أدونيــس .. شعره ونتاجه الأدبي

بسبب الفقر لم ينتظم أدونيس (علي أحمد سعيد اسبر) في المدرسة, إلا في سن الرابعة عشرة من عمره,ثم تخرج من جامعة دمشق قسم الفلسفة عام 1954 وتزوج من الدكتورة خالدة سعيد التي كانت تشاركه همومه الفكرية,هذا ما بدأ به الروائي عبد الغني ملوك محاضرته عن أدونيس ..حياته..و شعره ونشاطاته الادبية وقد أكد الأديب عبد الغني أن الحديث عن أدونيس ليس بالأمر السهل فهذا الشاعر إشكالي في كل شيء وقد تكلم عنه الغرب والشرق أكثر مما تكلم عنه بنو قومه.
يوسف الخال ومجلة شعر
يبين المحاضر ملوك أن مرحلة مجلة شعر مع الشاعر يوسف الخال هي من أهم المراحل الادبية في حياة أدونيس ,حيث أسس مجلة شعر عام 1957,وقد انهمك في نشاطات المجلة تحريراً وإعداداً واختياراً للمواد,حيث كانت طبيعة أدونيس في هذه المرحلة تدور بإطار فكري محدد فقد كان يستلهم الروح الحضارية السورية القديمة ويوظف كثيرا من أساطيرها ورموزها في شعره ,ففي إحدى قصائده يسيطر الحلم على أدونيس ليعيده إلى أمجاد الحضارة الفينيقية القديمة حيث تعانق روحه طقوس الفينيق ,أما قصيدته «أرواد يا أميرة الوهم» فيدعو أدونيس فيها إلى التغلغل في أبعاد تراثية أقدم وأعرق.
ويؤكد المحاضر أن التزام أدونيس بمجلة شعر وتمترسه عندها فقط جعله يخسر بقية المجلات العربية التي ظل اسمه غائبا عنها تماما حتى سنة 1963 وهي السنة التي انفصل فيها أدونيس عن مجلة شعر وقد بدأ مرحلة جديدة من حياته الأدبية بعد نشر كتابه (ديوان الشعر العربي) حيث اكتشف في هذه المرحلة ثراء الادب العربي وبخاصة النتاج الشعري الصوفي ,ثم عاد أدونيس لمجلة الآداب التي صار كتابها يدافعون عن عروبة أدونيس و إخلاصه ,ومنهم خليل أحمد خليل الذي وصف ادونيس بالقول:إنه عربي بالمعنى الحضاري للكلمة ,إنه ليس عربيا بالمعنى الجغرافي والسياسي فقط بل عربي بولائه للتراث العربي والحضارة العربية والفكر العربي ,ومعنى كونه عربياً أنه ملتزم بقضايا العرب وكفاحهم.
ملامح متأخرة في حياة أدونيس
ويضيف المحاضر لقد واصل ادونيس نشاطاته الادبية حيث أشرف على مجلة مواقف بين عامي 1969_ 1981 ومُنح سنة 1971 جائزة عالمية للشعر ممثلا عن شعراء سورية ولبنان وذلك من قبل المؤتمر العالمي للشعر,كما ترجم خلال هذه الفترة كتابين من أعمال الشاعر الفرنسي جون بيرس,وفي سنة 1973 حصل على درجة الدكتوراه من الجامعة اليسوعية في بيروت وكانت الاطروحة بعنوان الثابت والمتحول وهو بحث في الاتباع و الابداع عند العرب وقد أعاد نشر أطروحته هذه في ثلاثة مجلدات تحمل العناوين التالية (الاصول) عام 1974 و(تأصيل الأصول) عام 1977 و(صدمة الحداثة ) عام 1978 ,كما يُعدّ كتابه عام 1974 المعنون ب (مفرد بصيغة الجمع ) من أهم الكتب في تلك الفترة حيث يشمل هذا العمل الشعري سيرة ذاتية يقدمها الشاعر أدونيس بأسلوب ذاتي شعري استبطاني مكثف حيث يختفي وراءه حس فني معقد,كما بين المحاضر ان زوجة الشاعر الدكتورة خالدة سعيد كانت تكتب في ذات الفترة نقدا أدبيا في نتاجات زوجها أدونيس باسم مستعار وهو خزامى صبري حيث حاولت الناقدة في مقالاتها لفت الانتباه للأسلوب الجديد والمعالجة الجديدة للشاعر في كل موضوعاته التي يطرحها في شعره,ثم بدا النقاد يلتفتون إلى شعره وقد ذاع صيت كتابه المعنون ب أغاني مهيار الدمشقي ,فوصفه المستشرق الفرنسي( جاك بيرك) بأنه ممثل لأبعاد جديدة ,في اللغة العربية,وعلق عليه الشاعر المصري احمد عبد المعطي حجازي بقوله:هذا هو الشعر.
البنية الفكرية والفنية
يؤكد المحاضر أن معطيات المذهب التناسخي القائم على أساس الدورة المستمرة في التشكل هي عماد البنية الفكرية والفنية التي اعتمد عليها أدونيس في تأليف قصائده,فقد وجد أدونيس في هذا الفكر مصدراً ثراً من الصور و الاخيلة ويستشهد على قوله هذا بقصيدة«مرآة الزلاجة السوداء»حيث تأتي كلمة جسد في القصيدة بمعنى المادة,فالجسد يغلف جوهر الحياة.
مقابلات أدونيس تكشف نظرته .؟
يلجأ المحاضر لمجموعة من المقابلات والحوارات أجريت مع أدونيس ليكتشف من خلالها نظرة ادونيس في كل شيء يجري من حوله فعندما سأله الصحفي عن حالة المجتمع والتراث والتقدم العلمي يجيب ادونيس ب «أننا نتقدم في الزمن شئنا ام أبينا .كنا في قرن وأصبحنا في قرن آخر,ونحن نعاصر شعوبا أخرى ونتقدم وإياها في زمن واحد فإذا قسنا حركة الزمن في مجتمعنا لا أرى شعبا من شعوب العالم كلما تقدم الزمن تخلف إلا الشعوب العربية.»ومن مقابلة اخرى يجتزئ المحاضر على لسان ادونيس :»لكي نفهم العالم المعاصر نحتاج إلى رؤية جديدة ومفهومات جديدة ولا بد من الشجاعة لنقول هذه الاشياء وإلا من المحال أن نفهم القرن الحادي والعشرين بنظرة ترسخت في القرن الاول الهجري.
ويختم المحاضر كلامه بأن الحديث عن ادونيس طويل لأنه شاعر عظيم صاحب فكر متجدد.
من الجدير بالذكر أن المحاضر معروف في الاوساط الادبية باجتهاده في نشر نتاجه الادبي من قصة ورواية وهو ضابط ومحام له عشرات الكتب المطبوعة وينشر في مختلف الدوريات الادبية .
ميمونة العلي

المزيد...
آخر الأخبار