ثاني أهم صناعة تقيدها التكاليف الضريبية ..الزيوت والسمون النباتية المهرَبة تغزو الأسواق بمواصفات غير موثوقة ميزتها الوحيدة “أرخص” … صناعيون يطالبون بإخراج فول الصويا من التمويل عبر المنصة وإعادة النظر بالأسعار الاسترشادية للزيوت.. منافسة غير منصفة يخوضها المنتَج الوطني …
تغزو البضائع المهربة الأسواق بشكل علني وعلى اختلاف أنواعها وتنتشر في مختلف الطرقات الرئيسية أو الفرعية و هنا كلمة تهريب لاتعني أنها مخفية عن الأنظار بقدر ما تعني تهربها من الضرائب والجمارك وغيرها من الرسوم وحتى تهربها من الفحص المخبري للتأكد من صلاحيتها للاستهلاك البشري خاصة الغذائية منها… وفي خضم هذه الحال يقف أصحاب المعامل المحلية عاجزين عن منافسة منتَج غير موثوق ومتهرب من تكاليف تتجاوز ثلث سعر التكلفة و يباع بالأسواق و يفرض نفسه كونه الأرخص وهي السمة الوحيدة له ليبقى المنتج الوطني حبيس معامله غير قادر على الدخول إلى الأسواق كونه ذو أسعار مرتفعة وبالتالي لن يكون الخيار للمواطن المنهك الذي يبحث عن الأرخص لتلبية شيء من الاحتياجات الأساسية و الحديث تحديداً في تقريرنا عن الزيوت والسمون النباتية…
وبعد أن كانت المنتجات السورية تحتل مكانة مهمة في التصدير تراجعت بشكل كبير..
لها خصوصية بالعمل
“العروبة ” التقت عددا من صناعيي حمص العاملين في مجال تصنيع الزيوت والسمون النباتية والذين أكدوا أن المصاعب تتضخم أمامهم خاصة أن معامل عصر البذور الزيتية لها خصوصية اقتصادية بالعمل وتعتمد على تدوير رأس المال العامل وهامش الربح بسيط جداً وبالتالي صيغة العمل الحالية (عمل وتوقف) وبهذه الحال لا يمكن تحقيق الاستمرارية .. وللتكليف الضريبي غير المنطقي دور كبير في إعاقة العمل…
بيئة ضخمة ومصاعب بالجملة
صناعي عريق في المهنة تحدث عن ضرورة إيقاف استيراد مادة الشورتننغ خاصة مع وجود سبعة مصانع محلية في القطر منتجة للمادة نفسها بطاقة إنتاجية تصل إلى ٢٥٠ طنا يومياً تكفي الحاجة بشكل كامل وبجودة موازية وأفضل من المستورد فيما يرى آخرون ضرورة إخراج فول الصويا من التمويل عبر المنصة وإعادة النظر بالأسعار الاسترشادية للزيوت التي انخفضت إلى ٣٠٪ بينما الأسعار الاسترشادية للبذور عالية جداً .
صناعي آخر يوضح أنه وبسبب قلة المادة الأولية تنخفض الكميات الموردة للمعامل وبالتالي تنخفض كميات الإنتاج.. والموضوع بعهدة وزارة الزراعة لبحث إمكانية زيادة المساحات المزروعة بالقطن ..أما الرسوم القنصلية وغراماتها فهي تشكل إضافة كبيرة على سعر المنتج… مدير صناعة حمص بسام السعيد تحدث عن ضرورة تسهيل بعض القرارات التي تساعد على النهوض بصناعة الزيوت خاصة أن البنية الصناعية لهذه المصانع قوية وضخمة و للتمويل عبر المنصة شجون ,والتأخير المفروض يربك العمل و يرى البعض ضرورة تحديد سعر المبالغ المودَعة في المنصة عند بداية الإيداع وليس بعد عدة أشهر كونه إجراء يستنزف كثيراً من القيمة الفعلية للمبلغ المودَع
نقص حاد في المادة الأولية
كما أكد السعيد أن تراجع المساحات المزروعة بالقطن وخروج المساحات الأخرى هو الأمر الأساسي الذي أدى إلى نقص في كميات بذرة القطن الناتجة عن محالج الأقطان وبالتالي أثر سلباً على إنتاجية معامل الزيوت النباتية مما اضطر أصحاب المعامل إلى إدخال بذور زيتية أخرى ( مستوردة ) في العملية الإنتاجية بالإضافة إلى الاعتماد على زيوت خامية مستوردة وتكريرها لإنتاج الزيوت النباتية المكررة وكذلك هدرجة أنواع من الزيوت أو تقسيتها لإنتاج أنواع من السمون النباتية نذكر منها ( بذور الصويا ودوار الشمس وزيت النخيل ) وهذا يعني انخفاضاً في القيمة المضافة التي تحققها تلك المعامل كونها أصبحت تعتمد في إنتاجها على مواد أولية مستورَدة
رب رمية
