سؤال يطرح في العديد من الجلسات العامة وحتى ضمن الأسرة: من هي المرأة المتحررة ؟ هل هي امرأة واعية مسؤولة تعرف هدفها في الحياة وتتصرف بناء على ذلك ؟ أم هي امرأة لا هم لها سوى كسر العرف الاجتماعي والخروج عن الجرأة في طريقة لبسها وصوتها العالي والجريء في إبداء الرأي أو سفرها وحيدة للدراسة أو لأسباب أخرى …
سؤال توجهنا به إلى شريحة واسعة وخلصنا من خلالها على جملة من الآراء فاقتطفنا بعضها :
السيدة سهى بدران – موظفة قالت : الجواب عندي هو عندما نحدد معنى التحرر فإذا كان هو الوصول إلى مستوى تعليمي مقنع والقدرة على تحمل المسؤولية والثقة بالنفس وتحديد الهدف من الحياة فأنا امرأة متحررة ولا يمكن لأحد أن يثنيني عن رأيي وإن كنت غير ذلك فأنا امرأة مقيدة حتما .
السيدة هبة – محامية قالت : أنا راضية عن نفسي وعن تجربتي في الحياة والتي خضتها بكل حرية فأنا تحملت مسؤولية نفسي وعائلتي واضطررت بحكم عملي للسفر والعمل في مواقع يعجز عنها الرجال وأنا افتخر وسعيدة كوني امرأة متحررة ولا أخجل كوني على ثقة أن ما أقوم به لا يخرج عن حدود الالتزام بالعادات والتقاليد وإذا لم يعجب بعض الناس نمط الحياة الذي اخترته فذلك لا يعني أنهم على صواب .
ريم – طالبة جامعية ترى أن هناك حدودا معينة للحرية يجب على الفتاة الإلتزام بها فأي فتاة باستطاعتها أن تمارس حقوقها في الحياة وأن تبدي رأيها ولكن عليها أن تراعي التقاليد والأعراف حتى وإن لم تكن مقتنعة بها لأنه لا أحد يرحمها إذا تمردت على ما يراه الناس عرفاً اجتماعيا فالكثير من الناس لا يفرقون بين التحرر والانحراف .
السيدة هناء – موظفة ، لا تعتبر نفسها متحررة بالمفهوم الشائع الذي يتداوله الناس والذي يصنف المرأة المتحررة بأنها خارجة عن حدود اللياقة في لبسها وتصرفاتها مؤكدة أن كثير من النساء ساعدن في ترسيخ هذا المفهوم الخاطئ .
آراء عديدة ومختلفة لنساء مارسن الحرية وأخريات لم يتجرأن على الاقتراب منها ولكن في مجملها تحاول شد الغطاء باتجاههن… ولكن ما هو رأي الرجل في حرية المرأة ؟ والسؤال الأهم كيف يتعامل مع المرأة المتحررة ؟
السيد ناصر – مدرس يرى أن المرأة المتحررة هي التي تفعل ما يحلو لها دون مراعاة المجتمع من حولها ودون أن تتأثر بما يقوله الآخرون عنها فهي تلبس ما تشاء وتخرج متى تشاء وتتصرف بحرية كاملة كأنها وحيدة في هذا العالم .. ويبدو ان هناك شعرة رفيعة بين التحرر والانحراف ما يجعل المجتمع ينظر إلى المرأة المتحررة في الغالب نظرة سلبية .
الشاب سامر – طالب جامعي يرى أن هناك إشكالية في التعاطي مع مفهوم التحرر لدى المرأة في مجتمعنا الشرقي فقد أدى إلى ممارسة أفعال غير مقبولة تحت ستار الحرية والتحرر ولكن يعتقد أن تنامي نسبة الوعي بسبب انتشار التعليم قد غير العديد من تصورات المجتمعات التقليدية الجائرة إزاء المرأة .
المهندس عيسى – قال : إن مسألة التحرر نسبية فما يعد في بعض المجتمعات تحررا قد لا يكون كذلك في مجتمعات أخرى ويرى أن الفرق شاسع بين التحرر والانحراف لأن الخلط بين المفهومين ينتج عن الفهم المغلوط لمسألة التحرر ، ويعتقد أن تغيير نمط حياة المرأة بشكل لا يتناقض مع أعراف وتقاليد مجتمعها تحررا .
موضوع تحرر المرأة نوقش في العديد من الدراسات والأبحاث وكان لعلم النفس فيه نصيب من النقاش ..
الباحثة الأستاذة ريم حربات رأت أن التحرر الحقيقي هو قدرة المرأة على إخراج الطاقات الكامنة فيها واستغلالها بحيث تصبح عنصرا إيجابيا وفاعلا في الحياة العامة وعدم استسلامها للنظرة التقليدية لها بأنها ضعيفة وغير مؤثرة وتشير إلى أن الكثير من النساء أسأن استخدام الحرية التي أعطيت لهن ليتعلمن ويعملن ويمارسن دورا إيجابيا في المجتمع .
إن مشكلة المرأة العربية في أنها أخذت النموذج الغربي في التحرر وحاولت تطبيقه في مجتمع مختلف دون أن تفكر في استحداث نموذج خاص بها يناسب عاداتنا وتقاليدنا فقد أصبحت العديد من النساء يحملن لواء التحرر كالنسخ المشوه صورا منقولة عن الغرب في اللباس والتصرفات .
لقد ارتبط تحرر المرأة بخروجها إلى العمل وأصبحت مشاركتها الرجل في الخروج والعمل أمرا واقعا خاصة مع تعقيدات الحياة التي أصبحت تتطلب عملهما معا ، ولكن ربط المظهر بالانحراف ليست فكرة صائبة تماما فاللباس حرية شخصية ولكن لابد من مراعاة الحد الأدنى الذي يتفق عليه جميع الناس كما علينا التفريق في مفهوم التحرر بين المجتمعين الشرقي والغربي ومنطلقات كل منهما في تعريف ظاهرة التحرر فالتحرر في الغرب هو أن يفعل الفرد ما يريده دون أن يحسب تأثير ذلك على المجتمع. أما مفهومه لدينا فهو أن يفعل الفرد ما يريده بما لا يتناقض مع عادات المجتمع وتقاليده .
إن تقليد المرأة الشرقية للمرأة الغربية في طريقة اللباس والسلوك يجعلها عرضة للاتهام بالانحراف وإن كان ليس كل ما يبدو ظاهرا ينم عن داخل منحرف فهناك فرق بين التحرر والانحراف .
منار الناعمة