عودة عرجاء لتربية الدواجن ..الفروج (المهرب) في الأسواق … ويهدد المحلي

مهنة تربية الدواجن بحمص من أكثر المهن إقبالا نظرا لسرعة الدورة الإنتاجية وبالتالي سرعة دورة رأس المال وإمكانية ممارستها من قبل فئات مختلفة .‏
ومع تباشير استعادة قطاع الدواجن في حمص عافيته بعد غياب قسري لسنوات فرضتها الحرب عمل المربون ‏على إعادة عجلة التربية والإنتاج وترخيص مداجن جديدة لكنهم وجدوا أنفسهم أمام تحد جديد يتمثل بوجود الفروج المهرب الذي بات يتصدر قائمة ‏الأخطار التي تحدق بهذا القطاع لدرجة التهديد بإيقافه عن العمل حيث يتعرض المربون لخسائر كبيرة مع انخفاض أسعار الفروج المحلي نتيجة دخول الفروج المهرب إلى السوق السورية بطرق غير شرعية ، بالتزامن مع ارتفاع التكاليف على المربي المحلي لارتفاع تكلفة الأعلاف المستوردة  مضافاً إليها التعرفة الجمركية..

وحالياً يهدد انخفاض أسعار الفروج قطاعاً إنتاجياً كبيراً ومهماً، وأصبح الأمر  يحتاج إلى تدخل فوري وخاصة مع استمرار تدفق الفروج المهرب رغم إنكار وجوده من قبل بعض الجهات المعنية !!
صعوبات قديمة متجددة
(العروبة)التقت عدداً من مربي الفروج  لم يرغبوا بالإفصاح  عن أسمائهم و اكتفوا بالإشارة إلى العديد من الصعوبات التي تواجه العمل بشكل عام .. أشاروا إلى أنهم يعملون في هذا المجال قبل الحرب و استمروا رغم كل الظروف  وأوضحوا أن المعاناة  بقيت نفسها و ازدادت أكثر مع تحديات فرضتها الحرب و أولها افتقار هذا القطاع إلى التنظيم ضمن إطار محدد ينظم عملية التربية والإنتاج والتسويق, و عدم توافر مستلزمات الإنتاج ولاسيما الأعلاف بالكميات اللازمة والتوقيت المناسب والمواصفات الجيدة من قبل المؤسسة العامة للأعلاف , بالإضافة لتذبذب أسعار مستلزمات الإنتاج وخاصة الأعلاف مثل الذرة الصفراء والكسبة فول الصويا والمتممات العلفية , و عدم وجود ضوابط مناسبة للحد من مزاجية التربية وعشوائيتها والأزمات التسويقية وما يسببه تذبذب الأسعار في الإحجام عن التربية نتيجة الخسائر المتلاحقة التي يتعرض لها المربون، الذين تثقل كاهلهم الضرائب والرسوم المفروضة على تربية الدواجن,إضافة للظروف المناخية والأمراض التي تتعرض لها الأفواج بشكل ينعكس سلباً على الأداء الفني إنتاجياً وصحياً..
كما يشتكي مربو الدواجن من صعوبة ترخيص المداجن بسبب الخارطة ‏الاقليمية للمحافظة ما يعيق في الكثير من الأحيان ترخيصها بالمنطقة الغربية إضافة إلى ‏غلاء أسعار العلف وتأرجح سعر الصوص في السوق المحلية وعدم توافر مستلزمات التدفئة ‏في الوقت المناسب للتربية أحيانا وعدم تناسب سعر بيع الفروج مع التكاليف العالية.‏
سعر المبيع أقل من التكلفة
 وأضاف أحد المربين الذي  عاد إلى العمل  بعد انقطاع خمس سنوات بسبب الحرب ‏مؤكدا أن استفادة البعض من التهريب ستؤثر على شريحة واسعة من المربين حيث يباع ‏كيلو غرام الفروج المهرب ب 500 ليرة بينما يكلف إنتاج الكيلو غرام الواحد من ‏الفروج المحلي نحو600 ليرة أو 700 ليرة وبمعادلة حسابية يتبين أن المربين ‏سيضطرون للتوقف في حال استمر التهريب ولم يتم  ضبطه بشكل فعلي…
تخزين لمصلحة من؟؟
كما يشتكي المربون  في  قرى عدة من سوء نوعية الأعلاف التي يستجرونها من الوحدات الإرشادية  و ليس السبب الحقيقي هو النوع إنما  سوء التخزين  وطول المدة التي تخزن بها في مخازن  المؤسسة..
  و يتساءلون  لماذا  يصر  القائمون على العمل  بتخزين الأعلاف في المستودعات  على  أن  يتم  توزيعها في الوقت  المناسب و بذلك  يستفيد المربي كما  تستفيد المؤسسة  وذلك أفضل  من أن  تصب كل الأرباح  في  جيوب تجار القطاع الخاص ..
و طرح  مربون  آخرون  تساؤلاتهم عن  سبب انخفاض سعر الأعلاف عند  تجار القطاع الخاص عن  السعر في المؤسسة  بفارق لا بأس به  و يشكل رقماً بالنسبة  للمربي وبذا  تكون  النوعية  الجيدة  و السعر الأنسب عند التاجر بدلاً من أن تكون  في مؤسسة  الأعلاف وهي قطاع حكومي وقوي ..!!

