يحكى أن صحفيا من خارج ألمانيا زارها في فترة الحرب النازية وصعقه مشهد الشباب في دور السينما والمسارح والمكتبات فسأل غوبلز وزير الدعاية النازية الذائع الصيت عن أسباب عدم التحاق هؤلاء بالجبهات المشتعلة لبلادهم فأجابه غوبلز _وهو صاحب نظرية اكذب اكذب حتى يصدق الآخرون _ أجاب نحن في هذه الحرب إن ربحنا فهؤلاء الشباب سيحكمون العالم وتعوزهم الثقافة وإن خسرناها هم سيعيدون بناء ألمانيا وسلاحهم الأساس هو الثقافة ،استشهد بهذا المثال عن حالة الثقافة في البلاد التي تخوض الحروب ونحن خلال ثماني سنوات لم تكن الثقافة غائبة ولا حتى في لحظات سقوط القذائف والتفجيرات بل كان هناك شعراء يقفون على المنبر في المركز الثقافي بينما دوي الانفجارات يهز الارجاء كانوايصرون أننا سنظل نهمس بالشعر «رغم قعقعة القذائف» واللافت خلال الحرب هو كثرة الكتب الادبية التي صدرت سواء رواية أو قصة أو شعر وهذا يدل على أن المحن تجعل الروح تشف بغض النظر عن المستوى الفني والادبي لتلك الكتب المهم في الموضوع أن حركة النشر كانت واضحة للعيان وهذا يدل على حرص المثقفين السوريين على الانتاج خلال الحرب تماما مثلما كان السوريون حريصين على الإنجاب وهذا ما دلت عليه إحدى الدراسات أن عدد المواليد في سورية ازداد خلال الحرب هذه هي غريزة البقاء وما الحرص على جمع وطباعة النتاجات الأدبية لأي كاتب إلا ثقافة البقاء والصمود والمقاومة لكل ما يهدد وجودنا كبشر إنها ثقافة الحياة التي تليق بالشعوب الحية و الكاتب مصور لفن الحياة ومبتكر التنوير وما نشهده من نتاجات أدبية تتحدث عن مخلفات الحرب وما تركته من سواد وبياض… ما هو إلا دليل على أن أمة اقرأ تقرأ رغم أنف اليائسين البائسين.
ميمونة العلي
المزيد...