بعد أن تعافت مدينتنا من رجس الإرهاب الحاقد الذي أرخى بظلاله على جميع مناحي الحياة ،هاهي حمص تعود تدريجيا لتضج بالحياة من خلال الأنشطة الفنية المتنوعة وتعيد لها ألقها ،وكثيرة هي تلك الفعاليات والأنشطة التي يشارك فيها الفنانون كالملتقيات والمعارض وغيرها .
وعلى هامش معرض فناني ملتقى الوادي الذي أقيم مؤخرا في صالة صبحي شعيب للفنون الشعبية التقينا الفنانة التشكيلية لليان بلان التي امتلكت تجربة فنية تعددت مابين الرسم والنحت والغرافيك والتي حدثتنا عن بداياتها وأعمالها الفنية قائلة: كنت أهوى الرسم منذ الصغر ، وأعشق الألوان و حب الفن نما في داخلي ليزداد طموحي يوما بعد آخر لإكمال مشواري الفني ولأرسم مستقبلي بريشتي وأخط طريقي بنفسي ،وفي البدايات لم أظهر موهبتي للعلن ولكن مع تطور أدائي حفزني ذلك للخوض في هذا المجال الرائع.
وأضافت : بعد إنهائي مرحلة الثانوية حصلت على معدل عال يؤهلني لدخول مجالات متعددة خاصة أنني كنت من المتفوقات دراسيا ، فقررت دخول كلية الفنون الجميلة وطموحي كبير بأن أصنع شيئاً جميلاً أو أقدم لوناً وتكويناً يقدم حساً إنسانياً وفي السنة الجامعية الثالثة كانت بداية انطلاقتي فقد شاركت بمعرض جماعي في لبنان مع مجموعة من الفنانين وبعد تخرجي من كلية الفنون قسم الحفر والطباعة وبمعدل جيد جداً كانت لي مشاركات فنية متعددة في لبنان وسورية والأردن.
ثم أقمت معرضي الفردي الأول في السويداء وكان تحت عنوان إنسانيات حاولت أن أقدم فيه تشكيلاً جديداً لمفهوم الشجرة برؤية و إسقاطات إنسانية على كل أنثى شرقية فمنذ بداياتي كانت الأنثى بكل أطيافها هي محور لوحاتي و هناك رابط كبير بين الأنثى و الشجرة من النواحي التعبيرية كما عملت في وزارة التربية كرسامة و مصممة لمجموعة من الكتب الجديدة ضمن خطة المناهج المحدثة، كما شاركت في لجان التأليف لهذه المناهج بالإضافة لعملي كمدرسة و محاضرة في كلية الفنون الجميلة .
أيضا شاركت بعدة ملتقيات و أذكر منها ملتقى من وحي الأدب العام برعاية وزارة الثقافة ¸وملتقى في لبنان بدعوة من بلدية قصر نبا من وحي الطبيعة و آخر الملتقيات كانت في حمص الجميلة مع الزملاء و الأصدقاء الفنانين في أحضان الطبيعة حيث شاركت بثلاثة أعمال محورها الأساسي المرأة لأنها موضوع الخلق و الإشكالية الفنية ضمن ما أحب أن أشكله من لوحات و أعمال نحتية وتصويرية كما شاركت بثلاثة أعمال و كل عمل بتقنية مختلفة تتنوع بين الكولاج و الاكرليك و التي تمثلت بسلسلة من الحالات الإنسانية للأنثى السورية في الفترة الزمنية الأخيرة بدءاً من حالة الذعر و الخوف في العمل الأول انتقالاً إلى صراع الحب متمثلاً بالمرأة في عملي الثاني و ختاماً بحضور نساء و عذارى أفروديت لولادة الأمل بتشكيل تعبيري خاص و ألوان زرقاء و فيروزية علنا نعمد الفرح على دروبنا ونغريه بالعودة لنا .
و عن أهمية الملتقيات الفنية بالنسبة للفنان قالت: الملتقيات الفنية فرصة للقاء الفنانين و أمر مهم جداً لتبادل الخبرات و الثقافات والحوارات الفنية خصوصاً بما يتعرض له الفنان من صعوبات إشكالية ضمن مساحة الفراغ الأبيض لما يسمى اللوحة ،فالفنان و خصوصاً السوري لديه الكثير ليعبر عنه و لكن مع الأسف التحديات في الآونة الأخيرة و ما مرت به البلاد من حرب قاسية حرمت أغلب الفنانين من وسيلة تعبيرهم إن كان من حيث عدم توفر المكان أو المواد أو حتى فرص اللقاء، و لكن مع عودة الأمن و الأمان لربوع بلادنا الجميلة بدأنا نتنفس الصعداء و بالنسبة لمنهج بداياتي كانت مع الأبيض و الأسود بتقانات الحفرو الطباعة و البنيات في بعض الأحيان و لكن مع تغير الأوضاع و خصوصية العمل كحفار حاولت الدخول إلى عالم اللون ضمن معالجة الخطوط و التكنولوجيا هذا فيما يخص لوحة الاكرليك أو الزيتي و عندما أعمل بالمائيات لا أرى نفسي إلا في حالات و محاولات تجريدية تلخيصية للون و المساحة و تربطني علاقة لطيفة بالعمل النحتي البازلتي و لي مجموعة أعمال منها هو مقتنى في لبنان و مصر و منها ما يزال قيد التجريب و الإنجاز و أنا لا أقول أنني وجدت ضالتي بعد بل أعتبر نفسي في حالة التجريب والبحث عن الذات لان هذا ما يجب عليه أن يكون الفنان حتى يبقى قادرا على التجديد بشكل مستمر.
حجر أساس
وعن أهمية الموهبة والدراسة الأكاديمية للفنان قالت : الموهبة هي حجر الأساس لأي فنان وعندما تصقل هذه الموهبة بدراسة أكاديمية فإنها تفتح أمامه أفق الإبداع ،والدراسة الأكاديمية ليست بالمعنى الحرفي الحصول على الإجازة وإنما أقصد بها القواعد الأكاديمية لأصول الخط والمدارس الفنية فبعض الفنانين الذين ابتكروا المذاهب الفنية لم يكونوا مجازين وإنما درسوا الفن وأصوله بطريقة أكاديمية وهناك فنانون سوريون تركوا الأثر الكبير مما أبدعوه ولم يكونوا أصحاب شهادات أمثال الفنان جمال العشعوش وعمر حمدي(مالفا).
لا ينفصل عن واقعه
وعن مشاريعها وأعمالها الفنية المستقبلية أضافت :قمت بعمل نحتي يمثل حالة الكثير من النساء السوريات المكافحات اللواتي يتحملن أعباء الحياة القاسية وفي هذه الفترة هناك مجموعة من المائيات فلا يمكن للفنان أن ينفصل عن واقعه فهو ابن البيئة وكونه الأكثر حساسية للمشاهد الإنسانية لابد أن يكون صاحب موقف وعمل فالفنان هو الناطق الثقافي والمخول الأول للتعبير عن مجريات الواقع فالخط واللون أصدق توثيق لهذا .