محصول واعد ذو قيمة طبية ومادية واقتصادية…نتائج مبشرة لنجاح زراعة الزعفران « الذهب الأحمر» في المحافظة
تعتبر زراعة الزعفران من المشاريع المربحة جدا وذات جدوى اقتصادية كبيرة ولا يحتاج إلى خبرة طويلة في الزراعة ويوفر فرص عمل لآلاف المواطنين في حال اتساع رقعة زراعته إلا أنه لا بد من تأمين وسائل لتسويقه قبل تشجيع الفلاحين ونشر زراعته لأنه مكلف ماديا ويحتاج أيادٍ عاملة في القطاف وفرز وانتقاء المياسم ,والنتائج مبشّرة في زراعة نبات الزعفران، وهي زراعة واعدة وذات قيمة طبية ومادية واقتصادية إذ يعادل سعر غرام الزعفران، سعر غرام الذهب.
الزعفران –الذهب الأحمر لاقى اهتماماً حكومياً كبيراً منذ بداية عام 2018 لا سيما أن إنتاجه على مستوى العالم لا يتجاوز 300 طن مع الإشارة إلى أن أكثر الدول المنتجة للزعفران هي اسبانيا وإيران.
للإطلاع على واقع زراعة هذا النبات وأماكن تواجده والصعوبات التي تواجه تسويقه التقينا مع الدكتور عبد المسيح دعيج رئيس دائرة التنمية الإدارية في مديرية زراعة حمص فقال : الزعفران أحد النباتات الطبية العطرية التي تدخل في تحضير الطعام له رائحة زكية ومذاقه الخاص ولاحتوائه على صبغة ملونة طبيعية تدعى «كاروسين «ذات لون أصفر ذهبي أو أحمر تمنح لوناً مميزاً للطعام ويعتبر الزعفران من أغلى التوابل على مستوى العالم , ويضيف الدكتور دعيج :يفيد الزعفران في شفاء العديد من الأمراض ويدخل في تصنيع بعض العقاقير الدوائية ,إذ يحتوي على العديد من العناصر الغذائية والمعادن كالكالسيوم و الحديد والفوسفور والبوتاسيوم إضافة إلى البروتينات والدهون وفيتامينات سي 1/ب2/ب3/والأحماض الدهنية غير المشبعة والكربو هيدرات يعود جنس الزعفران إلى العائلة السوسنية وهو من النباتات المعمرة إذ يعيش لأكثر من خمس سنوات خاصة أن أغصانه تتضاعف كمتوالية هندسية إذ أن الكورمة الواحدة تصبح 3 كورمات في السنة الثانية والثلاث تصبح 9 في السنة الرابعة وقد تصل حتى 27 كورمة .. النبات قصير يتراوح بين 4-7 سم عديم الساق أما الأزهار ذات شكل قمعي بألوان زاهية عديدة تتفتح عند وجود أشعة الشمس كما أنه نبات حولي عشبي من ذوات الفلقة الواحدة .
نبات معمر
يتكاثر الزعفران جنسياً بالبذور وخضرياً بزراعة الكورمات وهو من النباتات المعمرة حيث تنمو الكورمة تحت الأرض وتنبثق عنها أوراق شريطية الشكل وقليلة العدد ولا يزيد طول النبات عن 30 سم وينمو من بين هذه الأوراق شمراخ زهري يحمل زهرة أو زهرتين كما يحمل المياسم الحمراء وتحتوي كل زهرة على قلم أصفر عند القاعدة ويتفرع هذا القلم في نهايته العلوية إلى ثلاثة مياسم بشكل مخروطي ذي شق جانبي تكون هذه المياسم خيوطاً حمراء بنية وهي الجزء المستعمل المعروف من الزعفران ويبلغ طول الميسم بين 3-4-5 سم أما عرضه فلا يزيد عن 4 ملم.
الظروف الملائمة لزراعته
يزرع الزعفران في المناطق المرتفعة ما بين 650 -1200 م ويتحمل ظروف مناخية قاسية جداً ويمكنه مقاومة نقص درجات الحرارة حتى -10درجة مئوية , ودرجات الحرارة المرتفعة حتى 40 درجة مئوية لعدة أيام شريطة ألا تصادف هذه الحرارة مرحلة حساسة في نمو النبات .
