أرخت الحرب بثقل ظلها على كامل تفاصيل حياتنا وغيرت الكثير من نظرتنا للحياة أو لأمور كنا نعتبرها أساسية وكان للغلاء – المبرمج في أغلب الأحوال – دور كبير في فرض خيارات كنا نعتقد أننا بعيدون عنها كل البعد .
وفي زمن الحرب أعلن الحب قوته وأثبت أن إرادة الحياة أقوى ، وبرهن أن الشعب السوري قادر على إبقاء الفرح مهما اشتدت عليه الظروف ….
جولتنا كانت مع شباب وشابات بعمر الورود أقبلوا على الحياة غير آبهين بما ألحقته بهم الحرب من آلام ومآس بل يرون أن استمرار الحياة برونقها وروعتها هو التحدي الأكبر ، وفي مادتنا نستعرض آراءهم حول ضرورة وجود المهر الكبير ، و الذهب الكثير لإتمام الزواج – ولا سيما في ظل الارتفاع الهائل لسعر غرام الذهب – والمبرر هو أن الذهب هو المقياس الحقيقي لمقدار الحب بين الطرفين وكانت الآراء التالية :
محبس يفي بالغرض
ميران فتاة جامعية قالت: إن مصاريف العرس و المكياج و الفستان و واجب الضيافة للمعازيم كلها تكاليف وأعباء مادية يمكن الاستغناء عنها و يمكن للعروسين أن يبدأا حياة كريمة بتلك المصاريف بعيداً عن الناس و التقاليد التي تضعهما تحت المراقبة في كل تصرف …صحيح أنها فرحة العمر و وجود الذهب يفرح العروس لكن في حياتنا و في زمننا تغيرت المفاهيم وأصبح الفرح مرهوناً بسلامة الأبناء وعودة الغائب …
زينة وخزينة
نيروز أم لطفلتين قالت: كلامي سيكون بناء على تجربتي الشخصية فالذهب ضروري للأيام الصعبة أنا متزوجة من سنوات عدة ، و عندما باغتتنا الحرب اللعينة و اضطررنا للنزوح من مكان سكننا الأصلي بشكل مفاجئ دون أي تحضيرات كان الذهب الموجود من أيام زفافي هو الملاذ الوحيد لنا ولولا وجود (عدة قطع احتفظ بها ) لكانت الأمور سيئة جداً وكما يقول المثل : « الذهب زينة وخزينة » ووجوده أصلاً من أجل الأوقات الصعبة وليس من أجل التظاهر أمام الناس .
ليست المادة هي الأهم
رؤى فتاة جامعية قالت: الذهب ليس هو الضرورة بحد ذاته لكنه من تقاليد الزواج ووجوده ليس تعبيراً عن حب الشاب للفتاة فلا معنى لوجوده إن لم تكن العواطف حقيقية و ستنهار هذه العلاقة مع أول عاصفة
لكن ميس كان لها رأي آخر إذ اعتقدت أن الذهب هو ضمان للفتاة من الأيام القادمة والتي قد يكون فيها من المصائب ما يؤثر على الحياة بشكل كامل .
ظروفي صعبة
وللشباب آراء متفاوتة حيث قال ذو الفقار: من الضروري وجود الذهب لكن حسب الاستطاعة لا غنى عن المحبس وقطعة صغيرة على الأقل وفي الحقيقة عندما تكون الظروف مواتية فإن كل شاب يتمنى أن يحضر أشياء كثيرة لعروسه ولكن تبقى الكلمة الفصل للحالة المادية.
وسانده مؤيد بقوله: علينا ألا ننسى الأعباء الكبيرة الملقاة على عاتق الشاب فتأمين السكن لوحده هم كبير عدا عن الأثاث وغيره من أساسيات الحياة .
الحب والاحترام
نيرمين ومجدولين وصفاء يعتقدن أن الذهب ومهر الفتاة لم يكونا يوماً من أجل التباهي فهو شرط من شروط الزواج لكنه لا يصنع الحياة السعيدة وإنما الحب والاحترام هو الأساس لبناء حياة مشتركة ولم تعد للتقاليد والعادات تلك الأهمية الكبرى في نظرنا لكن يبقى الذهب في حال وجوده ضمانا من الأيام الصعبة .
