تناول الشاعر محمود نقشو في محاضرته التي ألقاها في فرع اتحاد الكتاب في حمص قصيدة النثر في الثقافة العربية وسلط الضوء على المفهوم الشعري الذي تتكئ عليه وفاعليتها التمردية وخصائصها التي تبدت في مراحل حضورها المختلفة ولقائها (ما بعد الحداثة) في أوجه عديدة منها استيعابها للفنون والعلوم والآداب مغايرة ومتعددة.
وتابع: توقفت الرؤى المنتقدة لقصيدة النثر عند النماذج الضعيفة، مؤكدة رفضها إقحام هذا الشكل النثري بعالم الشعر الموزون مع اتهامات بإفساد اللغة والخروج عن التراث وكأنه محاولة لتثبيت الزمن عند جيل بعينه إذ نبتت فكرة قصيدة النثر من مفهوم (الفوضوية والهدم) بدلالتيها الإيجابية التي تعني التمرد على الشكل واللغة، ولهذا الفن معايير كما حددته (سوزان برنار)منها المعيار الفني تبدأ بمعيار ثابت فنيا وهو الوحدة العضوية، والمعيار الثاني المجانية أي لازماني… والمعيار الثالث هو الكثافة أي بعيد عن الاستطراد والإيضاح والشرح ، وهذا النوع من الشعر يشكل ذائقة مختلفة لا تهمل السابق ولا تهمشه بل تعيه وتتذوقه فيصبح جزءا من ذائقتها المتراكمة.
وأشار المحاضر أن قصيدة النثر شكل أدبي يمكن توظيفه كما يشاء المبدع، فأبرز سمات هذه الحركة اللاحسم والذاتية، ونوه أن قصيدة النثر مرت في منجزها العربي بمراحل عديدة وتحولات مختلفة وفي كل مرحلة لها مؤثراتها ومميزاتها وربما تكون بداياتها التحرر من الإيقاع الخليلي في فترة مبكرة من القرن التاسع عشر وبما أطلق عليه يومها (بالشعر المنثور) وظهرت خلال السبعينيات قصائد نثرية مصاحبة لتيار شعر الحداثة التفعيلي مستفيدة من الظرف التاريخي للأمة، وقد عادت قصيدة النثر للانتعاش بقوة فترة التسعينيات متخذة منحى مختلفا، وتابع: الراصد اليوم للحركة الشعرية العربية المعاصرة يجد طغيانا لقصيدة النثر وتراجعا حادا لشعر التفعيلة في الوقت الذي تطلع فيه شعراء قصيدة النثر إلى عمق التراث العربي فاستمدوا منه إيحاءات غنية، كما أضافت قصيدة النثر العربية ملامح ميزت تجربتها جماليا حيث اللغة تتحرك في علاقات على صعيد الصور والجمل والتراكيب بشكل تصادمي وقد اختتمت المحاضرة بحوار مع المحاضر مابين مؤيد ومعارض لقصيدة النثر.
عفاف حلاس