ظاهرة الانقطاع المبكر عن المدرسة تزداد خطورتها عاماً بعد آخر.. الطلاب يعتمدون على المعاهد والدروس الخصوصية رغم تكلفتها الخيالية…
بات الانقطاع المبكر عن المدرسة لطلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية ظاهرة متكررة كل عام والملفت أنها تزداد خطورة لأن مدة الانقطاع تزداد في كل مرة عن العام الفائت علماً أنه سابقاً لم يكن الطالب يفكر بالانقطاع لأشهر طويلة قبل الامتحان الأخير .. وحالياً الكثير من الطلاب انقطعوا عن المدرسة منذ بداية الشهر الجاري رغم أن ذلك مخالفة واضحة للأنظمة والقوانين التي تؤكد على أهمية التقيد بالدوام المدرسي حرصاً على مصلحة الطالب حتى يستكمل المنهاج… فما الذي يحصل في مدارسنا ويدفع الطلاب للانقطاع المبكر واللجوء إلى المعاهد الخاصة أو الدروس الخصوصية والاستغناء عن المدرسة ؟؟
“العروبة ” زارت مدارس واستطلعت آراء المدراء والمدرسين وبعض الطلاب و ذويهم لمعرفة أسباب هذه الظاهرة المتزايدة .
مع الطلاب
أحمد طالب ثالث ثانوي علمي قال : مع نهاية الفصل الدراسي الأول سأنقطع عن الدوام في المدرسة فأنا ملتزم بالدوام في أحد المعاهد القريبة والتي ينهي المدرسون فيها المنهاج قبل المدارس العامة وهذا مريح ومطمئن,و سأتفرغ للدراسة والمراجعة بشكل منظم, فالمنهاج كثيف ويحتاج لكثير من الوقت .
ليلى طالبة ثالث ثانوي فرع أدبي قالت : وجدت أن الالتزام بالدروس الخصوصية أفضل حيث أتمكن من استيعاب المقررات بشكل أسهل ومن مناقشة المدرسين في أي فكرة لا أفهمها و هذا أفضل من أن أكون ضمن شعبة صفية مزدحمة لا وقت فيها للمدرس للإجابة عن تساؤلات جميع الطلاب لضيق الوقت لهذا وجدت أن الانقطاع المبكر عن المدرسة هو الحل …وأشارت أنها تبرر الغياب بإحضار تقرير طبي من الصحة المدرسية .
مي طالبة شهادة تعليم أساسي قالت : المنهاج كثيف و فيه الكثير من المعلومات ويحتاج إلى التركيز وأنا ألتزم بالدوام المدرسي حتى نهايته علماً أنني سجلت في معهد متابعة.
الطالبة رنا شهادة تعليم أساسي أكدت أنها ستلتزم بالدوام المدرسي حتى نهايته فهي طالبة مجتهدة وتعتمد على نفسها وعلى شرح المدرسين في المدرسة فهم قادرون على إيصال المعلومات بطريقة جيدة وأشارت أنها لن تأخذ دروساً خصوصية كونها ليست بحاجة لها إضافة إلى التكلفة المادية الكبيرة والتي ليس باستطاعة أسرتها تحملها .
مع الأهالي
تقول إحدى الأمهات : ابنتي طالبة شهادة ثانوية “علمي” مستواها جيد أتمنى أن تحصل على درجات تؤهلها دراسة الفرع الذي ترغب به لذلك لجأنا إلى الاقتراض من المصرف لتغطية نفقات المعهد والدروس الخصوصية التي التزمت بها مع بعض زميلاتها ولا أريد أن أشعر يوماً بالتقصير تجاه ابنتي.
وتضيف والدة إحدى الطالبات عما قالته السابقة أن ابنتها ليست بحاجة للمدرسة كونها تعتمد على الدروس الخصوصية وبخصوص تبرير الغياب أكدت أن هناك علاقة قرابة تربط أسرتها مع مدير مدرسة ابنتها مما يسهل عملية تبرير الغياب باستمرار.
وأوضحت أم أخرى أنها سجلت ولدها في مدرسة خاصة منذ المرحلة الإعدادية , وهي تحرص على زيادة ثقته بنفسه من خلال تقليد الآخرين كنوع من البرستيج الاجتماعي وبذلك تضمن مستقبل ولدها ” على حد قولها”
أحد الآباء قال : لدي ثلاثة أبناء أحدهم يدرس الطب وآخر الهندسة والثالث حالياً “بكالوريا” كلهم درسوا في المدارس الحكومية واستفادوا من دروس المتابعة التي تقيمها المدرسة بشكل مجاني للطلاب مشيراً إلى اهتمام المدرسين بالطلاب ومن ضمنهم أبناؤه كونهم طلاباً متفوقين وأكد أن لا قدرة مادية لديه لتسجيل ولده بمجموعات الدروس الخصوصية .
