ورشة عمل الصليب الأحمر «مخاطر مخلفات الحرب والتغطية الإعلامية»

تنتهي الحرب مهما طالت ، ولكن ما تخلفه من ويلات ومآس لا يمكن محوه عبر السنين .
حول مخاطر مخلفات الحرب والتغطية الإعلامية أقامت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتعاون مع وزارة الإعلام ورشة عمل في مدينة حمص من 13-15 / 11 / 2018 شارك فيها إعلاميون وصحفيون من حمص وحماة ومتطوعون في الهلال الأحمر .

أنشطة اللجنة الدولية
حفل اليوم الأول من الورشة بالعديد من المعلومات القيمة حول ماهية اللجنة الدولية للصليب الأحمر والتعريف بها وبعملها وأنشطتها على مستوى العالم حيث وضح سومر رزق – المسؤول الإعلامي في الصليب الأحمر خلال المحاضرة الأولى التعريفية التي قدمها أنه وعلى مدار 150 عاما ساعدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في شتى أرجاء العالم المتضررين من الحروب وحالات العنف الأخرى فهي منظمة إنسانية محايدة تبذل كل ما في وسعها لصون كرامة الناس وتخفيف معاناتهم بمشاركة شركاء لهم من الصليب الأحمر والهلال الأحمر ،فقد تأسست اللجنة عام 1863 هدفها ضمان حماية المدنيين والأفراد الذين لا يشاركون في الأعمال الحربية من الضرر وتوفير الغذاء ومياه الشرب الآمنة والصرف الصحي والمأوى حيثما تكون الحاجة إليها ماسة وتقديم خدمات الرعاية الصحية الأساسية أو تيسير الحصول عليها مع مساعدة المجتمعات المحلية على التعافي وتقديم وسائل الدعم الذاتي .
ومنذ تأسيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر منذ قرابة قرن ونصف وهي تسعى إلى الحفاظ على قدر من الإنسانية في خضم الحروب. ويسترشد عملها بالمبدأ القائل بوضع حدود للحرب ذاتها.
وتعرف مجموعة الأحكام التي وضعت استنادا إلى هذا المبدأ والتي أقرتها كل أمم العالم تقريبا، بالقانون الدولي الإنساني الذي تشكل اتفاقيات جنيف حجر أساسه.

منظمة مستقلة ومحايدة
اللجنة الدولية للصليب الأحمر منظمة مستقلة ومحايدة تقوم بمهام الحماية الإنسانية وتقديم المساعدة لضحايا الحرب.
وقد أوكلت إلى اللجنة الدولية بموجب القانون الدولي، مهمة دائمة بالعمل غير المتحيز لصالح الجرحى والمرضى والسكان المدنيين المتضررين من الحروب. وإلى جانب مقرها الرئيسي في جنيف ، هناك مراكز للجنة الدولية في حوالي 80 بلداً ويعمل معها عدد من الموظفين يتجاوز مجموعهم 12000 موظف. هذا وفي حالات الحروب، تتولى اللجنة الدولية تنسيق العمل الذي تقوم به الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر والهلال الأحمر واتحادها العام. واللجنة الدولية هي مؤسس الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر ومصدر إنشاء القانون الدولي الإنساني لاسيما اتفاقيات جنيف.
وأكد رزق خلال محاضرته أن ثمة أربعة مبادئ رئيسية لعمل اللجنة وهي: الإنسانية ، والاستقلال، والحياد ، وعدم التحيز ، والعمل قائم على تخفيف المعاناة على أساس الحاجة بغض النظر عن العرق أو النوع الاجتماعي أو الانتماء السياسي أو الدين.
الوضع القانوني
اللجنة الدولية للصليب الأحمر منظمة غير متحيزة ، وهي غير حكومية من حيث طبيعتها وتشكيلها. وقد أسندت إليها الدول مهمة حماية ومساعدة ضحايا النزاع الحروب من خلال اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكوليها الإضافيين لعام 1977، تلك الصكوك التي خلفت عن جدارة اتفاقية جنيف الأولى لعام 1864.
إن مهمة اللجنة الدولية ووضعها القانوني يميزانها عن كلٍ من الوكالات الحكومية الدولية، كمنظمات الأمم المتحدة مثلاً، والمنظمات غير الحكومية. وفي غالبية البلدان التي تعمل فيها عقدت اللجنة الدولية اتفاقات مع السلطات. ومن خلال هذه الاتفاقات التي تخضع لأحكام القانون الدولي تتمتع اللجنة الدولية بالامتيازات والحصانات التي لا تُمنح عادة سوى للمنظمات الحكومية الدولية، وتشمل هذه الحصانات الحصانة القضائية، التي تحمي اللجنة من التعرض للملاحقة الإدارية والقضائية، وحصانة المباني والمحفوظات وغيرها من الوثائق. إن هذه الامتيازات والحصانات لا غنى عنها للجنة الدولية حيث تكفل شرطين ضروريين للعمل الذي تضطلع به، وهما الحياد والاستقلال. وقد عقدت المنظمة اتفاقاً من هذا النوع مع سويسرا، الأمر الذي يكفل استقلالها وحرية عملها عن الحكومة السويسرية .

