رغم محاولات الولايات المتحدة المتكررة لنفي أي علاقة بينها وبين تنظيم “داعش” الإرهابي المدرج على لائحة الإرهاب الدولية والتظاهر بمحاربته عبر إنشائها ما يسمى “التحالف الدولي” لهذا الغرض فإن الوقائع بدأت تتكشف أكثر وأكثر لتؤكد وجود علاقة وثيقة بين الولايات المتحدة وأجهزتها الاستخبارية والعسكرية بهذا التنظيم واستغلاله لتحقيق أهدافها في المنطقة وفرض وقائع جديدة على الأرض تخدم هذه المخططات.
فقد كشفت صحيفة “يني شفق” التركية في تقرير لها امس أن تنظيم “داعش” الإرهابي تسلم مؤخرا أسلحة وذخائر أمريكية مباشرة من الولايات المتحدة في الوقت الذي تزعم فيه واشنطن أنها تحاربه.
ونقلت الصحيفة التركية عن مصادر وصفتها بالموثوقة أن التنظيم الإرهابي تسلم بالفعل مؤخرا دفعات الأسلحة والذخائر من الولايات المتحدة في بلدة المنصورة غرب مدينة الرقة شمال سورية وفي منطقة التنف التي تربط الحدود السورية والأردنية والعراقية.
وأضافت الصحيفة: “أنه حسب المصادر فإن الولايات المتحدة شكلت فريقا من عملائها في المنطقتين المذكورتين مهمته تأمين إيصال دفعات الأسلحة والذخائر إلى التنظيم الإرهابي في سورية وأن بعض عمليات تسليم جرت خلال فترات من العام الجاري.
ولفتت الصحيفة نقلا عن مصادرها إلى أن “التقدمات التي أحرزها تنظيم داعش الإرهابي في مدينة تدمر بمحافظة حمص في فترات سابقة كانت بفضل الأسلحة التي تلقاها من الولايات المتحدة” مشيرة إلى وجود وثائق تؤكد أن ثمن شحنات الأسلحة التي تلقاها التنظيم وصلت إلى ملايين الدولارات.
وأضافت الصحيفة نقلا عن المصادر: أن تنظيم “داعش” الإرهابي كان يتلقى الأسلحة الأمريكية مقابل كميات كبيرة من الذهب والآثار التي كان ينهبها ويسرقها من المناطق التي يستولي عليها في سورية والعراق وأن “كميات كبيرة من هذه الآثار والقطع النادرة كان يتسلمها قادة أمريكيون بسرية تامة”.
ورغم انكشاف العلاقة بين الولايات المتحدة وتنظيم “داعش” الإرهابي وافتضاحها عبر وقائع عديدة لعل أبرزها حرص الولايات المتحدة على نقل نخبة متزعمي التنظيم الإرهابي عبر طائرات أمريكية من مواقعهم قبل ساعات من وصول الجيش العربي السوري إليها إلى جهات مجهولة وتأمين الحماية لهم إضافة لتأمينها تغطيات جوية للعديد من اعتداءات التنظيم الإرهابي ولاسيما في تدمر والبوكمال والميادين ومناطق في محافظتي ديرالزور وحمص وتدخلها المباشر والاعتداء على مواقع الجيش العربي السوري أكثر من مرة تلبية لاستغاثات التنظيم التكفيري كما حدث في جبل الثردة في تموز من العام 2016 رغم كل هذه الوقائع تجاهلت الولايات المتحدة الحرج جراء علاقتها بأخطر التنظيمات الإرهابية ومضت في تقديم الدعم له ورعايته خدمة لمخططاتها ومشاريعها التدميرية للمنطقة وشعوبها غير آبهة بكل القوانين والمبادئ الدولية بهذا الخصوص.
افتضاح العلاقة الأمريكية الداعشية في سورية والعراق يأتي وفقا لتسلسل الأحداث زمنيا وجغرافيا مكملا لعلاقة قوية موثقة أيضا بين السلطات التركية من جهة والتنظيم الإرهابي ذاته من جهة ثانية فبعد انكشاف العديد من الوقائع التي تثبت تورط نظام أردوغان بعلاقة مشبوهة بتنظيم “داعش” الإرهابي منذ نشأته والتسهيلات الكبيرة التي حصل عليها من السلطات التركية وإدخال الآلاف من إرهابييه عبر الأراضي التركية إلى سورية لتأسيس خلاياه وتنظيم صفوفه والشروع بتنفيذ مخططات ومشاريع تخدم الأحلام الأردوغانية في سورية وبعد كل ما سبق كشفت الوقائع الجديدة عن عمق العلاقة القائمة أيضا بين سلطات نظام أردوغان والتنظيم الإرهابي حيث أعلنت مجموعات “قسد” اليوم في بيان لها وقف عملياتها ضد تنظيم “داعش” الإرهابي في بعض مناطق انتشاره بديرالزور بعد ما سمته تدخلا للجيش التركي لإنقاذ التنظيم الإرهابي عبر قصف مواقع هذه المجموعات الموكل إليها محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي وهو ما اعتبرته دعما مباشرا من الجيش التركي للتنظيم الإرهابي.
وجاء في بيان مجموعات “قسد”:إنها تعتبر الهجمات التركية على قواتها” دعما مباشرا تقدمه الدولة التركية لتنظيم “داعش” وجاءت بتنسيق مباشر معه”.
ووفقا للوقائع الموثقة فإن علاقة قوية تربط بين السلطات التركية وتنظيم “داعش” الإرهابي بشكل علني وسافر وعلى مسمع ومرأى من العالم عبر إبرام مئات العقود بين النظام الأردوغاني وتنظيم “داعش” الإرهابي لشراء النفط المسروق من سورية والعراق اضافة لعقود أخرى تتعلق بدخول سيارات من نوع تويوتا وعربات متنوعة اشترتها قطر دخلت سورية عن طريق تركيا وكذلك سيارات مصفحة يتنقل بها قادة التنظيم إضافة إلى التنسيق بين الطرفين لسرقة المصانع والمعامل في مدينة حلب لمصلحة شركات تركية.
في المحصلة وبالأدلة والبراهين فإن هناك علاقة وثيقة بين الولايات المتحدة وتنظيم “داعش” الإرهابي ومثلها بين نظام أردوغان في أنقرة والتنظيم الإرهابي ذاته.. وما يظهر على السطح على أنه خلاف بين واشنطن وأنقرة بشأن التعامل مع تنظيم “داعش” الإرهابي ما هو إلا ذر للرماد في العيون ومحاولة للتستر على ما كشفته الوقائع عن وجود رعاية ثنائية من الدولتين للتنظيم الإرهابي واستمرار المراهنة على همجيته وانعدام آدميته في تحقيق مخططات الدولتين ومشاريعهما التخريبية في المنطقة.