العين بصيرة واليد قصيرة
علي متطوع في الجيش العربي السوري قال: أتمنى أن ألبس عروسي المستقبلية ذهب الدنيا لكن في حال عدم وجود الإمكانية المادية يجب مراعاة الظروف الصعبة التي يمر بها معظم الشعب السوري وخصوصا الشباب الذين في مرحلة الزواج وذلك في حال قبلت العروس وبرأيي أن الأهم هو الأخلاق و التربية و التعامل .
حسن وطارق وغيدق قالوا :علينا أن لا نبقى مقيدين بعادات وتقاليد مرهقة ولا نعرف لماذا تناست الأغلبية مقولة (ع السراء و ع الضراء ) فالزواج علاقة أكبر من أن تقيد بالذهب والأمور المادية ولا ننكر أن وجود الذهب مهم لكن مع مراعاة الظروف لأن هناك بعض الأهالي يرهقون كاهل الشاب المتقدم لزواج ابنتهم بتكاليف وطلبات بدون رحمة .
مرح قالت : خاتم بسيط يربطني به أمام الناس يكفي لأن الخاتم رمز من الرموز المتعارف عليها في كل بلاد العالم ولدى كل الشعوب في مرحلة الخطوبة والزواج.. ولا ننسى أن هناك أمورا أهم بكثير من الذهب وغيره.
أسامة عسكري متطوع قال : وصلت لعمر 29 ولم أصل لإنجاز مادي في حياتي وإذا لم ألتق بفتاة تساعدني على مصاعب الحياة وتقدر ظروفي سيكون موضوع الزواج بعيداً جداً عن أفكاري.
حق لكن بالعقل
زينة موظفة – قالت : فقط العقول المريضة تعتقد أن قيمة الفتاة بما تتزين به من ذهب وكأن العملية بيع و شراء وقد تناست هذه العقول أنه وقبل الزواج يجب أن تقتنع هذه الفتاة بظروف الشاب لأنها ستعيش معه لبقية حياتها تحت السقف الواحد وبذلك لا يكون هناك ركيزة سوى الأخلاق فقط وهي الضامن .
أما غدير وهو طالب جامعي اعتبر أن الذهب ضروري على مبدأ «احتفظ بقرشك الأبيض ليومك الأسود» ولا يمكن لأحد ضمان ما سيحصل معه في الأيام القادمة فان أحضر الشاب لعروسه مقدارا من المصاغ الذهبي سيبقى مجرد رصيد يحمي ويساعد في وقت الشدة .
تحايل على أرض الواقع
السيدة زبيدة محمد قالت : تزوجت منذ ثلاث سنوات وكان الوضع المادي لزوجي كما يقال على قد الحال وبالمقابل كان هناك عادات وتقاليد يجب التقيد بها أمام الناس والأقارب ولذلك قمنا – وبالاتفاق مع الأهل – بشراء مصاغ ذهبي مزور وهو منتشر في الأسواق بكثرة وبذلك أرضينا أنفسنا وتماشينا مع وضعنا المادي وأرضينا الناس الفضوليين الذين يكثرون من الكلام الذي لا يسمن ولا يغني عن جوع ولا يستطيعون بكلامهم أن يحلوا مشكلة أو يساعدوا أصحاب العلاقة .
أخيراً
كل ممن التقيناهم عرض رأيه لكن تبقى التجربة خير برهان وقد شهدنا مؤخراً الكثير من حالات الزواج بمحبس فقط وأخرى بالكثير والكثير من التكلف ونتمنى أن يعرف كل طرف قدرة الطرف الآخر ولا يرهقه بما لا طاقة له به ومجتمعنا السوري متماسك في أغلب الحالات ويتأقلم مع الظروف مهما اشتدت الأزمات المادية وغيرها و لن تستطيع قوة في العالم قتل حب الحياة و الاستمرار في نفوسنا .
منار الناعمة – هنادي سلامة