مساعدة المتضررين من الحروب
خلال عام 2005 ساهمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مشاريع المياه والصرف الصحي والبناء لمساعدة حوالي 11 مليون شخص. وفي العام نفسه، قدمت اللجنة الدعم للمستشفيات ومراكز الرعاية الصحية لخدمة حوالي 2.4 مليون شخص في حين لم تتوان عن تقديم المساعدات العاجلة لحوالي 3 ملايين شخص.
الشارات
أعطى المحاضر نبذة عن شارات الصليب الأحمر والهلال الأحمر والكريستالة (البلورة) الحمراء التي تمنح الحماية لأفراد الوحدات الطبية التابعة للقوات المسلحة والعاملين في مجال الإغاثة. كما تستخدم الجمعيات الوطنية لحركة الصليب الأحمر والهلال الأحمر في كل بلد هذه الشارات لغرض التعرف عليها.
يحدد القانون بوضوح استخدام شارات الصليب الأحمر والهلال الأحمر والكريستالة (البلورة) الحمراء وإساءة استخدامها. وتتطرق مواد مختلفة من اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها إلى موضوع الشارات. فهي تنظم، من بين أمور أخرى، استخدام الشارات وحجمها والغرض من استخدامها وموقعها، والأشخاص والممتلكات التي تشملها بالحماية، والجهات التي يمكن لها استخدامها، وما يترتب على استخدامها من احترام وعلى إساءة استخدامها من عقوبات. وبالإضافة إلى ذلك، تلزم تلك المواد كل دولة طرف في اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية بسنّ نصوص تشريعية تحدد استخدام الشارات وتمنع إساءة استخدامها على الصعيد الوطني.

تدريبات عملية
كما تضمنت فعاليات اليوم الأول بعض التدريبات العملية حول تحقيق السلامة الشخصية للصحفيين ومعلومات تفيد الإعلامي في حال تواجده في أماكن خطرة وخصوصا الأخطار التي يمكن أن يتعرض لها أثناء التغطية الإعلامية لأماكن انتهت فيها الحرب ولكن الخطر مازال قائما بين مخلفات الحرب وخاصة الألغام والأجسام والقذائف غير المنفجرة والتي تمثل خطرا على الجميع إن لم يكونوا على دراية تامة بكيفية تجنبها والتنبه لها .
وأجرى فريق متخصص من الهلال الأحمر بعض التدريبات العملية حول طرق الإسعاف الأولية في حال وجود مصابين في أماكن الحوادث .

اليوم الثاني – القانون الدولي الإنساني
استكمل سومر رزق محاضراته لليوم الثاني وكانت حول القانون الدولي الإنساني والقوانين المتعلقة بمخلفات الحرب فقال : يرتكز القانون الدولي الإنساني على عدد من المعاهدات، ولا سيما اتفاقيات جنيف 1949 وبروتوكولاتها الإضافية، فضلا عن سلسلة من الاتفاقيات والبروتوكولات الأخرى التي تغطي جوانب معينة.

