في السادس من أيار عيد أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر تجدد سورية نفسها تطلق أزهارها لتملأ الأرجاء عطراً وتهدي لشقائق النعمان مزيداً من الاحمرار والروعة وتمضي مواكب الشهداء لتبشر بموسم للخير والأمان والاستقرار وتعود موسيقا الوطن لتعزف لحني الشهيد والوداع.
لقد شكلت تضحيات شهداء أيار الذين قضوا على أعواد المشانق دفاعاً عن عروبة وطنهم وهم ينشدون أناشيد الوطن، ويهتفون بحياة أمة مافتئت تقدم قوافل الشهداء قرباناً على مذبح حريتها رباطاً بين ماضي الأمة وحاضرها حينما واجهوا الموت بشجاعة، وقدموا أرواحهم قرابين للوطن، ومثلوا القاعدة الحية لقدرة شعبنا في التصدي ومواجهة المخاطر، ورسخ هذا الاستشهاد في نفوس أبناء الأمة حتمية الانتصار مهما عظمت التحديات، وأن تاريخ أمتنا مكتوب بدماء قوافل الشهداء التي ما تزال متواصلة حتى الآن، مشكّلة صفحات مشرقة في ضمير وذاكرة الأجيال.
في هذا اليوم الأغر تتجدد ذكرى الشهادة فتتألق معاني البطولة والتضحية والعطاء ,وتتلون صورة الشهيد بألوان المجد وأكاليل الغار, ومع عيد الشهادة والشهيد ترتفع أغاريد الفرح تمجد الفرسان الأبطال الذين طلبوا الموت فكانت لهم حياة الخلود وروت دماؤهم الطاهرة ثرى الوطن, فأنبتت وأزهرت حرية وأثمرت استقلالا.. هؤلاء هم شهداؤنا, عظماء نفتخر بتضحيتهم, مشاعل حق نهتدي بنورهم ,شرفاء نتشرف بشهادتهم.
إن الشهيد يمتلك ناصية الخلود, , ولا تنفصل في أذهاننا أبدا ذكرى الشهيد عن التقدير والاحترام, فالشهداء أحياء في ذاكرتنا, أحياء في تاريخنا, وهم أحياء في ضمير القيم الخلقية الحضارية والإنسانية, فمن يضارع الشهيد في عظمته ومن يضارع الشهيد في خلوده? أجل, من يضارع الشهداء, إنهم جادوا بدمائهم وأرواحهم,فاستعذبوا الموت لتحيا أمتهم, وواجهوا المنية بتحدي الرجال وشجاعة الأبطال ليزدان الوطن بالاستقلال وينعم شعبه بالحرية, فكانوا بحق بناة عظماء.
الشهادة وقفة عز وإباء، فأية قيمة أعلى من قيمة الشهادة وأية جنة أعز وأروع من تلك الجنة التي يفوز بها الشهداء بعد التضحية بالحياة التي لا تقارن بما نالوا.
في ظل الحرب الكونية التي تشن على بلدنا لم تتوقف قوافل الشهداء الذين تجود بهم المدن والقرى السورية وكل بقعة من ارض سورية الغالية والمقدسة.. نستمد من دمائهم القوة والشجاعة ومن أسرهم الصبر والجلد والإيمان بالله والثبات في وجه الإرهاب الذي لم يترك زاوية من بلدنا الحبيب إلا وخربها ودمرها… ونحن متفائلون في الانتصار الذي نراه الآن حقيقة واقعة يرسمها بواسل جيشنا بدمائهم.
ستبقى دماء الشهداء منارة للأجيال تنير لهم درب الكرامة والوحدة الوطنية وتحكي لهم قصص العشق الأبدي للوطن الذي لايصان إلا بتضحيات أبنائه المخلصين ورحم الله جميع الشهداء
ستبقى تضحيات الشهداء العلامة المضيئة لأجيالنا القادمة تنهل منه وتتعلم أبجديات النضال التي تكتب بالدماء وستبقى أرواح الشهداء هي الدليل على النقاء والصفاء وسيبقى الوطن هو الأغلى والاثمن على مر العصور والأزمان.
ستبقى هذه التضحيات خالدة في ضمائرنا، فالشهادة هي قصة الوطن والشعب الذي سطر الملاحم والتي تحكي وتحاكي البطولة والتضحية , ومن أجل كل هذا فإن شعبنا الأبي لايزال يضع الشهداء وتضحياتهم في أسمى مراتب القداسة لأنهم النبراس والمنارة التي يهتدي بهما للحفاظ على كرامته وعزته وصون استقلال بلده.
إن اللغة تضيق وتصغر أمام عظمة تضحية الشهداء فلا نملك إلا أن ننحني إجلالاً وإكباراً لأرواحهم الطاهرة التي دفعوها رخيصة في سبيل وحدة الوطن وعزته .