علف مهرب أيضاً !!!
تحدث أحد المشرفين على العمل  في أحد معامل أعلاف القطاع الخاص للعروبة عن  ارتفاع سعر المواد الأولية خاصة أن المعمل بترخيصه يصنع الأعلاف من منشأ نباتي وتحدث عن وجود علف مهرب بالأسواق ينافس المنتج المحلي لانخفاض تكاليف تصنيعه في دول الجوار وانخفاض نسبة الضرائب ومستلزمات الإنتاج  ,مشيراً إلى أن التسعيرة  تتبع للتكاليف والعرض والطلب  و توضع بالتنسيق مع مديرية التجارة الداخلية  وحماية المستهلك ..
 وذكر صاحب العمل أن المعمل مختص بتصنيع أعلاف الدواجن و الأبقار ذات منشأ نباتي وتتألف من الذرة والصويا والبريمكسات وخلطات فيتامينات ومعادن  وتصل الطاقة الإنتاجية للمعمل 7 أطنان باليوم ويتم البيع للفلاحين بشكل مباشر أو عن طريق المكاتب.
 وتحدث مشرفون في المعمل عن المعاناة  من نقص بعض قطع الصيانة و ارتفاع أسعارها إن وجدت ,ومن ارتفاع رقم التكليف الضريبي..
موجود في الأسواق

