مع تغير ظروف الحياة والتقدم العلمي الحاصل , لم يعد عمل المرأة يقتصر على مزاولة مهن معينة كالتدريس والتمريض والطب وغيرها من الأعمال العادية التي هي بنظر البعض تناسب طبيعة وقدرة المرأة وقد شكك البعض بقدرات المرأة في أن تشق طريقها المهني أو أن تنافس الرجل في ميادين عمل أخرى .
ولعل فكرة عمل المرأة باتت متغيرة منذ سنوات وخاصة في بلدنا مع إعطاء المرأة حقوقها في التعليم وغيرها من الحقوق التي تمكنها من أخذ دورها كاملا في المجتمع اليوم، و حققت المرأة نجاحا في مزاولة كثير من الأعمال التي قيل عنها سابقا أنها لا تصلح سوى للرجل ,فهي اليوم موجودة مع الرجل في جميع ميادين الحياة .
ولكن أخذ المرأة لهذا الدور لم يخل من بعض الآراء التي أخذت توجه الانتقاد لعمل المرأة وتحميلها الكثير من الانعكاسات السلبية على الحياة الأسرية فهناك من يحمل المرأة مسؤولية إهمال الأولاد وتربيتهم وهناك من يحملها مسؤولية إهمال واجباتها المنزلية ومسؤولية أخرى تتحملها المرأة بسبب عملها خارج المنزل وهي إهمال الزوج…
استطلعنا بعض الآراء حول أهمية عمل المرأة ودورها في مساعدة الرجل وخاصة مع ازدياد الأعباء المادية على الأسرة في ظل ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة …
الشعور بالمساواة
غزل الأحمد “طالبة هندسة”تقول: كثير من الأزواج يشتكون من عمل زوجاتهم الذي وفر في اغلب الحالات المساعدة المادية لميزانية الأسرة والتي تساهم الزوجة العاملة بدفع جزء من راتبها لتغطية نفقات الأسرة و البعض من الأزواج يرى أن عمل المرأة أثّر على دور الزوجة في تولي مهامها وخاصة مع الأولاد ومتابعة تحصيلهم العلمي .
وأضافت : اليوم هناك المرأة التي حصلت على نصيب من التعليم الذي يؤهلها لنيل حقها المشروع في العمل ,ولكن المشكلة تكمن في إحساس المرأة بمساواتها الكاملة مع الرجل والذي يغذي هذا الشعور لديها هو ممارستها الفعلية للعمل والشعور بالاستقلال المادي, وهذا الأمر يصعب على الزوج تحمله فهناك من الزوجات من تطالب بتقسيم المهام المنزلية اليومية بينها وبين الزوج وهذا الأمر بالتأكيد لا يدعو إلى الإحراج بقدر ما ينبع من عدم تعود الرجل الشرقي عموما الذي يسعى للحفاظ دوما على ما تربى عليه , ناهيك أن بعض النساء اللواتي يهملن دورهن الكامل في الأسرة بحجة العمل وهذا ليس مقبولا عند جميع الأزواج الذين ينشدون الراحة في منازلهم بعد يوم طويل من العمل وليس مقاسمة المرأة لأعمالها المنزلية ..
تغير ظروف الحياة
سلام المصطفى «ارشاد نفسي» تقول: نحن ننظر لعمل الزوجة بصورة دقيقة أكثر , فأغلب المشاكل تمثلت بعدم فهم الرجل الشرقي لطبيعة ظروف المرأة وعملها والذي دائما هو عرضة للاستهانة به , والمرأة التي تهتم بعملها تتهم بأنها مقصرة تجاه بيتها وزوجها ,فماذا تفعل الزوجة لترضي رغبات الزوج , وهي التي تتحمل مصاعب كثيرة لمواجهة الحياة ؟
فالمرأة اليوم تغيرت كما تغيرت وتيرة الحياة على سبيل المثال نفقات الأسرة في الماضي كانت تقع على عاتق الزوج أما اليوم وبسبب غلاء الأسعار أصبحت المرأة شريكة أساسية في إدارة الجانب المالي للأسرة ونجد أن أغلب المشاكل التي تعترض طريق المرأة العاملة اسريا تكمن في عدم مساعدة الرجل لها وتحمل جزء من مسؤوليات البيت والأولاد وأنا أتساءل : ماذا يحصل لو تقاسم الرجل مع شريكة حياته جزء من الأعباء التي تتحملها المرأة ليعينها على مواصلة الحياة ومساعدتها لتصل إلى النجاح في حياتها العملية ؟! ولماذا يجب على الزوجة فقط مساعدة الرجل لينجح، أليس من حقها الشعور بطعم النجاح أيضا ؟! .