الأشخاص المحميون طبقا للقانون الدولي الإنساني
يوفر القانون الدولي الإنساني الحماية لمجموعة واسعة من الأشخاص والممتلكات خلال الحروب. فاتفاقيات جنيف وبروتوكولاها الإضافيان يحميان المرضى والجرحى والمنكوبين في البحار الذين لا يشاركون في الأعمال الحربية، وأسرى الحرب والأشخاص المحتجزين الآخرين، بالإضافة إلى المدنيين والأعيان المدنية.
تستمد اتفاقيات جنيف جذورها من التجربة التي عاشها «هنري دونان» في معركة «سولفرينو» عام 1859. فأمام هول ما رآه من إهمال للمرضى والجرحى في ساحة المعركة، بادر إلى جانب أربعة زملاء إلى تنظيم المؤتمر الدبلوماسي الذي أفضى إلى اعتماد اتفاقية جنيف الأولى عام 1864.
وأثرت المبادئ التي وضعت آنذاك في المعاهدات اللاحقة منشئة بذلك القانون الدولي الإنساني القائم اليوم. وكان في صلب هذه المبادئ فكرة الأشخاص المحميين والممتلكات المحمية.
واهتمت الاتفاقية الأولى أساسا برعاية المرضى والجرحى في ساحة المعركة. وكان لا بد من حماية أفراد الخدمات الطبية الذين يساعدونهم من الهجمات واحترامهم بصفتهم أفرادا محايدين يمدون يد العون إلى المرضى والجرحى، وأقرت الاتفاقية شارة الصليب الأحمر لتستخدم للتعرف على أفراد الخدمات الطبية وحمايتهم.
والتزمت الدول باحترام الشارة والأشخاص المشمولين بحمايتها.
وتوفر الشارة أيضا الحماية للمعدات الطبية، مثل العربات والمباني الطبية، طالما لا تستخدم لأغراض عسكرية.
وفي الفترة ما بين الحربين العالميتين، وسع نطاق الاتفاقيتين لتشمل أسرى الحرب الذين كانوا يتمتعون بالحماية من المعاملة غير الإنسانية والمهينة. ويتضمن القانون الدولي الإنساني الآن قواعد مفصّلة بشأن معاملة أسرى الحرب وغيرهم من الأشخاص المحتجزين نتيجة الحروب.
وأوكلت إلى اللجنة الدولية بموجب اتفاقيات جنيف مهمة فريدة تخول لها الوصول إلى أماكن الاحتجاز لتقييم ظروف احتجاز المحرومين من حريتهم.
وترفع توصيات مفصلة وسرية إلى سلطات الاحتجاز وتساعد أحيانا على تحسين مرافق الاحتجاز. ويشكل أفراد الخدمات الطبية جزءا من فرق اللجنة الدولية.
ووفرت اتفاقيات جنيف الموحدة لعام 1949 حماية خاصة للمدنيين الذين عانوا الأمرّين خلال الحرب العالمية الثانية من جراء الاستهداف المتعمد في أغلب الأحيان. كما تطورت حماية المدنيين، لاسيما من آثار الأعمال العدائية، من خلال اعتماد البروتوكولين الإضافيين عام 1977.
ويحظر استهداف المدنيين ويطلب اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب الهجمات التي تسفر عن إصابات في صفوف المدنيين. ويطلب أيضا تجنب اتخاذ تدابير دفاعية تعرض المدنيين للخطر. ولا يجوز استخدام المدنيين كدروع بشرية أو إجبارهم على النـزوح. ويمنع شن هجمات لا داعي لها تستهدف سبل كسب العيش مثل المزارع والسكن ووسائل النقل والمرافق الصحية.
ويشير القانون الدولي الإنساني أيضا إلى مجموعات محددة من المدنيين، مثل النساء، تتمتع بالحماية من الاعتداء الجنسي، والأطفال الذين يجب مراعاة احتياجاتهم الخاصة.
ويسبب التمييز بين المدنيين وأولئك الذين يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية في بعض المشاكل في بعض الحالات. وهذا أحد مجالات القانون الدولي الإنساني العديدة التي تعمل فيها اللجنة الدولية مع خبراء لجلب مزيد من الوضوح، وبالتالي مزيد من الاحترام للقواعد.
ويحمي القانون الدولي الإنساني اللاجئين والنازحين والأشخاص المفقودين نتيجة الحروب.
كما يحمي العاملين في المنظمات الإنسانية مثل موظفي اللجنة الدولية وجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر. وتستفيد هذه المنظمات أيضا من استخدام الشارات الحمائية التي تعترف بها اتفاقيات جنيف والمتمثلة في الصليب الأحمر والهلال الأحمر والكريستالة (البلورة) الحمراء .

