مع استمرار ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء باتت موائد الغالبية العظمى من العائلات السورية خالية من تلك القيمة الغذائية.. في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي تعاني منها شريحة واسعة.. وقد أصبحت تلك الوجبات اليومية التي تحتوي على اللحوم بعيدة المنال بعد أن وصلت أسعارها إلى مستوى قياسي غير مسبوق.. وحاليا يبدو أن هذا الارتفاع الجنوني في أسعار اللحوم والأضاحي قبيل أيام من عيد الأضحى سيحول العيد نباتيا لعدم قدرة المواطن على شراء الأضحية التي تعود ذبحها في أول أيام العيد ولسقف مبيعها المفتوح من قبل القصابين.. وهذا لا يعني أن أسعار الخضار والفواكه ليست مرتفعة قياسا لضعف الدخول التي باتت لا تكفي سوى أيام…
تقول إحدى السيدات : أصبحنا نحلم بتناول اللحوم الحمراء وحتى البيضاء فمع ارتفاع أسعارها الخيالي بات من المستحيل وجودها على موائدنا والتي لا تحتمل سوى صنف واحد من الخضار.. فسعر كيلو البندورة البلدية ٢٣٠٠ ليرة والبانياسية ١٥٠٠ – ٢٠٠٠ والخيار البلدي ٢٣٠٠ وخيار (بذرة بلدية) ١٥٠٠ – الفاصوليا العيشة ٦٠٠٠ ليرة الملوخية (مفرطة) ١٢٠٠٠ ليرة ,البامية ٩٠٠٠ ليرة أما الكوسا (محشي) ٢٧٠٠ ليرة والباذنجان الأسود (محشي) ٢٠٠٠ ليرة أما المشمش ٥٠٠٠ – ١٠٠٠٠ حسب النوع ,الدراق ٤٥٠٠ – ٦٥٠٠ ليرة والخوخ ٤٠٠٠ – ٥٠٠٠ ليرة والكرز الأسود ١٢٠٠٠ ليرة والموز ١٣٠٠٠ ليرة.
وخلال جولة لـ”العروبة” على عدة محال القصابين لاحظنا أن سعر كيلو لحمة الغنم (الخروف) المسوفة (مع ٢٥ ٪ دهن) ٨٠ ألف ليرة وإذا كانت نسبة الدهن ٥٠٪ سعر الكيلو ٧٠ ألف ليرة.. وكيلو العجل ٧٥ ألف ليرة ومع نسبة دهن ٢٥ ٪ يصل كيلو العجل إلى ٧٢ ألف ليرة والبقر ٥٢ ألف ليرة … في حين وصل سعر كيلو شرحات الدجاج إلى 35 ألف ليرة.
أبو تيسير قال: إنه “يعتمد منذ افتتاح صالة للسورية للتجارة في حيه على الشراء من الصالة لأنها أرخص بنسبة كبيرة من السوق، وهو لا يجد فرقا واضحا في طعم و مذاق اللحوم المباعة فيها عن باقي القصابين ولكن المشكلة أن صالة السورية للتجارة لا تتيح إمكانية شراء أنواع مختلفة من اللحوم أحيانا واختيار قطعة اللحمة التي ترغب بها لعدم تواجد النوع أو ربما وجود اللحوم المقطعة مسبقا بشكل لا على التعيين وبالتالي الالتزام بوزن محدد.. في وقت قد يرغب الزبون بشراء كميات أقل في ظل الغلاء (الأوقية أو نصف الأوقية ) مثلا تبعا للظروف المادية .
وأشار القصاب أبو مصطفى أن أسعار اللحوم المرتفعة دفعت من يرغب بالشراء التوجه إلى صالات السورية للتجارة , مؤكداً أن تلك الصالات تبيع اللحوم مفرومة ومقطعة مسبقاً، حيث لا يمكن للزبون معرفة القطعة التي حصل عليها من أين اقتطعت وهل هي فعلاً أخذت من خروف أو أنها لحم مجمد، علماً أننا لو قمنا بالبيع بهذا الشكل في محلاتنا نخالف من قبل مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك ، والتي قد تغلق المحل في حال وجدت كمية من اللحوم مفرومة مسبقاً منعا للغش..
عز الدين أحد المربين أشار أن فترة ولادات المواشي تخفف من عرضها في الأسواق مما يرفع سعرها إضافة إلى وجود المراعي الخصبة بعد موسم أمطار تجعل المربين يتوقفون عن البيع لتسمين القطيع وتقليل شراء الأعلاف مما يجعلهم يحققون أرباحا أكثر.. ونوه أن الارتفاعات المتتالية بأسعار الخراف الحية بدأت منذ بداية العام الجاري ، لتصل خلال عدة أشهر إلى أرقام جنونية وهو ما يعد سابقة في أسعار المواشي التي ارتفعت بنسبة وصلت إلى 100٪ .
وأكد أن شراء الأضاحي واللحوم أصبح حكرا على المقتدرين مادياً “الأغنياء” فقط وذلك لوصول الأسعار إلى مستوى قيمة أجور ورواتب الموظفينَ، وتساءل :أين دور الجهات المعنية الرقابة في ضبط الأسعار أو تقديم دعم للمنتجين للسماح لهم بخفض أسعار منتجاتهم.
“القصاب” عبد الرحمن قال : عدد الذبائح انخفض كثيرا مقارنة بعيد الفطر وشهر رمضان وهانحن قبيل عيد الأضحى المبارك وحركة البيع والشراء شبه متوقفة
وأضاف :نحن ندرك أن الأسعار الحالية للحوم تفوق قدرة الشريحة الأكبر من المواطنين بالنظر إلى الرواتب والأجور التي لا يتجاوز سقفها ١٥٠ ألف ليرة وهي لا تكفي لعدة أيام حتى وإن اكتفى المواطن بشراء المستلزمات الضرورية فقط..
وأشار أحد أعضاء جمعية اللحامين (فضل عدم ذكر اسمه) أن التهريب مازال مستمرا وأنه يساهم بارتفاع الأسعار، إضافة لعدم قيام تجار الأعلاف على الرغم من توافر المراعي بتخفيض أسعارها، فهم يخزنونها لوقت لاحق.
وأوضح أنه على الرغم من أن حركة البيع والشراء ضعيفة جدا، إلا أن الأسعار لم تشهد انخفاضاً ، و كان متوقعا منذ أشهر أن تواصل الأسعار ارتفاعها ، خصوصا مع توجه المربين نحو الرعي … وبالتالي قلة عدد الذبائح ما ينعكس على رفع الأسعار وانخفاض البيع، وهذا ما نلمسه اليوم بالفعل قبيل عيد الأضحى.
بقي أن نقول:
بعض المعنيين يؤكدون أن سبب ارتفاع أسعار اللحوم والأضاحي يعود أولا إلى قرار الحكومة السماح بالتصدير، بالإضافة إلى التهريب وارتفاع كلف الأعلاف والنقل وقلة المراعي الخضراء… والمواطن المسكين بقي مغلوبا على أمره لا يعلم كيف سيتدبر أمور معيشته الصعبة والتي يقف فيها عاجزا عن تحمل المزيد من الضغط النفسي والمادي في ظل قرارات بعيدة كل البعد عن الواقع المعاش….
بشرى عنقة
تصوير :ابراهيم حوراني