بداياته كانت في أرجاء الطبيعة الخلابة… الأديب غسان لافي طعمة: منزل الطفولة والبيئة المحيطة والحياة الثقافية ألهموا مخيلتي فتولد الشعر نهراً
في بيت ريفي جميل في القصير نشأ وترعرع بين أحواض الورد الجوري وفم السمكة والفل والقرنفل..و في أرجاء تلك الطبيعة الخلابة كانت بداياته الأدبية بشكل عام.. ..انه الأديب والشاعر الدكتور غسان لافي طعمة..
في حوار معه حول تجربته الأدبية قال : البدايات تجعلني أحلق بجناحي نصف قرن مضى في بيت كانت فيه أمي الرقيقة الشفافة وأبي الفولاذي العزيمة الذي كان يحب العتابا والميجنا والزجل وأبو الزلف و حفظت الكثير عنه ومنها أشعار أبو فراس الحمداني في أسره وصوت المطرب العراقي ناظم الغزالي وقصائد أحمد شوقي بصوت محمد عبد الوهاب ومعظم قصائد الأخطل الصغير بصوت فيروز ومحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش…
– إذاً الشعر كان حاضرا بشكل آو بآخر في بيئتك؟….
نعم فمن صفصافة خجولة تحنو على مياه العاصي لتقبلها وتسألها عن السمك البني إلى بيادر القمح وليس انتهاء ببيت سقانا الحنان وأرضعنا العزيمة والطموح ومن ذاك البيت انطلقت إلى دار المعلمين في حمص في منتصف الستينيات وفتح أمامنا أساتذتها آفاقا رحبة جعلتنا ننظر إلى البعيد…
-هل كانت لك مشاركات شعرية في مرحلة الشباب؟
نعم…فقد كانت جامعة دمشق حديقة ثقافية فكرية غناء تصدح في رحابها بلابل الشعر المتفردة بغنائها من فايز خضور إلى أيمن أبو شعر إلى نزيه ابو عفش.. وهناك كانت مشاركتي الأولى في مهرجان شعري بقصيدة عنوانها (مقهى) وفي دمشق نشرت أول قصيدة في مجلة (فلسطين الثورة) وكانت في رثاء الشهيد الفدائي (أحمد محمود عمار) وكانت فرحتي بنشرها لا ضفاف لها…
-للنقد شأن اجتماعي كبير وهو يشكل سجلا للآداب.. فما دور النقد في أعمالك الأدبية؟
ما من شك أن النقد يحفز المبدع ويرسم له مسارات قد لا يكون اكتشفها وأنا شخصيا استفدت من ناقدين كبيرين الأول حنا عبود في كتابيه النحل البري والعسل المر، ومن تاريخ القصيدة, والثاني يوسف اليوسف في كتابه (ما الشعر العظيم).
-ما هي المحاور الأساسية التي يدور حولها كتابك الجديد في النقد والذي هو قيد الصدور؟
كتابي الجديد الذي صدر حديثا حمل عنوان (من حدائق الإبداع) وهو كتاب نقدي لإبداعات الأديب الحاضر المغترب الدكتور هيثم يحيى الخواجة يتناول إبداعاته في ميادين مسرح الكبار، مسرح الأطفال، قصص الأطفال، المجموعات الشعرية للأطفال، الدراسات الأدبية، التوثيق الأدبي وهذا الكتاب هو تجربتي الأولى في هذا الميدان وهي خطوة شجعتني على دراسة تجربة أديبين راحلين هما :الشاعران ممدوح سكاف والناقد القاص الدكتور دريد يحيى الخواجة…
في رحاب الشعر تجولت وحفظت قديمه وحديثه من هم الشعراء الذين تأثرت بهم؟
الذاكرة تتغذى بالحفظ, فحفظت الشعر العربي معظمه وأغنيت لغتي بحفظ القرآن الكريم والحديث الشريف … أما الشعراء فأستحضر أهمهم تأثيرا وهم: المتنبي والأخطل الصغير وبشارة الخوري و سعيد عقل , والشاعر نزار قباني الذي حول الشعر من وجبة أرستقراطية إلى أكلة شعبية تغذي أرواح الناس كلهم, و أخيرا وليس آخرا الشاعر فايز خضور الذي تفرد بجرأة معنوية وفنية.
-الوطن الذي رضعنا حبه منذ الصغر، وفجر في داخلنا نبع الحب والحنان ما الحيز الذي أخذه في أعمالك؟
الوطن غذى عالمي الرحب …طفولتي وشبابي، أبي وأمي، أخوتي وأصدقائي، الوطن ساقية سبحت بها وبيادر لعبت عليها شابا، مدرستي وجامعتي على أرض البيادر سوف أبقى أطرز مهجتي بشذى عبيري..
– اختلفت حياة المواطن بعد الحرب الكونية الظالمة على بلدنا ..هل أفردت لهذا الجانب شيئا في قصائدك؟
صرخت منذ بدايتها يا بن شعبي وشقيقي لا تغامر بمصيري ومصيرك عندما تجرح قلبي إنما تجرح قلبك ومازلت أصور مخرجات هذه الحرب وما نعانيه من نتائجها نفسيا وماديا واجتماعيا.
-ماذا يحمل الزمن الماضي من إسقاطات على واقعنا الحالي؟
الماضي غني بكل شيء يجد فيه الأديب ثروة فكرية وهو حاضر في قصائدي حضورا ملفتا.
-الرمز وخلفياته كيف تجلى لديك؟
الرمز جزء عضوي في بنية القصيدة الحديثة لأن القصيدة تثير من خلاله ما يجب على المتلقي آن يدركه ويحلق في رحابه خيبات تولد من خيبات …
-الأساطير بروعتها وإيحاءاتها أين هي في شعرك؟
أسطورة سيزيف رمز العذاب الأبدي برزت في أكثر قصائدي فالأسطورة عابرة للقارات لأنها تتجسد في أنماط أولية تخص الجنس البشري كله وتبرز في أدبه وفكره…
– كنت مشرفاً على صفحة عبقر في جريدة العروبة.. كيف تقيم هذه التجربة؟
في هذه الصفحة تعاملت مع الرسائل باحترام كبير للمواهب الشابة أثمر ثمارا أتوقع أنها رائعة وأشعر اليوم بالفرح والاعتزاز عندما أرى أسماء أدبية لامعة على مستوى الوطن العربي والتي انطلقت من صفحة عبقر.
عفاف حلاس