حماية الإعلامي من المخاطر
ونظرا للمخاطر الجسيمة التي يتعرض لها الإعلاميون في كثير من الأحيان عند تغطية الأخبار من مناطق الحروب فقد تناولت الورشة تأثير الألغام ومخلفات الحرب وطريقة التعامل معها كمواطن عادي وكإعلامي .
فراس السباعي – مستشار في الصليب الأحمر تناول موضوع الآثار المترتبة نتيجة الإصابة بالألغام والذخائر غير المنفجرة وهي : آثار نفسية – اضطراب ما بعد الصدمة والإعاقة الجسدية ، أيضا هناك آثار اقتصادية واجتماعية كالحرمان من الوصول لمياه الشرب والأراضي الزراعية وحرمان الأطفال من التعليم واللعب وكذلك التدفئة والرعاية الصحية كل هذا بسبب وجود خطر يهدد الحياة ولذلك تعمل المنظمات الدولية والصليب الأحمر لتوفير سبل الحياة الكريمة لضحايا الحرب ودعم المشاريع الصغيرة.

التغطية الإعلامية
الدكتور عربي المصري – محاضر في جامعة دمشق استكمل برنامج الورشة في الجزء الثاني من نشاطات اليوم الثاني فكانت محاضرة متعلقة بصلب العمل الإعلامي وكان حول التغطية الإعلامية لمناطق فيها مخلفات حرب والممارسات الصحيحة والخاطئة التي قد يمارسها ،وقد تحدث فيها عن الأساليب التي يمكن اتباعها في حال كلف الصحفي بعمل ميداني في أماكن حددت آمنة ولكنها مازالت تحت الخطر بسبب وجود ألغام أو مخلفات حرب غير منفجرة ، والأخطاء التي يمكن أن تقع والتي ليس لها علاقة بأخلاقيات الصحفي وإنما بسبب عدم درايته ونقص في معرفته في هذا المجال .
كما أكد أن موضوع مخلفات الحرب من القضايا الإنسانية التي تحمل في طياتها الكثير من التشويق نظرا لأن الإعلامي أمام واقع حي يريد نقله إلى الجمهور المتلقي ولذلك يجب أن تحقق رسالته معلومة موجزة خالية من الأخطاء المعرفية وجذابة ومفعمة بالإنسانية .
وتناول أيضا موضوع الأخطاء الشائعة عن الألغام وخصوصا ما تروج له الدراما.
وأضاف : إن هناك أخلاقيات للتغطية الإعلامية حول مخلفات الحرب فمن المهم ألا تظهر الصحفيين كمغامرين وإنما الصحفي إنسان شجاع في مساعدة الآخرين ولا يثق إلا بعينيه .

سيناريوهات تدريبية
في اليوم الثالث والأخير تناول فيه د. المصري مجموعة من السيناريوهات حول التغطية الإعلامية لمخلفات الحرب ، وما يمكن أن يقدمه الإعلامي من معلومات صحفية جيدة وبأي أسلوب صحفي مع اختيار الوسيلة الإعلامية المناسبة .
متابعة : منار الناعمة

المزيد...
آخر الأخبار