يوجد في مدينة حمص منطقتان حرفيتان واحدة في دير بعلبة محدثة و الثانية على طريق حماة « منطقة الصناعة « قديمة», و التي كانت تعمل بكامل طاقتها قبل الحرب على سورية و لم تتعرض إلى أعمال التخريب بشكل كبير و هي حالياً آمنة و هناك أكثر من 200 حرفي عادوا إلى ورشهم .و للاطلاع على الواقع الحرفي قمنا بزيارة المنطقتين.
مطالب و هموم
طالب الحرفيون بعدم انقطاع الكهرباء أثناء العمل و ذلك من الساعة التاسعة و حتى الرابعة ظهرا, و زيادة عدد السيارات العاملة على خط «الكراج» و تخفيض الضرائب حتى الإقلاع بشكل جدي , و تأمين مادة الحديد الصناعي بأسعار مقبولة و ترحيل القمامة و تحسين الخدمات و الإسراع في إنجاز المشفى داخل المنطقة الصناعية الحرفية.
واقع المنطقة بدير بعلبة
يوجد منطقة حرفية و صناعية في حي دير بعلبة كانت قيد الانجاز و لكن توقفت الأعمال فيها بسبب الإرهاب الذي عانت منه محافظة حمص وبدراسة تفصيلية للواقع و أين وصلت الإجراءات لتأهيل هذه المنطقة قمنا بلقاء المهندس محمد الجهني و أفادنا أن عدد المقاسم الكلي /829/ مقسماً و المنجزة منها قبل بدء الحرب /788/ مقسماً صدقت عقودها و يوجد /41/ مقسماً لصالح مجلس المدينة ليتم تأجيرها للحرفيين و الراغبين في العمل في هذه المنطقة, و قد قام مجلس المدينة ببيع المقاسم المخصصة للمكتتبين كأرض فارغة جاهزة للاستثمار و تم البناء من قبل الاتحاد العام للحرفيين و كان من المفترض أن تنتهي الأعمال في عام 2011 و في بداية الحرب كانت نسبة الانجاز 95 % « و الباقي»11محلاً لم تنفذ « و لم تدخل المنطقة بالاستثمار بسبب الظروف الراهنة , و الحرف موزعة وفق الآتي:
حرفة بخ و ديكور و نجارة /201/ و عدد الطوابق /2/ ,وحرفة إصلاح سيارات /350/ و عدد الطوابق /2/ ,و حرفة حدادة و ألمنيوم /237/ و عدد الطوابق /2/ ,وحرفة نجارة /41/و عدد الطوابق /2/.
و فيما يخص البنى التحتية من « ماء و كهرباء» تم تخديم المنطقة بالكامل و شبكة الاتصالات قيد الانجاز و كانت الأعمال لتمديدات الشبكة جارية و جميع الطرق و الأرصفة منفذة.
و نتيجة الحرب و لمعرفة حجم التخريب تم الكشف الميداني من قبل المراقبين و كون معظم « المحال» ما زالت على الهيكل فكان حجم التخريب قليلاً و طال فقط الأبواب المعدنية و الإكساء الحجري« رخام » و التجهيز كان من قبل المالكين.
أما البنى التحتية فتعرضت لتخريب كبير و خاصة شبكة الكهرباء حيث تم تخريب كامل مراكز التحويل بالإضافة إلى سرقة جميع الكابلات النحاسية و قدرت الكلفة ب /350/ مليوناً لإعادة الشبكة – أما شبكة المياه فقدرت الأضرار بحوالي /106/ ملايين لإيصال المياه من بئر الكسارة.
الإجراءات المتخذة
ذكر المهندس الجهني أنه تم جرد كامل الأضرار التي لحقت بالمنطقة الحرفية و تنظيم ضبط شرطة و رفعها إلى الجهات المختصة لإعادة تأهيل المنطقة من موازنة إعادة الأعمار.
و تم تشكيل لجنة خاصة لتصفية أعمال العقد المبرم مع الإنشاءات العسكرية « بناء المحال « و التعاقد على الأسعار الجديدة لاستكمال بناء /11/ محلاً المتبقية للعقد.
