استكمالا لأعمال البحث والتنقيب في الموقع الأثري المكتشف في مدينة الرستن و الذي يضم لوحة فسيفسائية فريدة من نوعها على مستوى العالم والتي أعلنت عنها المديرية العامة للآثار والمتاحف العام الماضي تم الإعلان صباح اليوم عن اكتشاف مشهد جديد من ضمن مشاهد اللوحة القديمة يعرف في الميثولوجيا اليونانية باسم حرب القناطير وهي مشاهد لحرب بين سكان لابتيس اليونانية والقناطير المدعوين لحفل زفاف ومدون اسم كل شخص منهم باليونانية ضمن اللوحة .
مدير الآثار والمتاحف محمد نظير عوض بين أنه بخبرات وطنية اكتشفت المديرية لوحة من الفسيفساء أعلن سابقا عن مشهدين منها الأول مركزي عن إله البحر والثاني ما يرد في إلياذة هوميروس والمشهدين استثنائيين ولوحة اليوم استثنائية من حيث الموضوع والكثافة الفنية والمساحات المملوءة بها , مضيفاً : استطعنا تأمين المساحات التي ينبغي تنقيبها عن طريق شراء البيوت بالتعاون مع متحف نابو و تم اكتشاف لوحة ثانية عن حرب القناطير وكتقييم أولي من بعض الخبراء في الآثار والمتاحف تبين أنها استثنائية من الناحيتين التاريخية والفنية وهذا ليس ببعيد عن منطقة الرستن حيث تحتضن تحت ركامها بقايا من مملكة اريتوزا بدءا من الفترة الإغريقية واستمرت خلال المرحلتين الرومانية والبيزنطية وفيها اللقى والمكونات الأثرية إضافة إلى مجاورتها مملكة حمص , وأضاف عوض انه لم يكن من المتوقع خلال المتابعة الحصول على هذا الأثر الذي يعود إلى النصف الأول من القرن الرابع الميلادي ..
معاون مدير الآثار ومدير التنقيب ومدير البعثة في الرستن الدكتور همام سعد أشار أن الجميع يعلم اكتشاف اللوحة الفسيفسائية السابقة وكيف كانت بدايتها في عام 2018 عندما تحررت المدينة ووصلت معلومات عبر الجهات المعنية انه تم العثور خلال حفر الأنفاق على مشهد لكن ماهية المشهد لم تكن معروفة وخلال الحفر تم اكتشاف المشهد الأول إله بوزيدون إله البحر مع زوجته تجرها العربات وحوله مجموعة من حوريات الماء وبالتعاون مع متحف نابو في بيروت تم شراء منزلين وبالتالي بدأت أعمال التنقيب في المرحلة اللاحقة وتم الكشف عن المشهد الأول الذي يمثل الإله بو زيدون ومع توسع الأعمال بدأت تظهر عناصر معمارية منتشرة حول لوحة الفسيفساء إضافة إلى بوابة صرحية مهمة وعثر على بقايا لرسوم جدارية على إحدى النوافذ و مع استمرار الأعمال تم العثور على مشهد آخر هو المشهد المركزي ضمن إطار دائري يمثل حرب الامازونات طبعا هذين المشهدين أهميتهما أنهما مذكورين في الميثولوجيا اليونانية في إلياذة هوميروس وكان الخلاف بأنه كان هو المشهد الأول الذي يمثل على مستوى العالم وموجود و لا يوجد مثيل لهذه المشاهد على لوحة فسيفساء إلا في الرستن وهذا ما أعطاها الأهمية الاستثنائية والعالمية .
وأشار سعد انه يوجد مشاهد معروفة في منحوتات ورسوم جدارية لكن على لوحة فسيفساء هي الأولى في العالم ومع استمرار الأعمال لمعرفة حدود هذه اللوحة استمرت الأعمال باتجاه الطريق وللأسف الطريق كان بمثابة العائق ولذلك تم إجراء سبر المقطع و العثور على مشهد آخر . وهذا المشهد أيضا استثنائي وهو مشهد يمثل حرب القناطير المذكورة في إلياذة هوميروس مع شخصيات تم العثور على الأسماء بالكامل وهي أسماء جديدة تختلف عن إلياذة هوميروس حيث أن الأسماء الموجودة على اللوحة مذكورة ضمن اللوحة ولم تذكر ضمن إلياذة هوميروس وفي القرن الأول الميلادي اوفيد وهو المؤرخ الروماني ذكر حرب القناطير منوها أن حرب القناطير هي حرب اندلعت بين مايعرف باسم شعب اليونان اللبيتس و القناطير وكانت بالأساس هي لها رمزية مهمة وتعني الوحشية القنطور هو نص الجسد حصان والجزء العلوي إنسان وضمن المشاهد نجد تفاصيل هذه الحرب من قيام بالقتل من قبل القناطير لشعب اللبتيس والعكس أيضا إضافة إلى ذلك هناك تفاصيل مذكورة عند اوفيد عندما قام احد القناطير بقتل احد اللبتيس بإناء وهذا الإناء أهميته أنه مرسوم ضمن المشهد في لوحة الفسيفساء ولفت سعد أن الأهمية الأخرى تكمن بالعثور على بقايا لوحة أخرى من العصر البيزنطي القرن الخامس ميلادي فيها مشاهد موجودة لكن للأسف مدمرة في اغلبها كما تم العثور على قطعة نقد تؤرخ فترة جوليان الجاحد او جوليان الفيلسوف ولا ننسى بأن منطقة الرستن قريبة من مملكة أفاميا التي اكتشف فيها لوحات فسيفسائية لها علاقة بالفكر الفلسفي الأفلاطوني مؤكدا أن اللوحة غير معروفة حدودها حتى الآن ويتم العمل على اكتشافها بالكامل .
المهندس حسام حاميش مدير آثار حمص أوضح أن استكمال أعمال التنقيب في الموقع ذاته استمر لمدة شهر ونصف الشهر تبين وجود مشهد آخر من اللوحة التي لم تكتمل إلا من الشمال والجنوب أما من الغرب والشرق فاللوحة مستمرة تحت الطريق العام المجاور وهذا يحتاج إلى تحضير بنية لوجستية مع مجلس مدينة الرستن سنتفاوض مع الجوار لشراء المنزل بالسعر الرائج بتمويل من متحف نابو
يوسف بدور