أهالي “الزارة” :تحرير سوريا لحظة تاريخية لن ننساها وحلم تحقق على يد الأحرار

فرح عامر عاشه أبناء بلدة الزارة وقرية الحصرجية التي تتبع لها “في الريف الغربي لمحافظة حمص” كبقية أبناء سوريا في يوم التحرير الموافق لـ8/ 12 من العام الماضي 2024 , فأبناء الزارة الذين كانوا من الأوائل الذين شاركوا في الثورة السورية مع بداية انطلاق شرارتها في عام 2011 – و سبق و ألقينا الضوء عليها في عدد سابق-  و طالتهم يد الحرب الهمجية و استهدفت بيوتهم وأراضيهم ومصدر رزقهم , وظلوا صامدين متمسكين بأرضهم وبيوتهم, إلا أن الظلم الذي وقع عليهم كان أكبر من سعة احتمالهم وصبرهم,  بعد أن اتبع النظام البائد سياسة التهجير , فما كان منهم إلا أن  يتركوا بيوتهم و ذكرياتهم ويهجرون بلدتهم التي طالما لعبوا في ساحاتها وركضوا في طرقاتها وغنوا أهازيجهم الجميلة في أراضيهم المعطاءة, تركوها مرغمين فتهدمت بيوتهم و نُهِبت, ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تصحرت أراضيهم الزراعية  بعد أن حُرِقت محاصيلهم واقتلعت الأشجار.

و بمناسبة مرور عام على التحرير تواصلنا مع العديد من الأهالي الذين عادوا إلى بيوتهم منتشين بالتحرير والنصر وقالوا لنا: عندما تركنا بيوتنا وبلدتنا تركنا معها قلوبنا ومشاعرنا, إلا أن آمالنا كانت كبيرة بأننا سنعود لها مرفوعي الرأس, وكنا على ثقة أن الثوار سيفعلونها وسيدحرون النظام المجرم و سيعيدون لنا كرامتنا وسيسترجعون كل شبر من أراضينا وكل بيت….الخ.

وتابعوا: منذ بدء معركة ردع العدوان في السابع والعشرين من تشرين الثاني أي قبل التحرير بحوالي أسبوعين ونيف تفاءلنا خيرا, ترقبنا تلك المعركة خطوة بخطوة  وكنا ننتشي مع كل تقدم يحرزه الأبطال فتحررت حلب ومن ثم حماة فكانت الطريق سهلة ومريحة إلى حمص ومن ثم كافة أرجاء سوريا بعد هروب الطاغية, فرقصنا فرحا ورقصت قلوبنا نشوة بالنصر , كيف لا ونحن ننتظر هذه اللحظة منذ 14 عاما, ذقنا فيها الأمرّين ونحن بعيدون عن أرضنا وديارنا – فأغلب الأهالي توجهوا إلى لبنان الشقيق وإلى الشمال السوري وبعضهم سكن في مدينة حمص أو في دمشق-.و بمجرد سماع هذا النبأ هرعنا إلى بلدتنا التي اشتقنا إليها كثيراً ونحن على دراية أن بيوتنا مهدمة  ومنهوبة, لكننا عزَمنا على ترميمها وإعادة بنائها حجراً فوق حجر وسنسكنها رغم أن أغلبها دون سقف فالمرء, لا يجد الراحة إلا في بيته حتى ولو سكن قصوراً! فكيف بالذي سكن بخيمة في مخيم؟

فبلدة الزارة وقرية الحصرجية  تعرضتا وعلى مدار 11 عاماً  لتدمير شامل طال البيوت و القطاع الزراعي , شملت هذه الانتهاكات اقتلاع الأشجار, وحرق المحاصيل , والاستيلاء على الأراضي , وسرقة وتخريب الممتلكات , ومُنع الأهالي من العودة إلى منازلهم وحقولهم  و شكلت الانتهاكات اعتداء ممنهجاً في حق الأهالي في البقاء والحياة الكريمة, وحرمت المزارعين أراضيهم ومصدر رزقهم لأكثر من عقد و تُرِكت الأرض عرضة للنهب والتخريب والتصحر.

و بين  عامي (2014 – 2019),  نُهبت جميع محتويات المنازل , وتم تدمير أكثر من 70 % من أسقف الأبنية وسُرق الحديد منها و اقتلعت  أكثر من 600 ألف شجرة مثمرة من جذورها  وسُرقت آلاف  خلايا النحل و معصرتا زيتون حديثة و مخبز القرية , ورُدِم حوالي 80 بئراً جوفياً بعد نهب مضخاتها , وسرقة أكثر من 100 جرار زراعي , ودُمرت 130 مزرعة دواجن , كما سُرِق أكثر من 1700 بيت بلاستيكي , وكل ذلك موثق ومصور و يظهر على خرائط غوغل.

وأكد كل من رئيس البلدية مروان المصري والأهالي أنه  تم استباحة منازل بلدة الزارة وحقولها عدة سنوات  وتحويل وحدة تصنيع السجاد –  وهي من أقدم معامل السجاد في سوريا و سجادها من أفخر الأنواع-  إلى حظائر للحيوانات بعد تدميرها بآلة الحرب الهمجية , وقاموا بتخريب  واسع لمنازل المدنيين.

و أنه بين 2019 – 2024 و بعد عودة جزئية للأهالي افتعل بعض المخربين من القرى المجاورة حرائق سنوية مع بداية كل صيف ما أدى إلى احتراق مئات الهكتارات من الأراضي المزروعة بالقمح والزيتون.

و بعد التحرير عاد حوالي 95 % من الأهالي إلى بيوتهم وبدؤوا بترميم منازلهم لتعود وتنبض بالحياة من جديد و قامت البلدية بترحيل الأنقاض التي كانت تسد الشوارع  وتعيق الحركة وبلغت كمية الأنقاض التي تم ترحيلها حسب ما أشار إليه رئيس البلدية حوالي 3500 متر مكعب.

العروبة – مها رجب

المزيد...
آخر الأخبار