رئيس فرع نقابة الأطباء البيطريين بحمص الدكتور أحمد شحود أكد أن المداجن ‏المرخصة ازدادت من 1702 مدجنة عام 2011 إلى 1800 مدجنة عام 2018  العامل منها 800 مدجنة فقط ,فيما يصل عدد ‏المداجن غير المرخصة العاملة حاليا إلى 450 مدجنة بطاقة مليون و 900 ألف طير…
ويوضح شحود أن قطاع الدواجن كبير وتعمل به حاليا أكثر من 550 عائلة إضافة إلى أصحاب المداجن ,وأنها تؤمن عدداً كبيراً من فرص العمل المستقرة ..
و عزا  انخفاض سعر الفروج حالياً إلى ازدياد كميات الفروج المهرب الداخل إلى الأسواق بطرق غير شرعية  إضافة لازدياد عدد ممتهني العمل بهذا القطاع, مؤكداً أن السبب الرئيسي للتفاوت السعري  هو نتيجة انخفاض أسعار الأعلاف في الدول المجاورة و بالتالي  انخفاض تكلفة الإنتاج ما يشكل تحدياً حقيقياً لتربية الفروج  المحلي ..مشيراً إلى أن المربين يتزودون بالأعلاف بشكل كامل من تجار القطاع الخاص وأن  مؤسسة الأعلاف غائبة عن الساحة و لا تشكل منافساً…
الخبرة العلمية عامل مساعد
أما عن الأمراض  ومنها الشائعة و التي تصيب الفروج  بعمر 30-35 يوماً تؤذي الفوج بأكمله و ممكن أن تسبب ضرراً مادياً كبيراً للمربي ,ذكر شحود بأنها أمراض عادية منها الإيكولاي و أمراض التهابات الأمعاء و التهابات أخرى و رشح  وتحدث نتيجة عدم العناية الصحيحة مشيراً أنها إذا انتشرت في مدجنة ما فبسبب عدم وجود دراية كافية للعديد من مربي القطاع الخاص بقواعد وإجراءات التأمين الحيوي للدواجن كالتطهير والتعقيم داخل وخارج الحظائر وبرامج اللقاحات والبرامج الوقائية والعلاجية ناصحاً  المربين باللجوء للطبيب البيطري المختص عند حدوث أي مشكلة مرضية لمعالجتها بشكل علمي و دقيق حيث يوجد في حمص  300 طبيب بيطري موظف  و 800 طبيب سجل في النقابة بحمص ..
وأضاف : تقوم لجان مختصة من النقابة بجولات لقاح على كافة المداجن وبمصادرة أي لقاح مهرب ضمن برنامج رقابة دوائية منتظم ..
70% من تكلفة الإنتاج للأعلاف
و ذكر الدكتور محمد قيمر مدير فرع مؤسسة الدواجن بحمص  أن هذا الموضوع يناقش في كل ‏الاجتماعات الرسمية وتتم المطالبة بوضع حد للتهريب وإلغاء الضريبة ‏الجمركية على الأعلاف والتي مازالت مرتفعة بالمقارنة مع دول الجوار لافتا إلى أن 70 ‏بالمئة من تكلفة إنتاج الفروج يتركز في المادة العلفية …
و أضاف:  تؤمن المنشأة مادتي الفروج والبيض للمواطنين بأقل من سعر التكلفة  والسبب ارتفاع أسعار الأعلاف المرتبط بسعر الدولار وتكاليف مستلزمات الإنتاج من مازوت و كهرباء و تدفئة و آلات الأمر الذي يجعل أغلب مربي الدواجن يتعرضون للخسارات الكبيرة التي لا يتم تعويضها من أي جهة مبينا أن سعر البيض الذي يعتبر مرتفعا في هذه الفترة هو سعر منطقي نظرا لتكلفة الإنتاج المرتفعة ,و أوضح قيمر أن كيلو الفروج الواحد يكلف حوالي 700 ليرة بينما يباع للمستهلك بخمسمائة ليرة بخسارة تتجاوز 200 ليرة في الكيلو الواحد وبالتالي خسارة  بالملايين على مربي الدواجن ,و الأمر نفسه بالنسبة لصوص الفروج الذي يباع بسعر 30 ليرة بينما تكلفته الحقيقية تتجاوز 150 ليرة …
خسارة 6 دورات متتالية
و أكد قيمر على ضرورة تضافر الجهود من قبل مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك و ضبط الأسعار و مراقبتها و ضبط الحدود للحد من ظاهرة التهريب التي تنعكس سلبا على عملية تسويق المنتج وهذا الأمر يظهر جليا في عدم التزام المطاعم و محال الوجبات السريعة بأسعار تناسب سعر الفروج, فمهما انخفض سعر لحم الفروج تبقى أسعار الوجبات و الفروج المشوي محلقة و لا تقل عن 3500 ليرة للفروج المشوي على سبيل المثال و هذا يتطلب ضبط الأسعار في هذه المطاعم و إلزامها بخفضها تماشياً مع سعر الفروج.. و ذكر قيمر أنه بسبب هذه الخسائر التي يتكبدها مربو الدواجن قام العديد منهم ببيع منشآتهم وتوقفوا عن العمل نهائيا كونهم أصبحوا في وضع لا يحسدون عليه بعد أن خسروا لأكثر من 6 دورات متتالية…
رقابة مشددة !!
من جهته أكد مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحمص المهندس رامي اليوسف أن عناصر الرقابة ‏التموينية تقوم بشكل يومي بالكشف على محال بيع الفروج والتدقيق في الفواتير والأسعار ‏وستعمل على تشديد الرقابة لمنع أي حالة تهريب أو مخالفة قانونية.‏
‏ وبحسب مدير جمارك حمص سليمان شميس تتم مراقبة وفحص كل السيارات المحملة بالفروج حتى الصغيرة منها مضيفا أنه تم ضبط عدة مخالفات تتعلق بالفروج المهرب ‏وأصبحت هذه الظاهرة شبه منتهية في الاسواق .‏
2كغ للطير الواحد
 كما  يقوم فرع مؤسسة  الأعلاف بحمص – وبحسب تصريح سابق – بتوزيع المقننات على مربي الدواجن بموجب كتاب  صادر عن مديرية  الزراعة للمداجن المرخصة أصولاً بعد إجراء  الكشف الحسي عليها  من قبل المديرية بحيث تعمل  المؤسسة على تسليم  المخصصات مباشرة  ونقداً  …
ويتم  توزيع  2كغ للطير  الواحد من المواد العلفية  موزعة كالتالي 500 غرام  ذرة صفراء  و 500 غرام كسبة فول صويا  و 500 غ  نخالة  و 500 غ  شعير  علفي وهي كميات يراها المربون غير كافية في كثير من الأحوال !
لهم كلمة …
و في حديثهم للعروبة أشار مربون بأنه من الضروري اليوم تنظيم المهنة بإحداث اتحاد نوعي لمربي الدواجن أو أي صيغة مناسبة ترسم الملامح الاستراتيجية والأساسية للمهنة وتنظيمها وتطويرها , وتأمين الأعلاف الرئيسة من قبل القطاع العام بالكميات والتوقيت المناسبين بهدف استقرار أسعار منتجات الدواجن وتأمينها للمستهلك بأسعار مناسبة , و تشجيع المربين على استيراد وتربية صيصان أمات البياض، التي تساهم في رفد القطاع بأعداد الدجاج البياض, و معالجة واقع المداجن غير المرخصة وإعفائها من تكاليف المخططات والرسوم الهندسية لتسهيل معرفة حركة الإنتاج وتنظيمه، حيث أن الرسوم والتراخيص تشكل إرهاقاً حقيقياً لمربي الدواجن لدرجة أن ثلث من يعمل بهذا القطاع يعمل ضمن ما يسمى باقتصاد الظل هرباً من هذه الأعباء, و وضع سياسة شاملة لتسويق منتجات الدواجن وآلياته وتطوير التسويق الحالي وامتصاص الكميات الفائضة عن السوق عند ازدياد العرض بهدف طرحها عند زيادة الطلب أو نقص المادة ,و  تشجيع المربين الذين خرجوا عن الخدمة بسبب الحرب للعودة إلى الإنتاج وذلك لتدوير عجلة الإنتاج بشكل فعلي
و إيجاد حل لارتفاع أسعار الأعلاف التي تؤثر بشكل مباشر على سعر الفروج وتوفير ‏المحروقات للمداجن في أوقات التربية بمخصصات محددة وتأمين التيار ‏الكهربائي بشكل متواصل.‏..
 هنادي سلامة

المزيد...
آخر الأخبار