التسرب  المدرسي…أسبابه وتأثيره السلبي على المجتمع !!  د. مها إبراهيم : يزيد من الأمية والبطالة ويضعف البنية المجتمعية إعادة 429 طالبا متسربا  و295 طالبا إلى الفئة “ب”..

رغم المساعي والجهود التي تبذل من أجل الحد من ظاهرة التسرب المدرسي وإيجاد الحلول المناسبة لتفاقم هذه الظاهرة نظرا لتأثيرها السلبي والخطير على المجتمع وعلى  نجاح العملية التعليمية  ،إلا أنها مازالت منتشرة في مدارسنا وفي كل المراحل التعليمية وبصورة متفاوتة. ..

و للوقوف على أسباب هذه الظاهرة وتداعياتها   ” العروبة “رصدت آراء عدد من مدراء المدارس والمختصين في هذا الشأن…

ميسون عدرا مديرة مدرسة نظير النشيواتي  أشارت أن حالات التسرب من المدرسة ملموسة في الصف الثالث الثانوي فقط, و إذا كان المقصود بالتسرب الغياب الكامل فإن هذه الفئة قليلة ويتخذ بحق المتسربين إجراء ترقين القيد وتحويلهم للدراسة الحرة ،وعندما يتجاوز الغياب 16 يوما يتم إبلاغ الأهل وتوقيعهم على إنذار غياب يتضمن توضيح الحالة ، وهناك حالات غياب متقطع و لا يمكن تبرير الغياب  إلا عن طريق الصحة المدرسية بموجب إحالة صحية يطلبها الأهل ولا تقبل في المدرسة التقارير الطبية الموقعة من طبيب خارج إطار الصحة المدرسية ،ويمكن للأهل الاستعانة بالتقرير لتوثيق حالة المرض والموافقة على هذا التقرير ، وأرجعت حالة الغياب إلى قيام  بعض الطلاب بتلقي الدروس الخصوصية ابتداء من بداية فصل الصيف ولا يمكن بأي حال من الأحوال استكمال كامل المنهاج خلال عطلة الصيف ويتم استكماله خلال العام الدراسي…

ريم علي مديرة مدرسة كاسر الضاهر  قالت: يوجد حالات تسرب.. خاصة في الصف الثالث الإعدادي  وكل حالة لها سبب مختلف عن الآخر ” زواج، فقر, عدم رغبة  بمتابعة الدراسة، والرسوب في الصف ”  وبينت أنه يتم الاتصال بالأهل بعد غياب يومين  وإذا لم يستجبوا  يتم إرسال إنذار للطالبة … وأضافت :بعد أن يبلغ عدد أيام غياب  الطالبة 15 يوما تعتبر متسربة و يتم إبلاغ مديرية التربية  وفي حال رغبت الطالبة بالعودة بعد التسرب تحضر ورقة من شعبة التعليم الإلزامي  اسمها ” عودة بعد  التسرب”.. ويتابع موضوع التسرب المرشد النفسي وأمين السر والموجهات ،  ويبلغ عدد الطالبات المتسربات في الصف الثالث الإعدادي 15 طالبة وفي الصف السابع  أربع طالبات .

نجاة إبراهيم رئيس شعبة التعليم الإلزامي قالت : تهدف التربية في مرحلة التعليم الأساسي إلى بناء شخصية المتعلم المتوازنة عن طريق اكتساب المعارف والمهارات والقيم التي تمكنه من تطوير نفسه واستخدام التقنيات والتفاعل مع القضايا الاجتماعية بشكل ايجابي وفق مستواه العمري وتوظيفها  في المواقف الحياتية وتهيئته للمرحلة  الثانوية ،لذلك كان التعليم في هذه المرحلة مجانيا وإلزاميا، ونتيجة الظروف التي مرت بها بلدنا من  (الحرب والعقوبات الاقتصادية ) تسرب العديد  من الطلاب ويعد الطالب متسربا إذا بلغ عدد أيام غيابه غير المبرر 15 يوما متواصلا ولكن تطبيقا لإلزامية التعليم في هذه المرحلة  وحرصا على عودة الطلاب  إلى مقاعد الدراسة يتم التأكيد على مدراء المدارس وبالتعاون مع مشرف التعليم القيام بالتواصل مع الأهل لإعادة أبنائهم ،فيعود الطالب إلى الصف الذي تسرب منه ،وإذا كانت مدة تسربه أكثر من عامين فيحال إلى الفئة “ب “، حيث يعتبر تلاميذ هذه الفئة هم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين (8-15)سنة ولم يسبق لهم الالتحاق بالمدرسة( مازالوا أميين )أو المتسربين أو المنقطعين لأكثر من سنة وليس لديهم تحصيل علمي بما فيهم الأطفال الذين خضعوا لبرامج تأهيلية بالمراكز التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية ومحالون إلى مديريات التربية بحيث يقبلون في شعب خاصة ملحقة بمدارس التعليم الأساسي وفق مستوياتهم التعليمية ( كل مستوى يعادل صفين دراسيين ) ويطبق عليهم منهاج وخطة دراسية يوضعان من قبل الوزارة لهذا الغرض بحيث يجتازون الصفوف من الصف الأول حتى الصف الثامن وفق الخطة والمنهاج الموضوعين بأربع سنوات.. وأضافت :تبدأ إعادة الطلاب وفق تسلسل دراسي يعطى من المدرسة وذلك منذ اليوم الأول من الدوام حتى نهاية العام الدراسي  وتمت إعادة 429 طالبا إلى الصفوف التي تسربوا منها و295 طالبا إلى الفئة “ب” وفق المستويات المناسبة حتى غاية 31-10-2023, ومازلنا نستقبل الطلاب المتسربين أو المنقطعين بشكل يومي حرصا منا على إعادتهم إلى مقاعد الدراسة وتحقيق مبدأ إلزامية التعليم  كما قامت مديرية التربية بدورات مجانية في مدارس الفئة “ب ” وذلك لتعويض الفاقد التعليمي للطلاب ورفع مستواهم…