التفاهم منذ البداية
ميسم رحال «معلمة» تقول : إن المرأة هي من تستهين من بداية زواجها بتحقيق نجاحها المهني فمثلا لو كانت منذ البداية اتفقت على شكل الحياة مع زوجها لما كان هذا حالها اليوم ,فهي التي جعلت زوجها يعتاد على نظام أسري معين وفجأة تريد تغييره وهذا لا يحصل دائما أو يتطلب جهدا ,والرجل الشرقي بشكل عام يحرص على الالتزام بالعادات والتقاليد التي تربى عليها والتي تحرص على مكانة الرجل في المجتمع, وللأسف دائما ما يفهم الرجل هذه العادات بشكل خاطئ ,فمثلا ما المعيب في مساعدة الرجل لزوجته في جميع أعمالها سيما وأنها أصبحت هي أيضا تساعده في مسؤولياته؟ ولا أرى في عاداتنا ما يعارض نجاح المرأة سواء في دراستها أو عملها ..
تحقيق التوازن
سوزان القاسم “ علم اجتماع “ قالت :رغم أن مشكلة عمل الزوجة تخطت المجتمع الشرقي وباتت تؤرق المجتمعات الغربية, فهناك الكثير من الدراسات التي أجريت حول هذا الموضوع بينت تزايد القلق من تأثير عمل المرأة على الحياة الأسرية فهناك أدلة تشير إلى أن عمل المرأة يكلفها هي وأسرتها الكثير .
وأضافت : الكثير من الدراسات تؤكد أن هذه المشكلة لا تعاني منها المرأة الشرقية وحدها ,بل هي مشكلة تتطلب الكثير من الوعي لدى الزوج والزوجة لحلها ولكي توازن المرأة والتي هي نصف المجتمع بين دورها في المجتمع ودورها داخل الأسرة تحتاج إلى بعض العوامل التي تساعدها في خلق هذا التوازن ,و المرأة العاملة المتوازنة تكون غالبا كثيرة النشاط والاستقرار أكثر حتى من المرأة المتفرغة تماما للمنزل حيث تكون لها فرصة تحقيق الذات من خلال العمل والإحساس بالاستقرار النفسي والمادي فتقدم لابنائها مثالا طيبا يحتذى به … وهناك بعض الأمور التي تساعد المرأة على خلق التوازن المطلوب في حياتها وأهمها ترتيب الأولويات وهذه نصيحة يجب أن تدركها المرأة وهي أنه لا يمكن تحقيق كل شيء في آن واحد ,فالمرأة يجب أن تراجع أولوياتها في كل فترة وفقا لظروف أسرتها لتستطيع التوفيق بين العمل والأسرة وبعض الأنشطة الأخرى ولتحقيق توازنها النفسي الذي بدونه لا تستطيع التميز في عملها ,إضافة إلى إتباع المنهج الكيفي وليس الكمي في الحياة ,فالمهم هو كيفية الاستفادة من أي وقت تملكه لأننا كثيرا ما نجد امرأة تشتكي من أنها ضحت بوظيفتها من أجل أسرتها في مرحلة معينة,ونكتشف أنه لم يكن لها إضافة واضحة في هذه الفترة حيث لم تستغل وقتها مع أولادها الاستغلال الأمثلفي حين نجد امرأة عاملة متوازنة تستغل الأوقات القصيرة التي تقضيها مع أسرتها وأبنائها أفضل استغلال فتكون فعالة ومنتجة, فتحقيق التوازن بين البيت والعمل مطلوب من المرأة العاملة لأن ذلك هو الفيصل في تمييز المرأة العاملة الناجحة عن غيرها .