وأضاف الدكتور دعيج :تتلاءم زراعة الزعفران مع أنواع مختلفة من التربة شرط أن تكون عميقة سهلة الصرف ولا تتناسب زراعته مع التربة مرتفعة المحتوى من الطين ولا مع التربة الخفية إلا أنه يمكن أن يتحمل التربة ذات المحتوى العالي نسبياً من الكلس ,كما لا يتأثر بحموضة التربة ,وحاجة النبتة من الماء متوسطة نسبياً ما بين 600 -700 مم ويجب أن تتوزع على مختلف مراحل النمو ,ويزرع الزعفران بين منتصف شهر أيلول ومنتصف شهر تشرين أول وتبقى وتستمر الأزهار لمدة ثلاثة أسابيع حيث يتم جني المياسم وتجفيفها وحفظها ,والجزء المستخدم من الزهرة هو المياسم ذات اللون الأحمر البرتقالي ولها رائحة نفاذة وطعم مميز .
المواد الفعالة بالزعفران
يذكر رئيس دائرة التنمية الإدارية أن من أهم المواد الفعالة بالزعفران هو الكروسينو وهو سبب اللون المميز للزعفران والبيكروكروسين :غليكوسيد ويعزى إليه الطعم المميز للزعفران بالإضافة إلى صبغات الكالتينوئيدات كما تحتوي المياسم على زيت عطري يدعى السافرونال وهو مسؤول عن الرائحة كما تحتوي على زيت ثابت.
استخداماته الطبية
يلقب بالذهب الأحمر كونه أغلى محصول يمكن أن تنتجه الأرض الزراعية وله استخدامات كمادة ملونة في مجال الصناعة لتلوين السجاد والمفروشات والملابس وفي صناعة العطور إضافة إلى استخداماته في مجال الطبخ كمنكه للطعام إذ يضاف للأرز والحساء والجبن ويدخل في صناعة الحلويات والكعك والمربيات والعصائر كما يضاف إلى القهوة العربية والشاي لإكسابها لوناً مميزاً , وأضاف : الزعفران مقوي للقلب ومفيد في علاج حالات تصلب الشرايين واضطرابات عدد دقات القلب وعلاج فعال وآمن لخفض لكوليسترول ,ولخواصه المضادة للأكسدة شعبية واسعة في الحفاظ على نضارة البشرة وعلاج حب الشباب ويشفي لدغ الحشرات ,إضافة إلى خواصه العالية في تحسين البصر وعلاج التهاب الملتحمة بالعين ويساعد في حالات عسر الهضم , وأدخل في صناعة الأدوية الطاردة للديدان المعوية والمدرة للبول ,ما يفيد في مجال علاج تضخم الكبد والطحال ويسهم الزعفران في معالجة نزلات البرد والتهاب الحلق والسعال والربو وطرد البلغم,ولزيته فاعلية ممتازة فهو مضاد للتقلصات ويستخدم لتخفيف آلام المفاصل وله آثار مضادة لمرض السرطان وهناك اتجاه طبي لاستخدام الزعفران للوقاية من السرطان وعلاجه .
وأشار الدكتور دعيج أنه وبعد زراعة الزعفران تنتج المياسم خلال السنة الأولى ما كميته ½ كيلو غرام في الدونم الواحد وفي السنة الثانية يصل حتى كيلو غرام تقريباً وفي السنة الثالثة يصل حتى 2 كيلو غرام ويتراوح سعر الكيلو غرام الواحد للزعفران من مليون إلى 10 ملايين ل.س والغرام الواحد منه يصل حتى 10 آلاف ل.س .
مراحل عمل إكثار الزعفران
قال المهندس محمد نزيه الرفاعي مدير زراعة حمص : نعمل حسب توجيهات وزارة الزراعة و حاليا نحن في السنة الثانية من زراعة نبتة الزعفران ولإكثار المادة نعمل على مراحل والتي ستنجز خلال مدة 13 عاماً قادمة وفق ما يلي :الثلاث سنوات الأولى كمرحلة أولى والمرحلة الثانية تتضمن خمس سنوات والمرحلة الثالثة خمس سنوات وعملياً نحن حاليا في غمار المرحلة الأولى السنة الثانية من الإنبات –والتي بدأت منذ عام 2018 -2019وتمتد إلى2020 وتضمنت المرحلة الأولى خلال هذا العام زرع 800 بصلة في مشتل البريج الحراجي حيث بلغت نسبة الإنبات 95% ونسبة الإزهار 90% وتم زرع الزعفران خلال هذا العام أيضاً في أربعة مواقع :وهي مشتل البريج حيث تم زرع 400 بصلة في مساحة 100 متر , وفي الوحدة الإرشادية بالبرج المكسور زرع 400 بصلة في مساحة مقدارها 100 متر , إضافة إلى مشتل الدوير الزراعي حيث تم زرع 400 بصلة في مساحة مقدارها 100 متر , وفي الوحدة الإرشادية بالمخرم زرع 400 بصلة في مساحة مقدارها 100 متر وقد بدأ الإنبات فيها منذ حوالي الأسبوع.