و خلصت الدراسة الكهربائية لستة مراكز تحويل المغذية للمنطقة الحرفية و تضمنت أربعة بنود و هي :
-شبكات التوتر المتوسط
شبكات التوتر المنخفض
مراكز التحويل الأرضية عدد /6/
ترميم مراكز التحويل الأرضية
و منحت محافظة حمص المبلغ المالي و قدره «331 مليون ليرة» لإعادة تأهيل شبكات التوتر الكهربائية من بند الموازنة المستقلة لمحافظة حمص لعام 2018 وتاريخ 1/10/2018.
و بخصوص المياه تم مخاطبة مؤسسة المياه و إمكانية التغذية من خط جر مياه المشرفة ليتم تخفيض التكاليف و منحت محافظة حمص المبلغ المالي و قدره /106 / ملايين ل.س بتاريخ 1/10/2018 و ذلك من الموازنة المستقلة لمحافظة حمص لعام 2018 و المبلغ الإجمالي للمياه و الكهرباء بلغ 437,5 مليون ليرة سورية .
و أضاف: تم تخصيص مقسم ليكون مقراً لمخفر شرطة لحراسة المنطقة, و حالياً مجلس المدينة بصدد طرح 41 مقسماً للاستثمار من قبل أصحاب المهن الموجودين داخل الأحياء « ميكانيك سيارات –حدادة – تصويج – بخاخ «
المنطقة الصناعية القديمة
وفيما يخص المنطقة الصناعية القديمة على طريق حماه قال رئيس مجلس المدينة عبد الله البواب: قبل الحرب كانت المنطقة تعمل بكامل طاقتها و لم تتعرض إلى أعمال تخريب و هي حالياً آمنة و عاد أكثر من 200 حرفي و صناعي إلى ورشهم و يقوم مجلس المدينة بالتعاون مع الجهات المعنية بتأمين الخدمات المطلوبة و تسهيل عودة الحرفيين إلى عملهم واتخذت العديد من الإجراءات وهي رفع الأنقاض لتحديد مداخل و مخارج المنطقة, و تم تنفيذ شبكة إنارة في المنطقة الصناعية بقيمة 23 مليوناً , و يوجد عقد إصلاح الطرق و الأرصفة بقيمة 196 مليون ليرة سورية,وحالياً تم إبرام العقود لمنطقة دير بعلبة الحرفية لإعادة البنى التحتية من ماء وكهرباء ومن المتوقع الإقلاع بالعمل لهذه المنطقة خلال النصف الأول من عام 2019 ونعمل بكامل طاقتنا لعودة هذه المناطق إلى عملها لما لذلك من أهمية في عودة الحياة الاقتصادية إلى مدينة حمص والإسهام في دعم الاقتصاد الوطني .
وأضاف: قام مجلس المدينة بإنذار جميع أصحاب المهن وخاصة أصحاب المحال والذين انتشروا في أحياء المدينة أثناء سنوات الحرب بإغلاق محالهم المؤقتة للعودة إلى المنطقة الحرفية وتم إعطاء مهلة ستة أشهر يكون خلالها قد تم تجهيز البنى التحتية بشكل كامل ولن نقوم بتجديد الترخيص المؤقت لأي مهنة فالمكان الطبيعي هو المنطقة الصناعية الحرفية المخصصة لهذه الغاية علماً أن السيد رئيس مجلس الوزراء وأثناء الزيارة الأخيرة إلى مدينة حمص وعد بإعطاء الحرفيين المتضررين قروضاً ميسرة لأول /100/ حرفي يعود إلى مزاولة مهنته والمباشرة بها دعماً للاقتصاد الوطني .
المنطقة الصناعية الحرفية
يقول الحرفي عبد المطلب ضاهر رئيس المكتب الإداري والقانوني في اتحاد الجمعيات الحرفية بحمص: أسست هذه المنطقة عام 1970 وكانت على شكل مقاسم وزعت على الحرفيين وقاموا ببنائها على الشكل الخاص بكل ورشة ومعمل ومهنة وتتألف من حوالي 2500 منشأة صغيرة وورشة عمل ومحال خاصة بقطع الغيار ومحال تجارية أيضاً في الساحة الرئيسية, ويوجد مشفى خاص بالحرفيين وتم جمع الأموال من الاتحاد والحرفيين وهو حالياً من الناحية الإنشائية جاهز تماماً وننتظر من بعض الجهات المعنية الإقلاع به بعد طرحه للاستثمار, وكان يوجد في المنطقة مركز لطوارئ الكهرباء ومنظومة إطفاء والآن غير متوفرة إلا أن الدفاع المدني يقع بالقرب من المنطقة ويقدم خدماته بالسرعة الكلية.
