لعبت حمص دوراً تاريخياً مهماً على مر العصور نظراً لموقعها الاستراتيجي المتوسط واشتهرت نتيجة لنشاط الحركة التجارية فيها بالأسواق المتخصصة، والتي تعرف اليوم باسم الأسواق الأثرية …
بنيت تلك الأسواق وفق الطراز المعماري المملوكي ذي القناطر المزدانة بالنجوم الزخرفية وهي شارع النوري و سوق البازرباشي وسوق الكندرجية وسوق الصاغة وسوق القطايف وسوق التنكجية وسوق المعرض وسوق المنسوجات وسوق العرب (العبي) وسوق الخياطين وسوق الفرواتية وخان القيصرية… بضجيجها الحميمي الذي يحدثه باعتها وزبائنها على صفحة أرضها البازلتية الشهيرة، تشكل الأسواق الأثرية القديمة المتماثلة في نمط العمران وسط مدينة حمص، ملتقى اجتماعياُ واقتصادياً ومعلماً أثرياً مهماُ وعلى الرغم من احتفاظها بجمالياتها وطابعها الأثري لردح طويل من الزمن قبل الحرب، إلا أنها ما لبثت أن تعرضت لانتكاسة قاسية جراء ما لحق بها من تدمير ونهب ممنهجين خلال سنوات الحرب…
“العروبة ” جالت في الأسواق الأثرية و التقينا عددا من التجار الذين آثروا العودة لمحالهم رغم الصعوبات وضعف الخدمات…
عزمي قباقيبو أحد تجار السوق المسقوف عاد إلى محله في سوق المعرض تحدث عن الجهود السابقة التي بذلت لإعادة الحياة إلى السوق وترميمه مع الحفاظ على هويته وهي جهود كبيرة و لكن محله يقع في منطقة مكشوفة لم يتم استكمال سقفها وهو أمر يؤثر على العمل بشكل سلبي صيفاً و شتاءً و يضطر للاستعانة بشوادر للتعويض عن السقف راجياً أن تنال أسواق حمص الاهتمام الكافي و مد يد العون من خلال التشبيك مع الأمانة السورية لجمع الجهود واستكمال ترميم الأسواق الأثرية في حمص …
التاجر سامر حصرية في سوق الحرير أكد أن العودة للأسواق خطوة جبارة كان الدافع الأساسي لها المرسوم رقم ١٣ الذي أعفى أصحاب المحال في الأسواق الأثرية من كافة ضرائب الدخل بالإضافة لجهود الجهات المعنية لتأمين الخدمات الأساسية في قسم من السوق كان لها دور كبير ومهم…و ننتظر اليوم استكمال ترميم باقي الأسواق لتعود الناس لحالها باختصاصاتها الكاملة حتى تكمل الأسواق بعضها البعض و تعود لسابق عهدها قبل الحرب.
سامر صابرين تاجر في السوق المسقوف تحدث عن الميزة الجمالية لأسواق حمص وتنوع المهن و تحدث عن المرسوم ١٣ لعام ٢٠٢٢ الذي أعطى مهلة إعفاء ضريبي حتى العام ٢٠٢٧ و دوره كدافع كبير ومهم لعودة النشاط التجاري للأسواق الأثرية وننتظر اليوم بفارغ الصبر اهتمام الأمانة السورية لترميم باقي الأسواق أسوة بحلب …
علي نوح تاجر من تجار السوق المسقوف أكد أن عودة التجار سببها حب الناس لمحالهم و محال آبائهم وتوجه برسالة لكل تاجر غيور للتعاون مع الجهات المعنية والإسراع بالعودة مشيراً أن الجهات المعنية من مجلسي المدينة والمحافظة، عملا مع المنظمات الأممية بالتعاون مع المجتمع الأهلي والتجار على إعادة تأهيل قسم من السوق بشكل تدريجي مع تأمين الخدمات الأساسية..
وشيّدت الأسواق في حمص القديمة خلال الفترتين الأيوبية والمملوكية الممتدتين بين 1300 و1400 ميلادي، وأخذت تسمياتها بحسب المهنة المزاولة فيها والبضائع التي تبيعها وتطورت لتصبح على شكلها الحالي. لابد لنا من الإشارة أن عدد التجار الذين عادوا إلى محالهم يقدر بحوالي ٤٠٠ تاجر و الحركة التجارية تشهد تحسناً تدريجياً …وكانت بدأت أعمال الترميم عام 2015، بإشراف المحافظة ومجلس المدينة وبالتنسيق بين مديرية الآثار والمتاحف بحمص وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي للحفاظ على طابعها الأثري,وتم ترميم قسم من السوق ومازال قسم كبير بحاجة لاستكمال أعمال الترميم…..
العروبة- هنادي سلامة – محمد بلول