ادعى الزوج سمير أن المهر المؤجل الذي سجله لزوجته في صك الزواج والبالغ قدره مليون ليرة سورية هو ليس مبلغا حقيقيا , لأن والد زوجته طلب منه تسجيل هذا المبلغ على أنه حبر على ورق , لا قيمة له , ولا أحد سوف يأخذه منه في الوقت الحالي , وهو مجرد مظهر من المظاهر المعنوية , التي تستدعيها العادات الاجتماعية .
يبدو مما تقدم أن سمير قد فهم أن الاتفاق الذي يدون في صك الزواج ليس له فاعلية , وفي الواقع كان قد خدع بهذا الفهم الذي اقتنع به أثناء إبرام العقد , أو لعله اعتصم بالصمت دون الاعتراض على المهر , نتيجة خجل انتابه من أن يناقش والد زوجته فيه زيادة أو نقصان .
لكن مهما كان عليه الأمر فإن ما يتم تدوينه في عقد الزواج هو حجة دامغة , لا يجوز للزوج إنكاره أو جلب شهود الى المحكمة للادعاء بأنه مبلغا وهميا , أو ارتضى تسجيله في العقد على سبيل المجاملة والتقدير , ذلك لأن القاضي لا يسمح له أصلا إثبات عكس ما جاء في صك الزواج بالشهادة أو بالقرائن وغيرها من وسائل الاثبات , لأن القانون وإن سمح بحرية الاثبات في القضايا الجزائية والشرعية , إلا أن المهر عندما يتم تدوينه في صك الزواج الذي هو سند رسمي فلا يجوز والحال ما ذكر نفيه الا بسند رسمي يوازيه في القوة . وعليه فالقيود الرسمية لا يثبت عكسها إلا بقيود رسمية مماثلة لها في القوة , غير أن القانون منح حصانة للزوجة أكثر من اللازم فهو، وإن حضرت أمام الكاتب بالعدل وتنازلت عن مهرها فإن القانون لا يقبل منها هذا التنازل برغم أن السند الذي يوثقه الكاتب بالعدل هو سند رسمي له كل مفاعيله القانونية سوى في حال تنازل الزوجة عن مهرها , ففي هذه الحالة أوجب المشرع على الزوجة أن تحضر أمام القاضي الشرعي وتطلب منه التنازل عن مهرها أو عن بعضه كي يتأكد أنها لم تتنازل عنه نتيجة ضغط أو اكراه من قبل أي شخص , وبذلك يكون قد منحها حماية كبيرة , وبهذا الاجراء لم يعد يستطيع الزوج مغافلة زوجته النائمة وسلب بصمتها منها وهي غافلة عنه , أو انتزاع بصمتها وتوقيعها وهي في حالة محرجة … الخ وإنني أنصح الزوجات بعدم اللجوء لهذا التنازل والامتناع عن الانتقال الى المحكمة الشرعية من أجل إنقاص قيمة مهورهن الذي تم تدوينه في صك الزواج بمعرفة أوليائهن , مهما كان تودد الزوج لها , ذلك لأن مثل هذا الطلب يدل على سوء نية الزوج , ويشير صراحة الى حجم الخبث الذي يضمره لها , ويشف عن كيده لها , وعما يريد القيام به من أفعال سلبية في مواجهتها .
المحامي : زيـــاد حمــادي
المزيد...