أما الورش والمهن فهي تتوزع على الشكل التالي : معامل وورش للمواد الغذائية والمشروبات كمعامل الحلاوة والسكاكر والمرطبات ومعامل وورش صغيرة للنسيج والأنوال والتحضير والتجهيز وصناعة البشاكير والبرانص والستائر وغيرها . وقطاع ورش الميكانيك للسيارات والدوزان والخراطة والتسوية والبخ والنجارة العربية والفرنجية والحدادة بأنواعها وصناعة خزانات المياه والمازوت وتصويج وبخ السيارات وورش لكهرباء السيارات وقطاع آخر لصناعة المجالي والرخام والبلاط والبلوك وتصنيع بعض مواد الإكساء للأبنية .
وأما بالنسبة لعدد الحرفيين الملتزمين مع الجمعيات الحرفية ويدفعون اشتراكاتهم فهم حوالي 1850 حرفياً, وحالياً يمكن القول إن نسبة العائدين والممارسين لأعمالهم في المنطقة الحرفية حوالي 65% و10% بصدد افتتاح محالهم .
معاناة
وأضاف: يعاني الحرفيون من بعض الإشكالات والتي نعمل على حلّها مع الجهات المعنية وهي انقطاع تيار الكهرباء وارتفاع الضريبة وعدم تزفيت الطرقات وردم الحفر وقلة الخدمات من ناحية النظافة مع أن ضريبة النظافة تتجاوز 30 ألفاً للمحل أو الورشة سنوياً مع الإشارة إلى تعاون جميع الجهات المعنية لإنجاز مرحلة عودة الحرفيين المثمرة ورفد الاقتصاد الوطني, خاصة وأن الأمن والأمان متوفر في كامل مدينة حمص ونطلب من جميع الحرفيين خارج الوطن بالعودة السريعة والانطلاق بمرحلة إعادة الإعمار .
جولة
تجولنا في المنطقة الصناعية على طريق حماة وكانت لنا اللقاءات التالية :
الحرفي مازن القاسمي ورشة خراطة وتسوية قال: عدنا إلى عملنا مع بداية العام الحالي وتم تركيب عداد كهرباء وساعة ماء وهاتف والوضع الحالي من ناحية الأمان جيد جداً ونشكو من انقطاع التيار الكهربائي وحبذا لو يتم استمرار جريان التيار الكهربائي من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الرابعة مساءً, و تتم إزالة الأتربة والأنقاض من بعض الشوارع وترميم الطرقات وردم الحفر والأهم هو تخفيض الضريبة ما أمكن خصوصاً أننا في مرحلة التأسيس وحتى يقوى العمل أكثر ويكون ارتفاعها تدريجياً وتم إعفاؤنا من الضرائب من عام 2012 وحتى 2018 وأنا من الحرفيين الذين فتحوا ورشاً صغيرة لاستمرار العمل في الأحياء الآمنة, ونشكو الآن من قلة اليد العاملة ويتضاعف الجهد المبذول لإنجاز العمل, وأدعو جميع الحرفيين للعودة والراغبين في العمل من الصناعيين.
وفي لقاء مع بعض المواطنين (الزبائن ) أكدوا على جودة الخدمة والتعامل الجيد , أما الأسعار فهي مقبولة على حد قولهم سواء للإصلاح أو لتصنيع بعض الحاجيات وتكاد تكون نصف القيمة إذا ما قورنت بأسعار الورش في الأحياء ،ولابد من الإشارة إلى السرعة في إنجاز العمل والدقة والخبرة الجيدة .
محمد النعسان – حرفي نسيج«البرنص والبشاكير» قال: حالياً الظروف جيدة وعملنا مستمر و جميع المواد الأولية متوفرة والخيط متوفر وبمختلف النمر ولكن نفتقد الصباغة .
الحرفي صفوان المحب رئيس جمعية المواد الغذائية قال: لم نغلق محالنا و بقينا ننتج وعملنا يتركز غالباً في فصل الشتاء من حلاوة وطحينية وبعض الأصناف الأخرى, ونشكو من غلاء المادة الأولية ،وخصوصاً السمسم المرتفع الثمن وقلة المنتج المحلي وقلة الزراعات خلال الحرب وإنتاجنا المحلي لايكفي لأكثر من شهرين في العام . ونتيجة ارتفاع الدولار وغلاء المادة في بلد المنشأ تأثرت صناعتنا كثيراً مما أدى لمشكلة أيضاً بالسعر، حيث لا يسمح لنا برفعه إلا بفواتير والمادة الأولية نشتريها بالدولار، وهذا معروف وحبذا التعامل معنا بموضوعية أكثر .
