أمضت مرحلة العشرينيات بتفاؤل ووقفت على حائط الثلاثينيات بترقب ومع كل سنة تتجاوزها يزداد الخوف …لأنها ستصبح « عانس » وسيسجل اسمها في سجل اللواتي فاتهن قطار الزواج وحكم عليهن بالإعدام الاجتماعي. فظاهرة العنوسة من المشكلات التي تواجه المجتمع العربي لأنها ستصبح عبئاً على أهلها حتى إن ملكت كل مقومات النجاح في الحياة وتبقى بنظرهم ضلع قاصر ، و.. و..
هكذا كان واقع الفتاة العربية ولكن هل تغير الحال مع التقدم العلمي والتكنولوجي والانفتاح على العالم عبر وسائل الاتصال الحديثة ؟ والأهم هل بنات هذه الأيام ، أيام الانترنت ومواقع الدردشة يقبلن بهذا الحكم ؟
لا يمكن أن يغيرها الزمن
– هديل -45-سنة قالت : الفتاة عندما يتجاوزها قطار الزواج لا يبقى أمامها إلا أحد خيارين أولهما أن تبقى تحت رحمة الأهل ، تلك الرحمة التي تبتعد عن صفتها كلما طالت مدة بقاء الفتاة دون زواج حتى ولو لم يكن بيدها حيلة والثاني الزواج بأي عابر سبيل،أيّ يكن لا يهم ، المهم هو الزواج على مبدأ الرجل في البيت «رحمة حتى لو كان فحمة» ، أو كما يقول المثل المصري : « ظل راجل ولا ظل حيطة »
– شادية -34-سنة قالت : لم أعد أحتمل نظرات الشفقة في عيون أهلي وأقاربي لأنني لم أتزوج بعد رغم أنني مستقلة مادياً وأنا على استعداد لتقديم التنازلات مقابل الزواج والاستقرار . وعند سؤالها عن سبب عدم ارتباطها حتى الآن أجابت : في عصرنا هذا لم يعد معظم الشباب يبحثون عن الأخلاق الحميدة والسمعة الطيبة للفتاة بل أصبحت مطالبهم تنحصر في المال والجمال ، لوجود انفتاح على كافة المستويات وما ألمسه اليوم أن معظم الفتيات اللواتي تزوجن بذلن جهداً للحصول على العريس كمحاولات لفت النظر عبر الاهتمام بالمظهر وغيره من الأساليب وهذه الطرق لا يمكنني ممارستها فعاداتنا وتقاليدنا لا تسمح بأن تبادر الفتاة بعرض نفسها .
.. ويبقى الزواج نصيب
– سهام 29-سنة تعتبر أن الزواج نصيب لا أكثر ولا أقل وتبرر عدم ارتباطها إلى الآن لسبب بسيط جداً وهو عدم قدوم الشخص المناسب الذي تشعر معه بالاندماج الروحي والعاطفي والفكري ، فالزواج ليس مجرد علاقة عابرة بين رجل وامرأة إنما يجب أن يؤسس على أسس صحيحة وذلك لكي تخلق أسرة سعيدة وناجحة وهنا أيضاً يتدخل الحظ وأحياناً قد يمضي العمر كله ولا تجد الفتاة شريكها المناسب ، أو ربما تجده ولا تكتمل القصة بسبب وجود حواجز كثيرة تمنع هذا الزواج كالحاجز المادي أو الاجتماعي وغيرها كثير، وأنا أشجع كل فتاة على التعلم والعمل لمواجهة العنوسة .
– نهى -24-سنة ترى أن الفتيات اليوم يساهمن إلى حد كبير بزيادة تفاقم هذه الظاهرة لكثرة متطلباتهن التي لا تتناسب مع الظروف المادية للشباب ولاسيما أن غالبية المقبلين على الزواج لا يتمكنون من تأمين متطلبات الحياة الزوجية دفعة واحدة.
– جمانة 33-سنة ناقضت تماما الفكرة السابقة وأكدت أن الشباب وأهلهم هم السبب وخاصة هذه الأيام فالحرب التي عاشتها البلاد غيرت الكثير من الأفكار فالأهل يريدون أن يفرحوا بابنهم ويروا أولاده وهو مازال في ربيع الشباب ولذلك لا يمكن أن يزوجوه من فتاة تكبره في السن ولا حتى بعمره بل من فتاة صغيرة لم تتجاوز ال20 من العمر وتنجب له الأولاد ، أما ابن الثلاثين فلن يتزوج فتاة في مثل عمره .
عن سابق إصرار
– فدوى 35 سنة- تعتقد أن المشكلة -أو ما يعتقده مجتمعنا كذلك- لها أسباب عميقة تكمن في عدم التوازن بين التطور الاجتماعي الذي حدث لوضع المرأة من حيث التعليم العالي والعمل وبين الوعي الاجتماعي العام إزاء هذا الواقع الجديد فالكثير من الفتيات يحجمن عن الزواج بإرادتهن لأنه يعيقهن عن تحقيق طموحهن المهني والعلمي ولاسيما أن مسؤوليات الزوجة العاملة في مجتمعنا مضاعفة وتحمل العبء الأكبر ، كذلك الجامعيات غالباً ما يجدن صعوبة في اجتذاب العرسان لأن البعض لم يصل لدرجة الوعي التام بأهمية علم وعمل المرأة ..
أكثـر انفتاحاً
لا نستطيع أن ننكر أن المجتمع تطور في نظرته لعنوسة المرأة فبعد أن كانت تطلق على من تجاوزت الثلاثين أصبحت تبرر هذا التجاوز فالفتاة تسعى للعلم ومن حقها أن تختار ما يناسبها ، والشاب الواعي المثقف يبحث عن فتاة مثقفة ولم يعد يتأثر برغبات أهله وما سيختارونه .
منار الناعمة