ونحن نقف على مفترق الأزمنة بين تشرين التحرير وتشرين التصحيح، و السماء تنوء بحملة من الغيوم والصواريخ التي تدك الأرض دكا، ذاهبة بنا إلى حرب ضروس أشبه ما تكون بحرب تشرين الماثلة أمام أعيننا نحن السوريين طالما هناك عرق ينبض كيف لا ونحن من جيل عاصر الحرب…
كنت طفلة خبرت الحرب كما إخوتي عن طريق حكايات أبي وأمي، كنا ونحن صغار نرسم في مخيلتنا صورة الجندي الإسرائيلي ككلب ينبح ويعض ونحن اليوم مازلنا نشهد عضاته الكاسرة من خلال جرائمه المتكررة وانتهاكاته المستمرة للأرواح والممتلكات ….
في حرب تشرين كان جنودنا البواسل يرابطون على جبهة الجولان، يردون على هجمات العدو بحرب الاستنزاف كما يرابط جنودنا اليوم وهم مصرون على تحقيق النصر كما حققوه في السادس من تشرين الأول 1973 و انتقم جيشنا انتقاما كبيرا آخذا ثأره من العدو و ما حققه في النكسة التي أبكت أبي المقاتل كثيرا كونها جعلته يخرج بنا قسرا من الجولان، فكان طيران العدو الإسرائيلي يحلق فوقنا ويقصف فوق رؤوسنا ونحن نازحون من الجولان منتقلين في سيارة عسكرية ننزل منها عند اشتداد الغارة ونلوذ بالملاجئ المزروعة على طول الطريق بين الجولان وحمص ريثما نصل إلى قرانا البعيدة يرافقنا بعض أسر العسكريين الذين وقعوا في محنة النزوح وليس لديهم ملاذ أو بيت يأويهم فاستضافتهم بعض الأسر الحمصية كما يفتحون اليوم بيوتهم للوافدين اللبنانيين ، لكن كان للجيش العربي السوري جولته الأخرى في تشرين فاستعاد جزءاً ليس بالقليل من أرض الجولان المحتلة و على الرغم من العدوان الإسرائيلي المتكرر على سورية وعلى غزة وعلى جنوب لبنان وعلى كل أرض تطالها يدهم الآثمة فلابد للمقاومة في النهاية أن تنتصر وتدحر كيد المعتدي.
إن الإسرائيليين اليوم تتملكهم مشاعر الخوف والاكتئاب وهم يلوذون هاربين إلى الملاجئ فتهور نتنياهو وحماقته ستكلفهم خسائر باهظة….
في حرب تشرين قيل لهم إن المصريين والسوريين غير قادرين علي القتال ” فانصدموا واستفاقوا على صوت صفارة الإنذار التي دوت في الساعة الثانية إلا عشر دقائق ظهر السادس من تشرين الأول 1973 التي كانت تمثل في معناها أكثر من مجرد إنذار بالنزول إلى المخابئ حيث كانت بمثابة الصيحة التي تتردد عندما يتم دفن الميت …
لابد في النهاية من كسر شوكة العدو الإسرائيلي الغادر ودحره ورد كيده إلى نحره.
عفاف حلاس
المزيد...