المهندس حسان تلاوي – صاحب شركة مرطبات قال: نحن لم نغلق معملنا طوال الحرب إلا لفترات بسيطة جداً وحافظنا على عمالنا والكل مسجل في التأمينات وتم صرف رواتبهم خلال العطل أو لتوقف عن العمل ولدينا حوالي 65 عاملاً وبعض العمال غادروا البلد بسبب الظروف و فقدان منازلهم والأمان ونطلب من الجميع العودة .
الحرفي أسامة الضاهر – ميكانيك سيارات قال: لدينا مشكلتان وهما القمامة المتراكمة وقلة الخدمات ونضطر لحرق القمامة والمشكلة الثانية والتي تؤثر على عملنا بشكل سلبي هي أن قطع الغيار قديمة ولا يوجد لها بيانات جمركية والاستيراد حالياً متوقف ونأمل المساعدة في هذه المسألة .
الحرفي محمد القاسمي يعمل في مجال الأفران الدوارة قال: تتأثر مهنتي بارتفاع صرف الدولار كون المادة الأساسية لعملنا الحديد وهو مستورد وغالي الثمن, وهناك معاناة من ضعف التيار الكهربائي وعدم توفر قطع التبديل لبعض المعدات ،ومن تراكم القمامة والضرائب المرتفعة وقلة الطلب على أعمال جديدة لهذه المهنة وأشكو من نقص بالعدة مثل مخرطة كبيرة كون محلي تعرض للسرقة وحبذا لو أن بعض الجهات تؤمن لنا المعدات أسوة بمحال السوق» مركز المدينة».
عمالة الأطفال
يلفت الانتباه في المنطقة الحرفية عمالة الأطفال و قد التقينا عدداً منهم وجميعهم أكدوا على ضرورة تعلم مهنة كونهم انقطعوا عن الدراسة بسبب الحرب والفقر الشديد الذي تعاني منه أسرهم وهم مضطرون للعمل فالحياة لا ترحم على حد تعبيرهم ،ولوحظ لديهم سرعة الحركة والتعلم والجودة في العمل وخصوصاً في ورش السيارات والحدادة وبعضهم يقوم بإحضار بعض المواد من الورش بالمدينة إلى الصناعة وبمثابة مراسلين ،وأكد لنا ثلاثة منهم أنهم سوف يتقدمون لامتحان شهادة التعليم الأساسي هذا العام وأنهم يعملون ويتعلمون أيضاً.
مقترحات
هناك العديد من الاقتراحات التي طرحها الحرفيون وهي المطالبة بالتشدد من قبل الجهات المعنية و القيام بإغلاق المحال خارج المنطقة الحرفية وعدم التجديد لها وتبين بالتجربة أنها تصطاد بالماء العكر وترفع أسعارها وتعتمد على عمالة الأطفال لقربها من المناطق السكنية، وتعريف المواطنين بكامل الخدمات التي تقدمها المناطق الحرفية والإسراع بالإقلاع في العمل بالمنطقة الثانية «دير بعلبة» وتأمين الخدمات الضرورية ومساعدة الحرفيين المتضررين نتيجة الإرهاب وتأمين بعض المعدات الضرورية لعملهم وإصدار قوانين تجيز تخفيض الضرائب خلال السنتين بعد العودة إلى محالهم وورشاتهم حتى يتمكنوا من الإقلاع الجيد والانطلاق ،والكل يعاني من قلة السيولة وافتقاد للمعدات الضرورية و من الضروري إزالة الأتربة من المداخل والسواتر وردم الحفر والتزفيت للشوارع في المنطقة الحرفية .
بقي أن نقول :
كل خدمة تقدم للحرفيين والصناعيين وكل مساعدة تنعكس بشكل ايجابي على الاقتصاد الوطني وعودة اليد العاملة الخبيرة وتخفيض الأسعار والعودة إلى الحياة الطبيعية لمدينة حمص .
تحقيق : سعد الله العلي