سبع قصص قصيرة جدّاً

وظيفة محترمة جدّاً
تدخل «خدّوج» دائرة عملها في الثامنة صباحاً، تخرج منها في الثامنة إلّا ربعاً صباحاً، اللهمَّ لا حَسَد..
المرآة والوجه
ذات يوم، قال «غضبان» للمرآة:
أنتِ وسخة.. قبيحة!
ردّت:
اذهب، واغسل وجهك.
ذهب الغبيّ، غسلَ وجهه مرّاتٍ، عاودَ كلامه:
أنتِ وسخة.. قبيحة!
ظلّت تطلب منه أنْ يغسل وجهه، لم يدرِ الغبيّ قَصْدَ المرآة، كان بكلّ مرّة، يكرّر قولته البذيئة!
الجسر
قال الجسر للرّيح:
بقسوةٍ، آلاف الأقدام والسيّارات تدوسُني، وأنا صابر، صار عمرُ صبري سنوات.. لكن ماذا بعد؟
نبسَتِ الرّيح:
مَنْ صبرَ ظفر..
بلطفٍ مُتناهٍ أجابَها:
أنا لا أطلب المستحيل.. لا أطلب أكثر من أن تمرّ على جسدي أقدام المارّة، وعجلات السيّارات، لكنْ بتؤدة إنسانيّة، وبلا استعلاء، أو تطاوُس، أو وطء شديد!
الزّوجة( 16 عاماً)
ابنة الستة عشر ربيعاً، كادت أنْ تنفجر.. زار بيتَ والديها مرّات.. «مالك» رجل غني، على كتفيه ستّون عاماً.. أغرقَهُم، وهم الفقراء، بالهدايا والعطايا.. «نائلة» بعمر ابنته الصّغرى.. بعد شهرٍ من زواجهما، هربت إلى بيت أهلها، بتكشيرةٍ حامضةٍ استقبلتها أمّها:
أمّي.. لم أرَ إلّا وحشاً أمامي..
يا خسارة، ضيّعتِ علينا وعليك ثروة العمر!
أستحلفك بالله.. طلّقيني منه..
ألم تتزوّجيه عنْ حبّ؟
ما فكّرت، أنّ الزواج سيّارة، وشقّة مؤثّثة ، وبدلة عرس بيضاء، وفلوس، وذهب، وفنادق فقط..
يا خسارة.. الله أعلم، ماذا سيفعل والدك بك..
أمّي.. أخذتُ قراري… ثمّ «هل يؤلم الشّاة السّلخ بعد الذّبح»؟!
ثمّ ارتمت بحضن أمّها تبكي بمرارة..
أشهر طبيب جرّاح:
يتيمَ الأب عاش حياته.. وحيد أمّه.. حالة فقيرة.. يوماً قرّرت الأم شراء «ماكينة خياطة» بالدَّيْن، بهمّةٍ باشرت العمل.. أمّا ابنها «هُمام»، فقد صمّم على التهام الكتب، ليخلّص نفسه وأمّه من جحيم الفقر.. بالثانوية، كان الأوّل بالعاصمة، لمّا أنهى دراسته الجامعية بتفوّق، أوفِد للخارج ببعثة حكومية.. تخرّج طبيباً جرّاحاً.. بالوطن، ذاعَ صيته.. ابتنى بيتاً فخماً، تزوّج.. ضمّ أمَّه إلى قلبه وبيته.. تركوا ذاك البيت الطّيني، البسيط، قالت له أمّه:
هل نبيع «ماكينة الخياطة» يا ولدي؟
بحنوّ ردّ:
هي شقيقتي يا أمّاه.. هل يبيع إنسان عاقل شقيقتَه؟ سأضعها بصدر البيت، رمزاً لكفاحك المرير.. لولاكما، لما صرتُ أشهرَ طبيب جرّاح بالعاصمة..
بائع أوراق اليانصيب
حين أبصرْتُه يبيع أوراق اليانصيب، بزحام الناس، هطل من بؤبؤي قلبي دمعتان سَخِيْتان.. طفل بالتاسعة، يبيع الأوراق، بإحدى محطات المسافرين.. قلت لنفسي: «بعد عقد أو عقدين، هل يبقى الصغير بائعاً لأوراق اليانصيب؟ أم يتطوّر مركزه الوظيفي، فيصبح بائعَ فولٍ مسلوق؟ أو بائعَ دخانٍ مُهرّب؟ أو أجيراً بمحطة لِغسيل السيّارات؟!
طاولة بِلَوْن الليل
بقسوة وانزعاج، قال له صديقه المحبّ «صلاح»:
أنت حرّ.. ضيّعْتَ عمرك وأموالك..
بسخف الجهلاء، ردّ «حائر»:
تصرّفاتي.. أنا حرٌّ بها..
مضى على اللقاء نحو ستة أشهر، باع «حائر» بيته، حانوته، وسيّارته.. خسر كلّ شيء.. بنبرةٍ عتابية، نبست زوجته:
نصحتُك مراراً، كنت توبّخني، تضربني، تسبّ أهلي.. كم مرّة، حبَسْتني بتلك الزّنزانة، لتتفرّغوا للعب.. أتذكر كلامي ودموعي، لتبتعد؟ بعنادٍ أجوف، كنتَ تقول:
أصدقاء الطاولة، أعرف محبّتهم، صداقتهم، ورجولتهم.. لمّا خانوك، وجرّوك إلى غياهب الفقر، عَرَفت معدنهم الهشّ، و صداقتهم».. أردفت:
الآن، كيف سنتدبّر أمر المعيشة؟
بأعصاب محطمة، ردّ عليها:
دَعِيني من العتاب يا امرأة.. فهو يفرِي كبدي..
وغطاً معاً في نومٍ معتكر..
وجيه حسن

المزيد...
آخر الأخبار