إزالة الأكشاك من ساحة الادخار دون تأمين بديل.. مجلس المدينة : الإسكان طلبت الإزالة … المحافظة : القرار وزاري وشامل .. مواطنون : نريد بديلا .. أصحاب الأكشاك : قطعوا لقمة عيشنا ..
سنوات الحرب والتهجير القسري للسكان من أحيائهم وللتجار والحرفيين من أسواقهم ومحالهم وغياب الرقابة الحقيقية أدى لنشوء مخالفات كثيرة ازدادت تدريجيا حتى باتت أمرا واقعا على الرغم من مخالفتها للأنظمة والقوانين لكن غياب البديل القانوني منح أصحاب تلك المخالفات شعور وهمي بأن وجودهم شرعي خصوصا بعد أن بدؤوا بدفع ما يترتب عليهم من رسوم بلدية ومالية ( خدمات – ضريبة دخل ) هذا ما ينطبق تماما على الأكشاك الموجودة في حي السكن الشبابي حيث يوجد ما يزيد عن 150 براكية تقدم لأهالي الحي الذين يبلغ عددهم ما يزيد عن عشرين ألف نسمة العديد من الخدمات الأساسية تبدأ من معتمد خبز وبيع الخضار مرورا بمهنة الحلاقة والخياطة وغيرها وصولا لبيع المواد الغذائية .
دائما كان يتم الحديث عن ضرورة إزالة تلك البراكيات ليس فقط في حي السكن الشبابي وإنما من كافة أحياء وقرى المحافظة وتقوم الجهات المعنية بتوجيه إنذارات لأصحابها لتعود وتغض الطرف عنهم تقديرا للظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة حتى صدر مؤخرا قرارا ملزما من وزارة الإدارة المحلية والبيئة بضرورة إزالة كافة الأكشاك من كل محافظات القطر خلال مدة أقصاها 30 / 6 / 2024 وبالفعل وجه مجلس المدينة كتابا يطلب فيه من أصحاب البراكيات إزالة كافة الإشغالات على نفقتهم الخاصة خلال مدة أقصاها 10 / 5 / 2024 مما أثار الاستغراب لدى أصحابها نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطن وإصراره للبحث عن دخل إضافي يوفر لعائلته أدنى مقومات الحياة فكيف إن كان مصدر دخله الوحيد هو هذه البراكية ؟ كما أزعج هذا القرار أهالي الحي نظرا لما تقدمه تلك البراكيات والأكشاك من خدمات والغياب شبه التام للبديل من محال وبُعد الأحياء المجاورة وعدم وجود وسائل نقل كافية للحي تساعدهم في التبضع وهذا تماما ما أكده عدد من أهالي الحي الذين التقيناهم وشددوا على عدم معارضتهم لتنظيم وجود تلك البراكيات والأكشاك وترخيصها بشكل قانوني وإنما معارضتهم لإزالتها دون إيجاد البديل المناسب والسريع .
كما التقينا عدداً من أصحاب البراكيات والأكشاك الذين أكدوا أن مئات الأسر تعتاش من الأكشاك وأن إزالتها ستتسبب بمشكلة حقيقية حيث لا دخل لهم سوى من العمل في هذه الأكشاك ولفت أصحاب الأكشاك لاستعدادهم لتسوية أمورهم والبدء بإجراءات ترخيص نظامية ودفع ما يترتب عليهم من رسوم مشيرين أنهم يقومون بتسديد رسوم سنوية لمجلس مدينة حمص ومالية حمص ( خدمات – ضريبة دخل )..
طارق ” معتمد خبز يقول حصلت على اعتماد بيع وتوزيع الخبز لأنني أملك براكية في الحي وأمارس عملي فيها منذ سنوات مشيرا أنه بعد صدور القرار سيقوم بفك البراكية ويتساءل كيف سيقوم باستجرار مخصصاته وتوزيعها للمواطنين ؟ خصوصا في فصل الشتاء ؟
أما أبو علي ” أيضا معتمد خبز ” أكد عدم سعادته بالتواجد في براكية مصنوعة من ألواح التوتياء تتسرب منها المياه في فصل الشتاء وتحرق العامل فيها صيفا لأنها تخزن حرارة الشمس .
فاطمة ” خياطة ” أكدت أنها ليست ضد القانون ولكن تطلب الرأفة والنظر بأحوال الناس في ظل الظروف المادية الصعبة التي يعيشونها مؤكدة أن هذه البراكية هي مصدر الدخل الوحيد لأسرتها وبإزالتها تفقد الأسرة مصدر معيشتها… و تسأل هل هذا هو المطلوب؟ وتشدد أنها على استعداد لاستخراج الترخيص اللازم ودفع ما يترتب عليها للجهات المعنية من رسوم وضرائب في حال الموافقة على الترخيص .
تمام ” صاحب براكية لبيع المواد الغذائية ” أكد أنه ليس ضد القرار مطالبا بإيجاد البديل القانوني في نفس الحي ليكون أول الملتزمين لافتا أن الجميع يقومون بتسديد رسوم سنوية لمجلس المدينة والمالية … ولفت أنه هو وعدد آخر من أصحاب الأكشاك راجعوا أكثر من مرة مجلس المدينة للحصول على ترخيص لأكشاكهم وكان الجواب أن الموافقة يجب أن تكون من المؤسسة العامة للإسكان كونها صاحبة المشروع وعند مراجعة مؤسسة الإسكان كان الجواب أن الأمر من اختصاص مجلس المدينة !!!