ويضيف السعيد بالمقابل وبعد الاعتماد على الاستيراد حققت تلك المعامل منتجات زيوت متنوعة وتعتبر منتجات محلية نذكر هنا على سبيل المثال ( زيوت نباتية دوار الشمس والصويا والذرة ) وكذلك سمون نباتية ومارغرين وشورتيننغ كان يفتقر إليها المنتج المحلي كما حققت تلك المعامل منتجاً ثانوياً مهماً وهو مادة الكسبة العلفية الناتجة عن عصر البذور الزيتية والأهم أنها أنتجت أنواعاً مختلفة من الزيوت النباتية المحلية قادرة على تلبية حاجة السوق المحلية
. الإنتاج الفعلي لايتجاوز 18٪ من طاقة العمل
وأضاف السعيد يوجد في محافظة حمص 6 منشآت صناعية للقطاع الخاص مجموع طاقتها الإنتاجية السنوية المرخصة من الزيوت يفوق 200 ألف طن زيوت نباتية متنوعة إضافة إلى 225 ألف طن سمون نباتية ومارغرين وشورتيننغ تعتمد في إنتاجها على نوعين أساسيين من البذور وهما ( بذرة القطن والصويا ) وعلى الزيوت النباتية الخامية المستورَدة في إنتاج أنواع الزيوت دوار الشمس والنخيل ولكن إذا نظرنا للطاقة الفعلية والحقيقية التي عملت بها المنشآت المذكورة في محافظة حمص خلال عام 2023 نجد أنها عملت بـ 18 % من طاقتها الإنتاجية المرخصة حيث أنتجت حوالي 47500 طن زيوت و 22700 طن سمنة.
حلول ممكنة
تبقى الثقة بالمنتج الوطني هي العنوان العريض لآلية البحث عن حلول اقتصادية ممكنة التطبيق خاصة أن صناعة الزيوت والسمون النباتية ثاني أهم صناعة بعد الصناعة النسيجية بالنسبة لحجم رأس المال المستثمَر والعمالة والنفع الاقتصادي و نحن اليوم بحاجة لإعادة النظر وتلافي الخلل إذ أن حجم القطع الذي نخسره في استيراد المواد المصنعة يذهب من حصة القطع الواجب استعماله لاستيراد المواد الأولية للتصنيع
وزارة الزراعة معنية بالحل
والجدير بالذكر أن غرفة صناعة حمص عقدت ورشة عمل لمصنعي الزيوت و السمون النباتية في أواخر الشهر الأول من العام الحالي والتي شارك فيها أغلب منتجي الزيوت في القطر والذين تشابهت المصاعب أمامهم على امتداد الجغرافيا السورية وبحسب السعيد كان من مقترحات المشاركين تخفيف فترة إيداع الأموال اللازمة لعملية الاستيراد وتاريخ القص والتمويل من المنصة وتخفيض السعر الجمركي بما يتناسب مع الأسعار الفعلية المستورد بها وفرض ضميمة على عملية استيراد مادة الشورتيننغ كونه يتوفر منتج محلي قادر على تلبية حاجة السوق والمنشآت الغذائية التي تحتاجه في العملية الإنتاجية والأخذ بعين الاعتبار ظروف العمل خاصة في العامين الماضيين أثناء تحديد رقم التكليف الضريبي، وتأمين البذور الزيتية ( بذرة القطن والصويا ودوار الشمس والذرة ) اللازمة لعمل تلك المنشآت من خلال الإنتاج الزراعي المحلي ومن خلال تشجيع المزارعين على زراعتها ويتحقق ذلك من خلال وضع خطة زراعية تقوم بها وزارة الزراعة يتشارك في تنفيذها الصناعيون واتحاد الفلاحين وهنا لابد أولاً أن يكون لدينا إحصائية دقيقة عن الحاجة الفعلية من البذور الزيتية اللازمة لعمل معامل إنتاج الزيوت بشقيها العام والخاص على مستوى سورية ومن خلال هذه الإحصائية نعرف كمية المساحات التي يجب أن تزرع كل نوع من المنتج الزراعي المذكور وبالتالي عندما يتم تأمين البذور الزيتية محلياً نحقق بذلك قيمة مضافة وإنتاجية عالية وقدرة تنافسية مرتفعة ويمكننا الاستغناء عن الكثير من المستوردات وبذلك نحقق منتجاً ثانوياً مهماً وهو مادة الكسبة العلفية المحلية واللازمة لمعامل الأعلاف وتربية الثروة الحيوانية.
ختاماً
لابد من القول:إن دفع عجلة العمل بكل المجالات و خاصة الصناعة المتعلقة بمنتجات زراعية هو السبيل الوحيد حالياً لإنقاذ الاقتصاد السوري و تحقيق الأمن الغذائي والحلول متاحة والهمة موجودة وماينقصنا هو التنسيق الحقيقي والفعال بين الجهات المعنية وتضافر جهود القطاعين العام والخاص في بوتقة واحدة…
هنادي سلامة