قد لا نستغرب اليوم عندما نسمع بشاب أو رجل يذهب إلى مركز تجميل أو يستخدم بعض مستحضرات التجميل الخاصة بالرجال أو يجري بعض عمليات التجميل كحقن البوتكس أو عمليات شد البشرة أو تلوين الشعر أو ..أو .. ولكن تبقى الفكرة مستهجنه ،وغير مقبولة اجتماعيا وخاصة في المجتمع الشرقي..
لكن الواقع يكشف لنا -كل يوم -شيئاً جديداً ويفتح المجال عن قضايا قد تثير الاستغراب وقد تجعل آراؤنا في حيرة ونصبح رهائن لآراء الآخرين.
ولكن السؤال المهم في حال انتشرت هذه الحالة بشكل كبير هو: ما رأي النساء بالرجل الذي يستخدم مواد التجميل أو يقوم بعمليات التجميل ؟
الجمال والتجميل .. لمن ؟
عندما طرحنا السؤال على عدد من النساء استغربن وبعضهن ابتسمن ابتسامة ساخرة ولكن الاستهجان الأكبر كان عندما طرحنا السؤال على مجموعة من الرجال وقد ذهبت الآراء إلى عدم التأييد لاستخدم المستحضرات ولا لإجراء عمليات التجميل بهدف البحث عن المظهر الجميل أو الوسيم ولكن يمكن إجراء عمليات تجميل ضرورية لترميم التشوهات أو الحروق …
عمار -أعمال حرة قال : عندما أجريت عملية تجميل لأنفي لم يكن الهدف التشبه بأحد المشاهير ولكن كنت أملك أنفاً مشوهاً جعلني في حالة نفسية صعبة ولذلك كان هذا القرار بعد تفكير طويل .
ماجد -طالب جامعي قال : إذا اعتبرنا مثبت الشعر “الجيل” أو كريمات ما بعد الحلاقة هي مواد تجميل فمعظمنا يستخدم هذه المواد ، ولكن لا يمكن أن أتخيل رجلاً يستخدم أحمر الشفاه أو “الماسكرا” مثلاً
مروان – موظف قال : إذا استخدم الرجل مواد التجميل فماذا يبقي للمرأة وهل يمكن بعد ذلك أن تنجذب إليه بعد أن تشعر أنها فقدت أكثر أسلحتها قوة وهو سلاح التزيين والجمال ؟ وهل تستقيم الحياة على هذا المنوال ؟
خلط في الأدوار
فريال -صاحبة محل مستحضرات تجميل قالت: لقد أصبحنا نرى الرجال في محلات التجميل فقد انتقل الرجل من استخدام المعجون الذي يستعمله للحلاقة وماء الكولونيا إلى كريمات أخرى تستخدمها النساء مثل الواقي الشمسي ،والقناع المرطب للبشرة وتدرج البعض لاستعمال كريمات نسائية خالصة تندرج في خانة النظافة والمظهر اللائق فأصبح شكله ومظهره يقترب من شكل المرأة التي حباها الله بخصوصية لا يمكن أن تنطبق إلا عليها وحدها فقط .
جانيت -كوافيرة قالت : لا يمكن أن ننكر أن العديد من المفاهيم تغيرت عبر الزمن ومنها مفهوم الجمال والتجميل فقد تطورت النظرة كثيراً وأصبح يهتم به الرجال كما النساء وربما ساعد على ذلك الحياة الجديدة التي يعيشها كلا الجنسين ولذلك بدأ الرجل يهتم بشكله وأناقته والتي تحتاج في كثير من الأحيان إلى رتوش أي مواد التجميل ولو بشكل بسيط ومحدود .
وتقول المحللة النفسية إيزابيل في كتاب الجمال حين حللت نظرة المرأة من اهتمام الرجال بمظهرهم :” إن المرأة التي تحث زوجها على العناية ببشرته وإزالة النمش أو النقاط السوداء في وجهه تبدو أنها تلعب دور الأم معه لكن قد ينشأ من هذا التواطؤ التجميلي بين الشريكين خلل يخلط الأدوار بينهما .
تجميل الرجل ورأي خبير
يقول أحد الأطباء المختصين بطب العيون وجراحتها وفي مجال هذا الاختصاص أن أغلب عمليات التجميل التي يجريها الرجال هي شد الجفون المترهلة التي يتركها الزمن على وجه الإنسان وأن من يجري هذه العمليات غالبا ما يعمل في أماكن تتطلب مظهراً جميلاً مثل من يعمل في مجال السياحة أو الفنادق ..ويضيف أن نسبة من أجريت لهم مثل هذه العمليات يقدرون من نسبة المرضى (3-5%) وقال إن الإنسان يحتاج غالباً إلى عملية واحدة في حياته ومع تقدم السن أكثر يحتاج إلى عملية أخرى وهذه الأمور تخضع لاعتبارات عديدة تخص المريض والظروف التي تمر عليه و..
ظاهرة قديمة
منذ العصور القديمة أقبل الرجال -خصوصاً الأغنياء والملوك – على الاهتمام بمظهرهم فكانت لهم تسريحات شعر معينة وتشذيب لحى خاص عدا ارتداء الجواهر أو استعمال العطور وقد كان الرجال منذ منتصف القرن العشرين يذهبون إلى الحلاق لنزع شعر الأذنين مثلاً أو تخفيف شعر الحاجبين الكثيف ، لكن قليلاً ما كانت هذه الأشياء تلفت النظر لعدم شيوعها وقلة الحديث عنها ثم إن الصبغة للرجال معروفة منذ القدم ولازال شائعاً وإن بأساليب مختلفة مما يدل على أن العناية بالمظهر الرجولي ليست مسألة مستجدة بل تطورت اليوم كما تطور فن التجميل النسائي .
إقبال يزداد
يمكن اعتبار فترة التسعينات فترة الذروة في تاريخ التجميل عند الرجال ولم تعد قوة العضل هي المقياس للنظرة إليهم بل أضف إليهما اللياقة والظرف مما استدعى مظهراً أقل خشونة مع الحفاظ على الحيوية لتفادي الظن بأن الرجال أصبحوا يشبهون السيدات وللإشارة إلى أنهم فقط يتأقلمون مع مظاهر الحياة المرفهة التي يعيشونها ومع تغيير نمط العمل وانتقاله إلى المكاتب واعتماد الآلات هو عمل غير عضلي ولا شاق ، ولا تزال نسبة إقبال الرجال على مستحضرات التجميل قليلة وإن كانت ارتفعت في السنوات السابقة وتشير بعض الإحصائيات مما يعني أن معظمهم لا يزال يرى هذه التغييرات بعين حذرة ولعل الرجال يخشون تشابكاً في الأدوار بين الرجال والنساء وأن يوحي مظهرهم بالانحراف والنفور .
حضارة وثقافة المظهر
ربما سيأتي يوم لا تنظر فيه المرأة بازدراء إلى الرجل الذي يضع الماسك أو يزيل النقاط السوداء عن بشرته بل قد تشجعه وتساعده بخبرتها الطويلة وقد يقتنع المجتمع أن التزيين لا ينقص من رجولة الرجل بل يمكن أن يكون جزءاً من رجولته إذا التزم بالعرف والتقاليد فالتزيين جزء من حضارة المظهر التي نعيشها والتي تلقي بثقلها على كل شيء .