منذ فترة غير بعيدة شكونا من حالات الغش والتدليس وخاصة بالنسبة للمواد الغذائية ، وما ينعكس ذلك سلبياً على صحة المواطن .
أما اليوم وبعد أن بدأ هيجان الأسعار ، وممارسات التجار الشطار بظل ارتفاع قيمة الدولار والتفنن في الأساليب والابتكارات التي عجز عن كشفها مراقبو الأسعار فانتقلت إبداعاتهم إلى مراحل جديدة لم يسمع بها المواطن السوري من قبل .
هذا المواطن الذي عاش يقاوم الهجمة القذرة على وطنه ، ويقدم أرواح أولاده دفاعاً عن كرامة بلده وشعبه ، يكتشف الآن أن بعض ضعاف النفوس يتآمرون على صحته وصحة أطفاله ، ولم يكتفوا بغش الحليب واللبنة والجبنة والعديد من أنواع المنظفات ، فامتدت أياديهم القذرة إلى الحيوانات النافقة لبيع لحمها في الأسواق دون رادع من ضمير .
لقد انتقلت أفكارهم إلى مراحل متقدمة ، وذلك عن طريق امتهان الغش والترويج له بل الأكثر من ذلك إقامة منشآت ضخمة لتزوير المنتجات ،مستودعات من عدة طوابق داخلها أطنان من الشامبو والمراهم والمعاجين والمواد الصيدلانية منتهية الصلاحية يتم إعادة تعبئتها بتواريخ جديدة ومعامل لصناعة الأدوية دون ترخيص أو بيانات ومن دون التزام بأدنى الشروط الصحية .
ضرر مثل هذه المنشآت لا يقتصر على أبناء المحافظة التي تتواجد فيها بل ينتشر إلى المحافظات الأخرى ، والى الوطن بكامله ، والى سمعة الدواء السوري الذي اشتهر بنظافته وفعاليته واعتماد منظمة الصحة العالمية هذا الدواء وتوزيعه على بلدان العالم الأخرى قبل الحرب الجائرة.
إن هؤلاء على قلتهم يجب عدم التساهل مع أفعالهم هذه ، وإذا كانت القوانين النافذة حالياً غير كافية لردعهم ، ونعتقد أنها موجودة ويمكن استخدامها بالحد الأقصى ، وإذا كانت هناك ثغرات فيمكن سد هذه الثغرات بقوانين جديدة تتناسب وأفعالهم .
قد تكون المخالفات والعقوبات مقتصرة على قلة من الفاعلين ، فلماذا لا تكون العقوبات شاملة على كل من له علاقة بهذا الموضوع من العارفين به وبأضراره فالسكوت عن هذه الأعمال القذرة والمشينة يستوجب العقوبة التي تردع مرتكبيها والمشاركين معهم وتردع من تسول له نفسه القيام بمثل ذلك لأن ترك هؤلاء يمرحون ويعبثون بصحة البشر دون حساب يشجع الكثير من أمثالهم على القيام بتلك الأعمال لاسيما أننا وللأسف نكتشف أننا غير محصنين في هذا المجال ، وكلما زاد الغلاء والحصار الاقتصادي كلما وجدنا وللأسف ممارسات غير أخلاقية ، في وقت يجب أن نكون فيه أكثر أخلاقاً وتماسكا وتضحية في سبيل وطن يتعرض لاعتداءات لا مثيل لها في التاريخ .
أحمد تكروني
المزيد...