها بالسعر المطروح عليه لتلبية حاجة المريض…لكن مع صدور النشرة الأخيرة فإن هذه الحالة تلاشت ..
وسألناه عن تلاعب بعض المنشآت بالمادة الدوائية الفعالة لتبقى مستمرة بالإنتاج.. قال : لا يوجد تلاعب و هذا تعبير أتحفظ عليه بشدة… فجميع المعامل الدوائية هي معامل وطنية بامتياز و تخضع الأدوية المنتجة من قبلهم إلى رقابة شديدة ضمن مختبرات وزارة الصحة…فعند وجود أي خلل يتم ضبطه و يمنع طرح المستحضر في الأسواق وأوضح طرابلسي أن تسعيرة الأدوية تصدر من قبل وزارة الصحة وفق عدة معطيات..منها سعر الصرف المحدد من قبل مصرف سورية المركزي مع حساب كلف و مستلزمات الإنتاج و الطاقة للعامل.
وعن الإجراءات التي قامت بها النقابة إزاء ما يحصل قال : قمنا بمراسلة الجهات المعنية و شرح الوضع الذي وصل إليه القطاع الدوائي و عُقِدَت عدة اجتماعات مع مجلس المحافظة و مديرية الصحة من اجل الوصول إلى حل سريع و اعتقد انه خلال الأسابيع القليلة سيعود الوضع إلى ما كان عليه و تعاود الأدوية إلى انسيابها و توافرها بالشكل السليم..
وحول قيام بعض الصيادلة بإغلاق صيدلياتهم مؤخرا بانتظار رفع سعر الدواء.. قال :الصيدلي هو رب أسرة و الصيدلية هي مكان عمله و مصدر رزقه و عيشه و لا احد يغلق مصدر رزقه لأن عليه التزامات و إن لم يعمل لن يكون بمقدوره القيام بواجباته و التزاماته …
الصيادلة عملوا خلال سنوات الحرب بكل إخلاص ..حتى في ظل أزمة تفشي وباء الكورونا لم ينقطعوا عن صيدلياتهم من اجل خدمة المرضى و تأمين أدويتهم و استحقوا بجدارة لقب الجيش الأبيض.
وحول عدم توفر الأدوية رغم ارتفاع سعرها أكثر من مرة قال : عانت الصناعة الدوائية من عدة مشاكل و أهمها ارتفاع أسعار المواد الأولية عالميا و ارتفاع أجور الشحن و حوامل الطاقة هذا كله أدى إلى ارتفاع تكاليف و مستلزمات الانتاج و هذا أدى إلى أن أصبحت اغلب الزمر الدوائية خاسرة بالنسبة للمعامل خصوصا بعد رفع سعر الصرف المحدد من قبل مصرف سورية المركزي حيث أن الدواء كان يسعر على سعر 3030 ل.س و بعدها ارتفعت تسعيرة الصرف إلى 4522 ل.س.
بقي أن نقول:
هل ستحقق الأسعار الجديدة ما تطمح إليه معامل الأدوية أم ستلجأ إلى الطرق الأخرى التي تضمن لها الاستمرار بالعمل وهل سيكتفي القائمون على هذه الصناعة بنسب أرباح معينة نضمن من خلالها التزامهم بالتسعيرة التي تقدمها وزارة الصحة.. أم سيبقى المواطن (للأسف) الحلقة الأضعف أما جشع تجار الأزمات.
بشرى عنقة