رأي المدرسين
لميس مدرّسة لغة فرنسية في إحدى المدارس الإعدادية قالت : لاحظت ازدياد ظاهرة الانقطاع المبكر لطلاب شهادة التعليم الأساسي منذ بداية العام لا يتواجد ضمن الشعبة أكثر من 20 طالباً ، فالمعاهد سرقت الطلاب وأغرتهم كونهم ينهون المنهاج ونحن نقوم بإعطاء الدروس المقررة حتى وإن تواجد طالب واحد في الشعبة فقط .
-إليان مدرس لغة انكليزية / ثانوي / قال : مقرر اللغة الجديد ” إيمار ” كثيف فيه حشو معلومات , ونحن – كمدرسين- مضطرون للالتزام بالخطة الوزارية المقررة للمنهاج فلا يمكن الإسراع أو التباطؤ في الدروس. وأضاف : للأسف هناك طلاب يدرسون بمعاهد خاصة أنهوا جميع الدروس ويقومون بالتشويش على زملائهم في الصف ولا يمكن اتخاذ أي إجراء معهم .
لامك مدرس مادة رياضيات / ثانوي / أوضح أن المدة الزمنية بين نهاية الدوام المدرسي وبداية الامتحان الأخير”الانقطاع” غير كافية للطالب لينهي دراسته نظراً لكثافة المنهاج وضخامته هذا من جهة , ومن جهة أخرى إن الحصص الدرسية غير كافية, لذلك يلجأ الطلاب للهروب من المدرسة والالتحاق إما بالمعهد أو الدروس الخصوصية عند أحد المدرسين والذي بدوره قد يتغيب أو يتأخر عن دوامه المدرسي لإعطاء الدروس الخصوصية للطلاب ” للأسف ” .
مدراء المدارس
مديرة مدرسة تعليم أساسي قالت : منهاج الصف التاسع كثيف وبرأيها يجب إلغاء مواد الرسم والموسيقا والوجداني و استبدالها بمواد أساسية / وفيما يخص ترشيح الطالب للتقدم للامتحان النهائي أشارت أنها مع ترشيح الطالب حتى ولو لم يحقق نسبة الدوام المطلوبة ,فهذا أفضل من أن نتركه فريسة للشارع .
وأضافت : الكثافة ضمن الشعبة الواحدة والتي تصل إلى 50 تلميذاً تمنع التلاميذ من التركيز واستيعاب الدروس هذا عدا عن حالات الشغب لذلك يلجأ التلاميذ إلى المعاهد والدروس الخصوصية لاستدراك ما فاتهم من المعلومات والدروس .
مدير ثانوية أكد أن أهم أسباب انقطاع الطلاب المبكر هو انتشار المعاهد و الدروس الخصوصية إضافة إلى عدم تعاون الأهالي وتحملهم مسؤولية أبنائهم وقيامهم بتبرير غياب الأبناء حتى ولو كان ذلك ضد مصلحتهم كأن تقوم والدة الطالب بتبرير غياب ولدها دون علم والده منعاً لحدوث المشاكل مما يجعل إدارة المدرسة في موقف حرج وفي النهاية يرى الأهل أن المدرسة هي المسؤول الأول والأخير عن تقصير الطالب.
مدير ثانوية أوضح أنهم يتبعون الخطة الوزارية التي تقتضي إنهاء المنهاج في شهر أيار و هم يقومون بتوجيه الإنذارات للطلاب عند تكرار الغياب
و اعتبر أن أحد أسباب انقطاع الطلاب هو غياب دور الأهل و عدم حضورهم مجلس الأولياء لمتابعة المستوى التعليمي لأبنائهم.
و عن آلية الترشيح للامتحان قال يتوجب على الطالب تحقيق نسبة 75% من الدوام المقرر و لا تعتبر مدة التقارير المقدمة من الدوام الفعلي للطالب
ضرورة تنفيذ الخطة
مدير تربية حمص المكلف فراس عياش أكد ما قاله مدراء المدارس وبأنه يتوجب على طالب الشهادة تحقيق نسبة دوام 75% وأن مدة التقارير الطبية لا تعتبر من الدوام الفعلي لترشيح الطالب للامتحان النهائي.
وشدد على ما ذكر على لسان المدراء بضرورة تنفيذ الخطة الوزارية لإنهاء المقررات الدراسية في مواعيدها المحددة.
نبيلة إبراهيم