الطموحات
وأضاف : نعمل على أن تكون هوية نبتة الزعفران سورية من خلال تشجيع المزارعين على زراعتها على مساحات شاسعة ، ومن خلال إجراء عمليات التحسين الوراثي على الطرز البرية الموجودة لاسيما أن الموطن الأصلي لها هو حوض البحر الأبيض المتوسط وأغلب أنواع الترب السورية مناسبة لإنبات الزعفران .
خطة العمل
وعن مراحل خطة زراعة الزعفران قال : المرحلة الأولى مدتها 3 سنوات تتضمن توصيف الواقع الحالي وتحديد أماكن التوسع بزراعة الزعفران فعلياً,والاستمرار في زراعة الكرومات المدخلة إلى القطر والموجودة في مركز بحوث جوسيه ومتابعة عمليات الخدمة والعناية اللازمة للوصول إلى أكبر كمية من الكرومات والتوسع بالزراعة بمعدل 1000 كورمة بمساحة 100 م2 بسعر 500 ألف ل.س في عدة مواقع منها في محافظة حمص» مشتل البريج «وفي السويداء وسرغايا إضافة إلى البدء بحصر الطرز الوراثية البرية المنتشرة في سورية مع بداية شهر أيلول 2018 لرسم خارطة أماكن توزع الزعفران في القطر مع الاستمرار بتجارب الإكثار المخبري لهذا النبات, ثانياً: المرحلة المتوسطة وتستغرق 5 سنوات تشمل الاستمرار بعمليات حصر الطرز الوراثية المنتشرة بالقطر للنبات والانتهاء من رسم الخارطة , والتوسع بالمساحات المخصصة لزراعته عن طريق تحديد مواقع جديدة ملائمة بيئياً لهذه الزراعة والبدء بالإكثار النسيجي للنبات وبهدف حفظ وإنتاج الكورمات نسعى لتأمين قاعدة مستدامة ومستمرة من مادة نباتية موثوقة وخالية من المسببات المرضية بهدف التوسع بالزراعة مستقبلاً,ثالثاً : المرحلة الأخيرة وتشمل خمس سنوات تتضمن متابعة التوصيف الجزيئي للطرز الوراثية التي تم حصرها وتحليل المكونات والبدء بالتوزيع على المزارعين بشكل مباشر بعد اختيار المستهدفين في المواقع البيئية المناسبة و المرحلة الأخيرة البدء ببرامج التحسين الوراثي للزعفران وتقييم النتائج وإجراء الاختبارات اللازمة لمعرفة الخصائص الداخلية للطرز الوراثية المحلية.
العوامل المساعدة
أكد الدكتور دعيج أنه من العوامل المشجعة والمساعدة للمزارع في عمله هو أن العمل في زراعة نبات الزعفران يكون خلال فصل الخريف فقط , ويروى النبات مرة واحدة فقط بعد الزراعة,ثم مرة أخرى أسبوعيا حتى هطول الأمطار وخدمته تشمل التعشيب وقطاف المياسم وكلها خلال فترة شهر واحد لاسيما أن الدرنة (الكورمة)تبقى تحت التراب من عام إلى العام الذي يليه مع الإشارة أن الدونم الواحد من الأرض يتسع ل 6000 بصلة, و تحتاج نبتة الزعفران تسميداً عضوياً قبل زراعتها..
الإصابات المحتملة
أشار مدير الزراعة إلى أنه لم تظهر أية إصابات حتى اليوم نتيجة للمتابعة الدقيقة والمستمرة للحقول المزروعة بالنبات من قبل دائرة الوقاية في مديرية الزراعة…وتنصب المصائد لكل من فأر الحقل والخلد كي لا يأكل البصلة.
