في مبادرة لافتة وغير مسبوقة، من محافظة حمص ومديرية السياحة، شهدت بلدة صدد يوما سياحيا ضمن مهرجان السلام في حمص ، هي لافتة من حيث الاهتمام بالريف وكنوزه التي كادت تكون نسيا منسيا، ولطالما سمعنا عن السياحة الداخلية أو الشعبية ، ولكن بلا مبادرة ولا مبادرين ، إلا قليلا على الصعيد الفردي أو العائلي، تراهم يحزمون الحقائب ومحافظ المال و يتجشمون عناء السفر لدول الجوار وما بعدها ، ولا يعرفون جوارهم على ما فيه من عبق التاريخ ، ولا أستثني نفسي ، فما زالت الحسرة على عدم زيارة آثار حوارين وحمام أبو رباح المشهور بمياهه المعدنية الحارة والمفيدة في علاج آلام المفاصل ، والذي كان محطة بارزة في جولة يوم صدد السياحي وانطلاقا منها وسط استجابة شعبية وتعاون أبنائها مقيمين و مغتربين عبر جمعيات وفرق محلية وفي أوروبا وأمريكا.
بدأت الفعالية بمسير كشفي وعراضة بأهازيج صددية ، قبل أن يعرف المربي مطانس فتالة ببلدة صدد الوادعة على كتف البادية ، وشكلت مركز إشعاع تعليمي في المنطقة حيث جذبت مدارسها قبل عقود أبناء القرى المجاورة ، فاستضافتهم في بيت العائلة الواحدة ، ما متّن علاقات الجوار والعيش على وقع أجراس كنائسها و مآذن الجوامع.
فضيلة الشيخ عطالله الأعتر مدير المنطقة – ابن مهين الجارة – تحدث عن دلالات اسم المهرجان وما تنطوي عليه هذه الفعالية من معان ، مؤكدا أن السلام أساس البناء فأشاد بهمة أبناء صدد والمنطقة ، وما لمسه من تحاببهم وتعايشهم الأخوي وتعاونهم وشغفهم بالحياة بطمأنينة ،والتطلع لمستقبل أفضل في بناء سوريا الجديدة.
وبعدد سنوات عمر صدد الذي يعود إلى 2000 سنة ق. م ، رحبت مديرة سياحة حمص م. لوريس مقصود بالمشاركين ، منوهة بتعدد وتميز كنائس صدد الأثرية ، قبل أن تقدم فرقة المركز الثقافي بصدد “كحلون” وصلات غنائية تراثية بقيادة مؤسستها ملك حنون وسط تفاعل الحضور تفاعلا ومشاركة.
وأكدت مديرة السياحة أن الفعالية تهدف إلى تشجيع السياحة بين الريف والمدينة ورسم لمسار سياحي جديد في المنطقة الجنوبية الشرقية من حمص، وهو يتضمن صدد- مهينن-حوارين- القريتين- حمام أبو رباح لما تملكه من إرث تاريخي وديني وثقافي وعمراني
ولعل إدارة سياحة حمص تكلل بادرتها بالعمل على إدراج صدد وجوارها من المناطق المذكورة في خريطة السياحة السورية ، وتعمم التجربة لما في ذلك من جدوى تنموية واجتماعية ومعرفية.
وبمرافقة الدليل السياحي موسى فليح تمت زيارة كنائس صدد الأثرية والتي تعود ببنائها الفريد ورسوماتها الرائعة إلى ما قبل مئات السنين، بالإضافة لزيارة مراكز التنمية الاجتماعية مثل حبة خردل لرعاية المسنين بصدد، وزيارة الآثار وقوس النصر في حوارين ومركز جذور في مهين ،الذي تشرف عليه هيئة مار أفرام السرياني البطركية بالتعاون مع اليونيسيف وهو يعنى بالأطفال والأهل العائدين لبيوتهم , وحبذا لو شاركت جمعية العاديات والجمعية التاريخية بحمص في هذه الفعالية ، بل ولعلهما تقومان بنشاط خاص لهما، ويتوسع لمناطق أخرى.
سعدالله بركات
