قامة كبيرة في الشعر والأدب… عبد الكريم الناعم : داخل كل شاعر ناقد وأميل للشعر الراقي الذي يحمل البساطة مع العمق…
الشاعر والأديب عبد الكريم الناعم يكتب شعر التفعيلة وله تجربة بالشعر المحكي باللهجة البدوية وأخرى تعد من النثريات وككل البدايات في اليفاع وفي المرحلة الإعدادية كان له ميل إلى قراءة الكتب الأدبية والفكرية و بدأ في كتابة أبيات شعرية ومع مرور الزمن والقراءات المتتابعة للشعر والكتب الفكرية في منتصف خمسينيات القرن الماضي و ما قبل كان هناك نشاطات فكرية شكلت منابع لما جاء في كتبه، فكانت أول مجموعة له عام ١٩٦٥ في وزارة الثقافة ثم تتالت الكتابات فأصبح لديه٣٠ مجموعة شعرية معظمها من إصدار وزارة الثقافة واتحاد الكتاب, وكتاب شعري في تونس وفي عمان…
وردا على سؤالنا حول كتاباته النقدية أجاب: داخل كل شاعر ناقد فهو ينقد قصيدته أولاً ويراجعها… صدر لي أربعة كتب في النقد التطبيقي التحليلي و هناك مجموعة شعرية متميزة في نوعيتها وفي زمانها فأول كتاب صدر عن وزارة الثقافة عن عشرية ما حل في هذا البلد بعد الحرب الكونية ، والقصائد مأخوذة عن واقع الحرب بمعالجة شعرية، هناك أيضا كتاب فكري (حمأة الإخوان والوهابية) وكتب عن أصول هذه الحركات المتطرفة وأفكارها وأخطارها….و لدي ٣٩ كتابا عن ذلك كان آخرها مدارات (3).. الأولى تتحدث عن سيرة زمن الطفولة حتى عام ١٩٦٣ ليست سردا إنما تحمل عناوين منفصلة لكنها مرتبطة بمجموعة أفكار، والثانية (سيرة أحداث ومدارات) والثالثة (سيرة حيوات) لأناس بسطاء لكنهم ممتلئون بطاقة إيجابية…
وسألناه هل يفضل الشعر المحكي أم الموزون والتفعيلة؟ فأشار أنه يكتب القصيدة الفصيحة العمودية بنظام التفعيلة، و أن لديه تجربة واحدة بالشعر المحكي باللهجة البدوية(الحزن والناي) لكنها معالجة بطريقة الصور الحديثة، كما نوه أنه يميل إلى الشعر الفصيح لأنه أثبت في الذاكرة وأكثر انتشاراً .
وكان للشاعر الناعم زواياه الصحفية تحدث عنها قائلا :في العروبة ومنذ ستينيات القرن الماضي كنت أعالج بعض المشكلات الاجتماعية وكل ما يواجهه الإنسان من صعوبات الحياة وما من جريدة في سورية إلا و نشرت هذه الزوايا والكتابات النقدية والفكرية، وتوقفت منذ ثلاثة أعوام لأسباب خاصة لكن بقيت لي زاوية واحدة أكتبها لجريدة البعث تصدر كل ثلاثاء..
وحول سؤال أيهما يفضل لغة الشعر الصعبة أم البساطة فقال: أميل للشعر الراقي الذي يحمل البساطة مع العمق أي السهل الممتنع أما الشعر المعقد والصعب الذي تحتاج فيه إلى مفك لفك طلاسم الشعر وفك الصورة وتركيبها فهذا لا يستسيغه القارئ و لا يكتب له الحياة وان كنت أقرأ للبعض يكتبون بهذه الطريقة لا يستطيع آن يقرأها إلا من كان لديه إلمام عميق جداً بمفردات اللغة العربية الجزلة الصعبة.
و حول ماهية اهتمامه بالتراث واستحضار الماضي في كتاباته الشعرية تحدث قائلا: أنا ابن هذا التراث و أبحث في كتبه لكني لا أومن بكل ما فيه لأن فيه الغث والسمين ، وفيه العميق والسطحي لكن الثقافة العربية ضرورية جدا لكل من يكتب، ومن يبتعد عن التراث يبتعد عن جذوره .
المكان يخلق نسيجا شعريا متماسكا يصل بنا إلى الثبات في الوطن، حدثنا الشاعر عن كيفية توظيفه في شعره قائلاً: الزمان والمكان لا يمكن الانفصال عنهما والمكان ليس فقط الطبيعة والجغرافيا والبيئة والتضاريس إنما المهم كيف نعبر عنها وكيف نقدمها فالتعبير يختلف بدرجة حساسية الكاتب, و الطبيعة الجميلة الفاتنة لابد أن تترك أثرها على الذين يكتبون عنها ، والشعراء من أصحاب الطبيعة الجرداء القاحلة حاولوا التعويض بمواضيع أخرى غنية بعلاقات إنسانية راقية.
وعن كتاباته النثرية قال: لدي مجموعة صدرت عن وزارة الثقافة أسميتها (ليس شعرا) ترصد مشاعر داخلية وتوق وأشياء صوفية ورمزية ورؤية الكون وهذا الكتاب النثري الوحيد و يعتبره البعض شعرا..
وعن أحداث اليوم قال: أنا ابن هذه الأحداث والأحزان كوني شاعرا حساسا ولذلك فإن القصائد لا تنفك عن الوقائع التي تجري في محيط الشاعر و ما تحمله من قيم أدبية إن كان شعرا أو روايات أو مقالات.
قصائده الوجدانية الغزلية قسم فيها شعره إلى جانبين جانب ملتزم بالقضايا القومية والاجتماعية والتقدمية والوحدوية ويشكل ثلث إنتاجه آما الباقي فكله قصائد وجدانية…
وعن شعراء جيله والفرق بينهم وبين شعراء اليوم قال: شعراء جيلي كان لديهم غنى بالشعر الإنساني النابض أذكر منهم محمد عمران وفايز خضور وممدوح سكاف وممدوح عدوان خاصة شعراء حمص التي لم تنقطع فيها الأجيال الشعرية منذ ديك الجن الحمصي حتى اليوم ثم جاء عبد النبي تلاوي وحسان الجندي ومحمود نقشو.
و هناك جيل جديد كأسد الخضر ومحمد علي الخضور وأصوات نسائية مثل فطمة البديوي وقمر صبري الجاسم.
وعن المرأة في شعره قال: هي كالنفس في حياة الإنسان فهي عنصر أساسي وجوهري في الحياة.
أما الجوائز والأمسيات ودورها في حياة الأديب فقد اعتبر أنها تختلف من زمن لآخر كان يدعى إليها كبار الشعراء والكتاب والنقاد، والملاحظ الآن هبوطاً في المستوى وقلة عدد الحضور لأسباب كثيرة معقدة منها الواقع الاقتصادي والاجتماعي ، كما أن مهرجانات حمص كانت من أرقى المهرجانات بشهادة العديد من الكتاب العرب و اعتبرت حمص عاصمة الثقافة والشعر …
حوار : عفاف حلاس