حملة “حلب ست الكل” تجمع في يومها الأول أكثر من 150 مليون دولار
جمعت الحملة المجتمعية “حلب ست الكل” في يومها الأول أكثر من 150 مليون دولار، على أن تستكمل خلال اليومين القادمين، بهدف دعم إعادة تأهيل البنى التحتية وتعزيز جهود الإعمار في مختلف القطاعات الخدمية والاقتصادية.
وجسدت الحملة التي انطلقت فعالياتها مساء اليوم في مجمع الشهباء بمدينة حلب وسط حضور رسمي وشعبي واسع، التفاعل المجتمعي لجمع التبرعات لدعم مشاريع الحملة التنموية.

وأكد محافظ حلب عزام الغريب خلال انطلاق فعاليات الحملة، أن النصر الذي تحقق أعاد للمدينة وأهلها مكانتهم وكرامتهم، بعد عقود من الظلم والقهر، مشيراً إلى أن حلب تدخل مرحلة جديدة عنوانها التعافي وإعادة البناء، بدعم من أبنائها وكل الشركاء القادرين على الإسهام في نهضتها.
ولفت إلى أن المدينة التي كانت أكبر مركز صناعي في سوريا، وموئلاً للحرف التقليدية والعلوم والآثار، تستعيد اليوم دورها الحضاري رغم حجم الدمار الذي لحق بها خلال السنوات الماضية.
وأوضح المحافظ أن اليوم الذي طال انتظاره قد حل، معلناً انتهاء مرحلة ثقيلة امتدت لأكثر من خمسين عاماً عاش خلالها السوريون تحت وطأة الظلم، وصبروا فوق طاقتهم، حتى جاء النصر كالفجر الصادق ليعيد لحلب وأهلها مكانتهم وكرامتهم، مشيراً إلى أن المدينة لم تنس أبناءها الذين غادروها يوماً وعادوا إليها محملين بالأمل.

وبيّن الغريب أن حلب كانت على مدى عقود أكبر مدينة صناعية في سوريا، وبرزت في مختلف المجالات من صناعة النسيج إلى الصناعات الغذائية، إضافة إلى مكانتها الرائدة كمركز للحرف التقليدية في الشرق، حيث احتضنت آلاف الورشات في النحاس وصابون الغار والنجارة والزجاج اليدوي، بحرف متوارثة عبر الأجيال.
وأشار إلى أن سوق حلب يُعد أكبر سوق مسقوف متصل في العالم، وأن المدينة تُصنّف من أقدم المدن المأهولة في التاريخ، وتتميز بغناها بالآثار، فضلاً عن كونها مدينة علم وفكر أنجبت كبار العلماء والمؤرخين، ما جعل اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية اعترافاً دولياً بمكانتها الحضارية.
وأوضح المحافظ أن آثار قمع النظام البائد في مواجهة ثورة الشعب تجلّت بوضوح، في حجم الدمار الذي أصاب مدينة حلب، حيث تضرر أكثر من 35 ألف مبنى بدرجات متفاوتة، بينها آلاف المباني المهدمة كلياً، إضافة إلى تضرر نحو ثلث المخزون السكني بشكل كامل أو جزئي، وهي النسبة الأعلى بين المدن السورية.
وبيّن الغريب أن أكثر من ثلث البراميل المتفجرة التي استهدفت الشعب السوري سقطت على حلب وحدها، ما أدى إلى خروج مئات المدارس عن الخدمة وحرمان عشرات الآلاف من الطلاب من حقهم في التعليم، فضلاً عن تعرض مستشفيات رئيسية للقصف وبقاء أحياء كاملة بلا خدمات صحية، إلى جانب موجات نزوح واسعة شهدتها المدينة.
وختم محافظ حلب بالتأكيد، أن حملة الوفاء لحلب تحت شعار «حلب ست الكل»، تمثل دعوة لكل من قال يوماً: “أنا من حلب” أو “أنا أهوى حلب”، ولكل من حمل وجعها، كما أنها دعوة موجهة لرجال الأعمال والمغتربين والمؤسسات والمنظمات، ولكل يد قادرة على أن تكون شريكاً حقيقياً في إعادة الحياة إلى هذه المدينة العريقة.