وللاطلاع على الأمر بشكل أوسع التقت العروبة رئيس مجلس مدينة حمص المهندس عبدالله البواب الذي أوضح أن الأكشاك دخلت خلال فترة الحرب في منطقة الادخار والسكن الشبابي اللذان تعود ملكيتهما للمؤسسة العامة للإسكان, وأن مجلس مدينة حمص كان يغض الطرف عن وجود هذه الأكشاك كونها خارج أملاك المدينة ولكن وصلتنا عدة كتب من المؤسسة العامة للإسكان تبين وجود أسواق تجارية في الحيين المذكورين لا يمكن بيعها بسبب وجود هذه الأكشاك إضافة لشكاوى من المواطنين القاطنين بجانب هذه الأكشاك تشير لوجود إزعاجات وأحياناً وجود تعديات على الشبكة الكهربائية, كما وردتنا تعليمات بضرورة إزالة كافة الأكشاك الموجودة حتى أكشاك ذوي الشهداء ووضعها ضمن ساحات مخصصة ليستفيد منها ذوي الشهداء فقط. ولفت البواب أن الرسوم التي كان يسددها أصحاب الأكشاك هي عبارة عن رسوم خدمات وضريبة دخل للمالية وهذا لايعني أن هذه الأكشاك شرعية ومرخصة. وأكد أن مجلس المدينة وجه إنذارات لأصحاب الأكشاك المنتشرة في كافة أرجاء المدينة منذ أكثر من عام لإزالتها وتم مؤخراً تجديد تلك الإنذارات وبدأنا بالإزالة تدريجياً بهدف تنشيط الأسواق التجارية في المنطقة مشدداً على أن تخصيص الأكشاك وفق التعليمات الجديدة سيكون لذوي الشهداء المسجلين لدى اللجنة المشكلة من وزارة الدفاع وهيئة الشهداء ووزارة الإدارة المحلية وفقاً للأنظمة والقوانين الضابطة لعمل اللجنة.
عضو المكتب التنفيذي لقطاع المدن والبلديات في محافظة حمص رامح منصور أشار أنه استناداً إلى كتاب وزارة الإدارة المحلية والبيئة رقم 193\ص\ش\ق بتاريخ 1/2/2024 المعمم على المحافظات في إطار الحلول والبدائل لمعالجة رخص الأشغال المؤقتة (الأكشاك أو البسطات) القائمة والممنوحة لذوي الشهداء وجرحى الحرب التي انتهت رخص إشغالها بتاريخ 31/12/2023 رسمياً وبهدف تحقيق الإنصاف بما يراعي استمرارية الأنشطة الاقتصادية المرتبطة برخص الإشغال المؤقتة لتلك (الأكشاك والبسطات) القائمة تبرز الحاجة لنقل تلك الأنشطة إلى مواقع يتم توظيفها ضمن مخططات تنظيمية للوحدات الإدارية وبناءً عليه عقد اجتماع برئاسة محافظ حمص المهندس نمير مخلوف مع مجلس مدينة حمص والوحدات الإدارية التي قدمت إمكانية تخصيص عقارات ضمن المخطط التنظيمي للبدء بإنجاز أكشاك وبسطات على نفقة الوحدة الإدارية قابلة للفك والتركيب بمساحة 4م2 لوحدة البيع المنفردة كحد أدنى على أن يتم منح رخص إشغال مؤقتة الأولوية فيها لشاغلي الأكشاك الحالية من ذوي الشهداء والجرحى لمدة عام واحد من تاريخ صدور قرار منح رخصة الأشغال قابلة للتجديد بما لا يتجاوز 5 سنوات فقط ولفت منصور أن الوحدات الإدارية ستقوم خلال مدة شهرين من انتهاء المدة المذكورة (30/7/2024 ) بمنح رخص إشغال للذين انتهت مدة إشغالهم بتاريخ 30/6/2024 لمدة أقصاها 31/12/2024 غير قابلة للتجديد مع التزام ذوي الشهداء وجرحى الحرب بعدم ترك أي إشغالات متعلقة بالرخصة الممنوحة سابقاً والمنتهية وعلى مسؤولية الوحدات الإدارية ولفت منصور أن الكتاب الوزاري شدد أن المحافظين والمكاتب التنفيذية لمجالس المحافظات ورؤساء الوحدات الإدارية مسؤولون عن التنفيذ مع التقيد بالمهل والمدد الزمنية المحددة .
لنا كلمة
ونحن بدورنا لسنا مع تشريع المخالفات والعمل بسياسة الأمر الواقع ولكن لابد من سؤال مهم أليس من الأجدى إيجاد البدائل وتجهيزها بعد تخصيص الساحات المفترضة ومن ثم نقل تلك الإشغالات إليها بعد حصولها على الموافقات والتراخيص اللازمة خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية والمادية الصعبة التي يعيشها المواطن هذه الأيام سيما أن تلك الأكشاك أو البسطات تشكل مصدر رزق أساسي أو دخل إضافي لأصحابها أو للعاملين فيها ؟؟!
والأهم هل سيتم تطبيق القرار على كافة الوحدات الإدارية في المحافظة والأحياء في المدينة أم سيكون غض للنظر عن بعض المناطق؟
وأخيراً ما الذي يمنع أن تمنح تلك الأكشاك والبسطات رخصاً نظامية ويكلف أصحابها بدفع رسوم سنوية تعود بالفائدة على خزينة الدولة وتؤمن فرص عمل لعدد لابأس به من المواطنين؟
يوسف بدور