الخطاط محمد نزار شاويش : لوحاتـــي تمـــزج ما بيــن فــن الخـط وإبداع الطبيعــة
الإبداع أن نخلق من الجمال جمالا وأن نطوع ما أوجدته الطبيعة لخدمة الفن وهذا ما حققه الفنان محمد نزار جاويش ابن مدينة حمص الخطاط الذي أبدع بلوحاته التي تراقص فيها الخط مع حنين القصب .
درس الخط أكاديمياً وأتقن كافة أنواع الخط العربي..ولكنه اختار أن يعطي فنه صفة مميزة ، وكان أسلوبه أن طوع القصب لخدمة الخط العربي والرسم فكان جمال الخط وانسيابيته متداخلا مع بريق القصب ولمعانه فجعلنا نرى اللوحة وكأنها لحن ناي مبدع …
من دون أي إضافة
أكد لنا جاويش أنه صمم لوحاته من القصب الطبيعي وقد استعمل هذا القصب كما هو من الطبيعة بدون تعديل وبدون أي إضافة مواد تلميع فجماله في أن يستخدم على طبيعته وبلمعانه الجميل الذي يعيدنا إلى الطبيعة الأم بكل نقائها وصفائها وحنينها البدائي .
نتيجة رائعة
وعن بداياته قال : لقد كنت منذ طفولتي أهوى الخط والرسم.. وكبرت وكبرت معي موهبة الخط ، ولكي أكون على الخطا الصحيحة وأصقل موهبتي وأطورها قمت بدراسة الخط أكاديميا .. وتمعنت بكافة أنواعه وحاولت أن أجرب كافة الخطوط عبر لوحات فنية ، ولكن بدايتي كانت مع القصب عندما فكرت أن أصنع من هذا القصب حرفاً ، وكانت النتيجة رائعة جدا وقد لاحظت أن هذا الحرف اكتسب جمالا مميزا عندما امتزج مع لمعان القصب ، ولذلك ركزت تفكيري وقدراتي على هذا العمل وبدأت بمحاولة تصميم لوحات من القصب ، ولم يقتصر الأمر على الخط فقط وإنما بدأت بتصميم اللوحات والرسوم البسيطة والأيقونات والرموز التعبيرية .
يحتاج إلى صبر وجهد
إن التعامل مع القصب يحتاج إلى صبر شديد وجهد ، ودقة في التصميم ،بحيث يظهر الحرف بالقصب ضمن قوانين الخط العربي ليكتسب جمالاً أكثر.
وقد نوه جاويش من خلال حديثه أن صدفة جميلة هي التي حددت بداية عمله في هذا المجال فقال : أثناء زياراتي لقرى حوض العاصي صيفاً وخلال تجوالي في أراضيها الخضراء الجميلة مابين حقول القصب مددت يدي إلى أحد عيدان القصب والتي استطالت حتى تكاد تحجب النور ، ولفت انتباهي لمعان صادر مع انعكاس ضوء الشمس عليه ، وكان هذا اللون جميلا جداً فالقصب بلمعانه الطبيعي لونه ذهبي مع تدرجات هذا اللون، وأغلب الأحيان يتواجد في القصبة الواحدة أكثر من لون يتراوح مابين الذهبي الغامق ليتدرج لنهاية القصبة حتى يكاد أن يصبح أبيضا بلمعان رائع ، وهذا اللمعان الجميل من فعل الطبيعة وحرارة الشمس..
يبقى بلمعانه
وحول الصعوبات التي يواجهها خلال تحضيره للوحاته أوضح : أن الحصول على نبات القصب من أماكن تواجده في الطبيعة عمل فيه بعض المشقة وكذلك لا يخلو الأمر من بعض المجازفة ، فهو نبات يجنى في فصل الصيف حصراً وفي وضح النهار لكي يظهر لمعان القصب واضحاً للعين وأضاف : لا تخلو مرحلة الحصول على القصب من التعرض لبعض المخاطر.. فقد يصادف وجود أفاعي وعقارب.. وزواحف مزعجة .
وكأي عمل إذا أردنا انجازه بدقة وجمالية وإتقان لابد أن تكون بداياته صعبة وشاقة وكانت هناك عثرات كثيرة أمام إمكانية تصميم لوحة كاملة من القصب ، وخاصة إذا كانت بخط الثلث المتراكب ، وأضاف : كنت أحاول أن أجمع جمال القصب على الحرف والحفاظ على قانون الخط بنفس الوقت حتى وصلت للنتيجة الحالية.
عبر أكثر من 20سنة كانت رحلتي في تصميم لوحات القصب ، وقد قضيتها في محاولة جعل القصب يتحدث إلى ناظره من خلال لوحاتي المتنوعة وما تأكدت منه أن القصب لا يغير أحاديثه أي أنه لا تتغير صفاته بعد التصميم فألوانه تبقى برونقها ويبقى بلمعانه الطبيعي .
وعن مشاركاته في النشاطات الفنية قال : كان لي مشاركة عام 2005 حيث أقيم أول معرض جماعي خاص بلوحات القصب في صالة المعارض بالمركز الثقافي بحمص.
وتكررت مشاركتي في فعاليات أخرى وكان المعرض الثاني في عام 2009 وقد لاحظت أن هذا الفن بدأ يأخذ قسطا كبيرا من اهتمام الجمهور المتابع للنشاطات الفنية فقد كان الإقبال على اللوحات الفنية المعروضة مميزا وقد لاقت لوحاتي استحسانا وإعجابا من المتابعين .
توخي الدقة
وحول طريقة العمل واحتياجاته لتصميم لوحات القصب قال جاويش : يحتاج تصميم لوحات القصب إلى عدة يدوية بسيطة جداً ، وهي متوفرة في المحال المختصة ،ولكن الأهم في تصميم اللوحة، التحلي بالصبر، و توخي الدقة، والتصميم النهائي الذي تخرج به اللوحة.
تلفت نظر المتابع
وقد تناولت مواضيع كثيرة تلفت نظر المتابع وتشده إلى اللوحة وقد تنوعت مواضيع لوحاتي وخاصة مؤخراً حيث اعتمدت في موضوع لوحاتي على توظيف وإشراك الخط بالرسم في لوحة واحدة ، وكانت النتيجة رائعة جداً.
والمواضيع متنوعة مابين لوحات تأخذ الطابع الديني كالآيات القرآنية ، والترانيم ، وحكم وأمثال وأيقونات وهناك لوحات خاصة حسب الطلب…
وأكد أن الإقبال على لوحات القصب جيد ولكن ظروف الحرب التي تعرضت لها سوريتنا الغالية حدت من هذا الإقبال ، ولكن في قادم الأيام سيعود لسورية ألقها ولمعانها الذي لن تخفيه أي حرب أو دمار .
أجرت اللقاء: منار الناعمة