“رمضان” في حمص بين الماضي والحاضر

تتوهج الذاكرة بصور العادات والتقاليد التي ارتبطت بشهر رمضان المبارك في الماضي والتي طغى على الكثير منها اليوم مظاهر الحداثة ، ولم يعد في شباك الذاكرة منها إلا النزر اليسير.

لشهر الخير والبركة تقاليد تعود عليها المجتمع الحمصي منذ مئات السنين ، ويحرص الأهالي التمسك بالعادات الرمضانية  التي توارثوها لسنوات طويلة  وبعض تلك العادات تعد طقوساً عامة وأخرى طقوسا خاصة ببعض المناطق.

وتتشابه العادات والتقاليد الرئيسية المميزة لشهر رمضان في كافة المحافظات السورية وبلدان العالم الإسلامي حيث تبدأ بترقب أول أيام رمضان والاستعداد له بتحضير أنواع من الأطعمة التي تتناسب مع الصيام ، وعندما يتم تحديد بداية الشهر يتم إطلاق المدفع وهذا التقليد متوارث منذ مئات السنين وكان يطلق بداية من قلعة حمص ثم انتقل إلى الملعب البلدي.
وهناك ما يعرف بليلة رمضان وهي الليلة التي تسبق الصيام ويسارع الناس لشراء الأغذية والأطعمة وبعض الأسر تقوم بتجديد لوازم البيت وأشياء خاصة كالفوانيس ولكن توقفت الكثير من هذه العادات .

في أوقات المغرب كانت تضاء القناديل فور حلول وقت الإفطار ولكن لعدم وضوح رؤية القنديل آنذاك كانت ترفع راية حمراء في الجامع الكبير بحمص ـ على سبيل المثال ـ ثم لما عمت عادة ضرب المدافع بدأ إطلاق مدفع واحد وقت الإفطار واثنين وقت السحور، الأول للاستيقاظ والثاني للإمساك عن الطعام، وقد استمر إطلاق المدافع الحقيقية حتى بداية الستينيات من القرن الماضي, فصوت المدفع إثبات لهلال شهر رمضان المبارك يترقبه الناس بلهفة وشوق، وما إن ينطلق المدفع في سماء المدينة، حتى تعم الفرحة والبهجة وتبدأ احتفالات الكبار بشراء لوازم السحور والفطور وما لذ وطاب، أما الأطفال فيرقصون ويبتهجون ويغنون في الشوارع ، وكان إطلاقها يمثل متعة حقيقية وكبيرة للأطفال الذين يتجمعون حول المدفع بهدف الفرجة على كيفية تلقيمه ، ومن ثم إشعاله عند رؤية الراية الحمراء,وكانت تضاء القناديل في المساجد في ليالي رمضان احتفاءً به من لحظة آذان المغرب وحتى الإمساك.
في رمضان، تكتظ الأسواق بالباعة والمشترين خلال الساعات التي تسبق موعد الإفطار، ليعمّها السكون خلال اجتماع العائلات حول الموائد وتعود تلك الأسواق لتنتعش من جديد بعد صلاة العشاء، وتستمر كذلك حتى ساعة متأخرة من الليل ويعود الناس إلى الأسواق ومحال الألبسة فالكثيرون يفضلون التسوق في هذا الوقت، أي بعد الإفطار.

كان الرجال يتجولون في الأسواق للتزود بلوازم الإفطار ومنها العرقسوس والجلاب والتمر هندي والعوامة وتسمى بحمص الفواشات أو المشبك حيث يغلى الزيت في قدر كبير ثم تقذف إليه قطع العجين حتى تتحول إلى لون ذهبي لتقذف من جديد إلى حلة كبيرة مملوءة بالقطر والخبز المعروك والتمرية والقطايف .

المزيد...
آخر الأخبار