رغم أن الحرب سلبتها زوجها وبيتها إلا أنها لم تتمكن من سلب السيدة محاسن إبراهيم منها الحياة والإصرار على إكمال المشوار وإعالة أولادها الثلاثة ..
لـ”العروبة” تقول محاسن إبراهيم: في ليلة وضحاها تغيرت حياتي وانقلبت الموازين… كنت أقطن في حلب مع زوجي الذي استشهد عام ٢٠١١ دفاعا عن تراب الوطن وبلحظة وجدت نفسي وحيدة ومعيلة لثلاثة أطفال… لكنني لم اسمح للظروف أن تهزمني…
حاولت استيعاب الصدمة وعدت إلى قريتي وضعت أحزاني جانبا واخترت مواجهة الحياة..
وكانت الزراعة نافذتي الوحيدة وبدأت بمشروع أسري في حديقة منزلي لإنتاج السماد العضوي الفيرمي كومبوست المنزلي وأثبت نجاحه بعد التجربة وأصبح جيراني وأقربائي يشاركونني العمل وأصبح المشروع ملكاَ للجميع..
ولأجعل الجميع يستفيد من تجربتي لم أحجب معلومة عنهم جمعتها طيلة سنوات وشاركت في المعارض والندوات في الجامعة والمعاهد والتجمعات كالمعسكرات البيئية للطلبة واستقبلت المئات في حديقتي أطلعهم على تجربتي لتنتشر ويستفيد الجميع وتحول بيتي من بيت الأحزان إلى بيت التحدي والنجاح…
المشروع هو عملية تدوير النفايات الطبيعية وتحويلها لمادة ذات قيمة هي (الفيرمي كومبوست ) نقدم هذه المخلفات للديدان المتخصصة والتي تشبه بالشكل ديدان الأرض العادية لكن لها خصائصها البيولوجية حيث تقوم بهضم النفايات الطبيعية بعد تحللها بواسطة جهازها الهضمي …تفككها وتخرجها على شكل حبيبات صغيرة نسميها مصبوبات دودية غنية بالنشاط الميكروبي وبمنظمات نمو النبات ومحصنة بسمات مقاومة الآفات ومليئة بالعناصر المغذية للنبات وتحسن وتخصب التربة فهي تحوي أضعافاَ مضاعفة من النتروجين والبوتاسيوم والكالسيوم والفوسفور إضعاف الموجود منها في التربة السطحية.
وعن زراعة الديدان في البيئة قالت إبراهيم: لها خمسة مبادئ أساسية وهي بيئة معيشية نسميها فرشة مصدر للغذاء ورطوبة كافية وتهوية وحماية من الحرارة العالية والمتدنية وزراعة الديدان في أحواض يسهل العمل فيها ..
وقالت :أقوم بقياس الحوض الذي نزرع فيه الديدان و هو بعرض متر وارتفاع ٤٠سم ويجهز أسفل الحوض بحيث يكون مائلاً لجهة واحدة لتصريف مياه الري الزائدة عن حاجة البيئة ونستطيع استخدام أي احواض ملمة بهذه الشروط مثل هياكل براميل أو صناديق أو على شكل أكوام
أما غذاء الديدان فيوجد لها أطعمة مسموحة وهي روث الحيوانات العاشبة بعد أن تخضع لعملية تخمير ومخلفات المطبخ من خضار وفواكه وأعشاب الحديقة وأوراق الأشجار والكرتون الخالي من الحبر والصبغات..
أما الممنوع فهو البصل والثوم والدهون والشحوم والبروتين العالي والمواد التي تحوي الشمع والصمغيات..
وآخر مرحلة هي عملية الفرز للأحواض وهنا نتوقف عن وضع الطعام للديدان في الحوض لمدة لا تقل عن ٢٥ يوماَ.
ونضع طعاماَ جديداَ مع ترطيب للبيئة الجديدة فينتقل الدود عليها ونحتاج لفترة ٤٥ يوماَ لتفقس الشرانق وتنتقل معظم الديدان للبيئة الجديدة
ثم ننقل الدبال إلى غرفة تهويتها جيدة ليجف السماد قليلا ويسهل غربلته ونحصل على منتج رائع يسمى الذهب الأسود” الفيرمي كومبوست “وهو السماد الأفضل في العالم بشهادة الخبراء والمتخصصين بالتحليل المخبري ..
محاسن إبراهيم نموذج آخر يثبت أن المرأة السورية لن تضعفها الظروف وأنها أقوى من كل التحديات…
محمد بلول