الصعوبات
وأضاف : يشكل غلاء البصلة إحدى الصعوبات لدى المزارع إذ يبلغ سعر الواحدة حوالي 500ل.س .إضافة لضرورة مراعاة الدقة الكبيرة أثناء قطاف المياسم وأن يكون بأيد خبيرة وحتى اليوم هذه الخبرات مازالت متواضعة … والمديرية تعمل على إقامة دورات توعية بخصوص آلية قطاف المياسم لأنه إذا لم يتم قطفها بالطريقة الصحيحة يؤثر ذلك على نسبة فاعليتها كما تعمل المديرية على طباعة بروشورات توضح آلية القطاف والتي ليست بالأمر السهل أو اليسير كما يظن البعض مشيرا إلى أن الإنتاج الأفضل هو في نسبة المادة الفعالة المتمركزة في المياسم .
ثلاثة ملايين ل.س تكلفة الدونم الواحد
يحتاج الدونم الواحد إلى 6000 كورمة وسعر الكورمة الواحدة 500 ل.س وبالتالي تبلغ تكلفة الدونم الواحد من الكورمات 3000000ل.س .. في السنة الأولى تكون كمية المياسم 0,2 كغ بقيمة نصف مليون ل.س وفي السنة الثانية تكون كمية المياسم كيلو بقيمة مليون ل.س وفي السنة الثالثة تكون كمية المياسم 2 كيلو غرام بقيمة 2مليون ل.س مع الإشارة إلى أن التكلفة تكون فقط في السنة الأولى ثم يتم الإنتاج والحصاد مدى الحياة.
وأضاف المهندس الرفاعي إلى أنه سيتم زراعة بعض الأراضي الخاصة من قبل المزارعين كمساهمات فردية في كل من قرى سكرة – النزهة والعاليات والحواش ووادي الحنة والحسينية الشرقية خلال الفترة القادمة وستشرف مديرية الزراعة على مراحل زراعة الزعفران بشكل مباشر .. المهندس جرجس وهبة مدير مركز البحوث العلمية الزراعية في جوسيه الخراب قال : كانت بداية زراعة نبات الزعفران في منطقة جوسيه الخراب في عام 2000 وبمساحة 200 م2 , وبوشر بالإنتاج في عام 2001 والإزهار في شهر تشرين الثاني من العام نفسه …وكانت النتائج جيدة ومبشرة فالمنطقة من حيث نوع التربة والمناخ والبيئة مناسبة وملائمة لنمو الزعفران , وتعد جوسيه الخراب من أكثر المناطق ملاءمة لزراعة هذا النبات , وأضاف : بدأنا بتطوير نمو النبات شيئا فشيئا كونه يتكاثر عن طريق الكورمات حيث يتم نقلها كل 3-4 سنوات وزراعتها في مساحات أوسع لدرجة أنه أصبح هناك حوالي 10 دونمات مزروعة بهذا النبات عام 2011 , وحاليا وبعد عودة الاستقرار والأمان للمنطقة تتم متابعة المساحات المزروعة والمقدرة ب(5) دونمات بالزعفران «سقاية وفلاحة وتسميد عضوي وتعشيب «.. وأضاف : سنعمل ابتداء من العام القادم على زيادة المساحات المزروعة بالزعفران وتوريد الكورمات أيضا بهدف إكثار هذا المحصول , منوها إلى عدم وجود الكثير من الصعوبات باستثناء الأرانب التي تهدد الكورمات وأوراق النبات , علما أنه يتم اتخاذ بعض الإجراءات الرادعة التي تجبرها على الابتعاد عن الحقل .. لكن أكثر ما يهدد نبات الزعفران هو الصقيع أثناء فترة الإزهار .. وأوضح أن موسم القطاف سيبدأ قريبا آملين أن تكون النتائج جيدة , وختم حديثه نعمل على متابعة سبل نجاح هذا المشروع الوطني الاقتصادي لا سيما أن شروط زراعته متوفرة وعن تسويق هذا المحصول قال : هناك دراسات حول ضرورة تغطية حاجة السوق المحلية بداية ثم العمل على التصدير خارج سورية في مراحل لاحقة مستقبلا …
نبيلة إبراهيم