وخلال مشاركته في الحملة أكد وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني، أن ما تشهده سوريا اليوم من تحولات إيجابية وإنجازات خلال عام واحد يعكس إرادة الشعب السوري وهمته، مشدداً على أن حلب كانت وستبقى ركيزة أساسية في مسار النصر والبناء، ومنطلقاً لنهضة سوريا الجديدة سياسياً واقتصادياً وثقافياً.
وقال الوزير الشيباني: “مبارك لنا جميعاً… سوريا اليوم بلا عقوبات، فخلال عام واحد فقط، وبهمة الشعب السوري، وجهود فرسان الحكومة السورية، وبدعم فخامة الرئيس أحمد الشرع، أذهل الشعب السوري العالم بأسره”.
وأوضح الشيباني أن الوجود في حلب لا يندرج في إطار التبرع فحسب، بل هو حضور احترام وتقدير لمدينة صمدت وكانت الرافعة الحقيقية للسوريين، لافتاً إلى أن التحاق حلب بالثورة السورية في عامي 2011 و2012 شكل محطة مفصلية أسهمت في تحقيق انتصار كبير آنذاك.
وأشار إلى أن دخول النظام البائد إلى حلب عام 2016 أدخل الحزن إلى قلوب السوريين، إلا أن تحريرها قبل عام من اليوم شكل دفعة معنوية كبرى، أوصلت الثوار إلى دمشق، مؤكداً أن العودة اليوم إلى حلب بعد عام من التحرير تحمل معاني الفرح والألفة والبذل التي تتجلى على وجوه أبنائها.
وشدد وزير الخارجية على أن الشعب السوري شريك أساسي في إعادة البناء، قائلاً: “السوريون ليسوا متفرجين، بل مشاركون في إعادة الإعمار، وأهل حلب أهل بذل وكرم وعطاء”، معرباً عن أمله بأن تجمع حملة “حلب ست الكل” ما جمعته حملات المحافظات السورية كلها.

وأعرب الشيباني عن تطلعه إلى عودة عبارة “صنع في سوريا” من حلب إلى الأسواق الخارجية قريباً، بعد غياب دام 14 عاماً، مؤكداً أن سوريا اليوم بلا قيود، وأن العالم متشوق للمنتجات والمعامل السورية.
وأكد وزير الخارجية والمغتربين أن حلب تمثل الركيزة الأهم في الاقتصاد السوري، وجزءاً أساسياً من الدبلوماسية التجارية، إضافة إلى مكانتها كعاصمة للاقتصاد السوري وعاصمة للثقافة العربية، مشيراً إلى أن عنوان الحملة “حلب ست الكل” يعكس حقيقتها ومكانتها.
وأضاف: “حلب من أقدم المدن المأهولة في التاريخ، وهي التي تمثل التاريخ والحاضر معاً، ومنها نستمد صمود الشعب السوري وإرادته”، معبراً عن أمله بأن تكون حلب منطلق النهضة وإعادة الإعمار في سوريا، وهو أمر ليس بغريب عن أهلها.
وختم الشيباني بالتأكيد على أن الفرح اليوم سوري عام، وأن العالم يشارك السوريين هذه اللحظة، قائلاً: “نريد مفاجآت كبيرة للسوريين، فسوريا عادت لأهلها، واليوم يعاد بناؤها بهمة أبنائها”.
ويترقّب أهالي حلب أن تسهم الحملة في تحسين الواقع الخدمي والمجتمعي، آملين أن تشكّل خطوة عملية تعيد الحيوية إلى الأحياء، وتعزّز روح المشاركة والتكافل والعطاء بما ينهض بواقع محافظتهم.
وكانت محافظة حلب أطلقت في الثلاثين من حزيران الماضي حملة بعنوان “لعيونك يا حلب”، بهدف النهوض بواقع المدينة، وتعزيز جهود إعادة الإعمار، وذلك بمشاركة واسعة رسمية وشعبية وأهلية.
وخلال العام الجاري، شهدت عدة محافظات سورية مبادرات مشابهة لدعم إعادة الإعمار، وتحسين الظروف المعيشية والخدمية في المناطق المتضررة جراء قصف النظام البائد.