أسباب متعددة

عضو الهيئة التدريسية في كلية التربية بجامعة البعث  الدكتورة مها إبراهيم  أرجعت التسرب المدرسي لعدة أسباب منها  أسباب مدرسية (النظام التعليمي والنظام التربوي ) فالمدرسة نفسها قد لا تكون  بالمستوى الذي يريده التلميذ, كذلك المناهج التربوية قد لا تلبي في أغلب الأحيان حاجات التلاميذ، و المدرس نفسه  قد يكون  من المتسببين في نفور التلاميذ من المدرسة بسبب نقص الكفاءة أو الإعداد  الأكاديمي والمهني بالإضافة إلى استخدام العقاب الجسدي  والمعنوي من  قبل بعض المعلمين أو إدارة المدرسة والذي قد يؤدي إلى تسرب التلاميذ من المدرسة..

وأضافت : هناك أسباب عائلية أيضا فسوء الأوضاع الاقتصادية  يجبر  التلاميذ إلى ترك مدارسهم بحثا عن عمل بهدف زيادة دخل أسرهم وتحسين مستوى معيشتهم، وبينت أن  التفكك الأسري  (الطلاق ) له اثر سيء في تشتت الأطفال  النفسي بين الأبوين ما يؤدي إلى ضعف تحصيلهم الدراسي  ومن ثم تسربهم من المدرسة . وأشارت إلى وجود أسباب أخرى “داخلية أو ذاتية”تتمحور حول  عدم فهم التلميذ لما يتعلمه  وصعوبة الاكتساب المعرفي مع صعوبة وجود حلول لوضعه هذا قد يؤدي إلى الهروب من المدرسة..

 عامل إحباط

وحول تأثير التسرب المدرسي على العملية التعليمية أشارت  أن انقطاع التلميذ عن المدرسة يؤدي إلى الارتداد إلى الأمية من ناحية والتحاقه بسوق العمالة أو انحرافه من ناحية أخرى ،   وبالتالي فإن زيادة الأمية يعتبر بحد ذاته عاملا محبطا ومعيقا لعملية التنمية الشاملة اجتماعيا واقتصاديا ،لأن الفرد الأمي يصبح فردا مستهلكا فقط وغير قادر على العطاء بل ويصبح عالة على المجتمع ،كما أن التسرب يؤدي إلى عدم امتلاك الفرد للمعارف والخبرات والمهارات التي تؤثر في نضجه العقلي والنفسي والاجتماعي والتربوي والوجداني وفي نمو شخصيته وقدرته بما يؤهله على مواصلة الحياة بشكل سليم ، أيضا يؤدي  إلى استمرار الجهل والتخلف وبالتالي  سيطرة العادات والتقاليد التي تعيق تطور المجتمع حيث أن انخفاض الوعي التربوي والاجتماعي لدى الأفراد سينعكس على مدى قدرتهم على إدراك الأخطاء التي تحيط بهم ،  وبالتالي  تعتبر مشكلة ترك المدرسة والتسرب منها وهروب أعداد من التلاميذ إلى الشارع أو إلى مجالات العمل المختلفة من  المشاكل الاجتماعية والاقتصادية  ذات الأهمية البالغة التي تؤدي إلى إضاعة الطاقات والجهود دون استغلال ايجابي لها  .

 مواجهة الحياة   

أما تأثير التسرب المدرسي على عمالة الأطفال فإنه بمجرد ترك الأطفال لتحصيلهم الدراسي سيواجهون الكثير من الصعوبات وعليهم مواجهة الحياة بقدراتهم  الصغيرة من خلال تعلم طرق جديدة للبقاء على قيد الحياة  لتحصيل الموارد اللازمة للعيش  و ممارسة الأنشطة والأعمال التي تؤمن لهم الدخل ولكن بسبب ضعف المستوى التعليمي وصغر السن نجد أن الطفل يمارس الأنشطة والأعمال غير المناسبة وغير المريحة والمستقرة والخطيرة في أكثر الأحيان  التي تعرض الطفل لاستغلال أرباب العمل  فيجبرون على التجول في الشوارع والتسول طلبا للمال  كما يتم استغلالهم للتسول من أجل الآخرين وممارسة أعمال غير  مشروعة مما يجعلهم  منحرفين وخارجين عن القانون .

أخيرا

ثمة عوامل ومسبِّبات كثيرة لظاهرة التسرُّب المدرسي و القضاء على التسرُّب يأتي عبر القضاء على مسبباته .

هيا العلي

المزيد...
آخر الأخبار