مرايا النهر… « ولادة جديدة لعشرين شخصية واقعية من حمص»

رواية جميلة من روايات الكاتب عبد الغني ملوك هي « مرايا النهر» تحمل ما تحمله من هموم انسانية حياتية ووجدانية , يروي خلالها محام قدير قصة مجموعة من الأشخاص كان يقابلهم ويراهم في حياته اليومية ..
فالقصة الأولى بطلتها « عنايات » ابنة جارته « تفيدة » في حي الزاوية بحمص والتي كانت مهندسة متقاعدة في الستين من عمرها خدمت في مؤسسة الصابون والتغذية , ربت إخوتها وعلمتهم فكانت النتيجة وحدة قاتلة باردة , في البداية وجدت متنفساً اجتماعياً وعاطفياً لدى عبد المنعم حيث عملت في مؤسسته عملاً اضافياً لسنين طويلة , لتنتهي قصتها بالفراق .. القصة الثانية فهي لأخيها عادل الذي كان يحب الصيد و لديه بندقية رافقه المحامي في كل رحلاته الى الصيد فكانت نهايته مأسوية إذ سرق من والده مبلغاً من المال للخروج في رحلة الى كفرام ، وعندما علمت أمه بذلك جاءت الى المدرسة وخاطبت الطلاب « أنا أم عادل زميلكم , إن عادل سرق أباه ليلاً وكسر كلمتي , اعرفوا من هو زميلكم إنه لص » وفي منتصف الليل سمع الجيران طلقة بندقية , تركت هذه الحادثة جرحاً أليماً في نفس الأم فماتت مقهورة بعد سنتين من الحادثة ..
*أما مأساة رغدان الأخ الثاني لعنايات وأكبرهم سناً بين الذكور فقد بدأت عندما اقتحمت ميساء زوجة سعيد جارهم حياته فأحبها وترك الطب الذي كان يدرسه في السنة الثالثة , رغدان كان أول المتضررين اضطر للزواج من ميساء بتهديد من زوجها سعيد فخسر سمعته وكسب غضب أهله ..
أبو أحمد الذي انتقل من موظف في البلدية يكنس الشوارع الى موظف في إحدى الشركات ليتخلص من لقب الزبال وعقدته , فنال ما نال من المال بشتى الطرق الملتوية الى أن أحيل على التقاعد وفقد مكانته لينتهي بطلق ناري صوبه الى رأسه ..
أما مزيد كان يعاني دمامة وبشاعة مفزعتين عمل أخيراً في الشعوذة والنفاق وبيع الأعشاب الطبية يداوي الناس بالأوهام
ليصل إلى قصة محمد و هو ابن خالة عنايات أحب وطنه لكن هذا لم يلب طموحه و لم يجد تقديراً لمكانته العلمية وهذه الصدمات لم تثنه عن حب وطنه
كنان هو مثال للفضيلة التي تنحرف بفعل الزوجة السيئة من أجل الارتقاء إلى مراتب وظيفية كبيرة إذ لديه استعداد داخلي مضمر للانحراف.
ممدوح عاش مع أهله في فلسطين و نتيجة التهجير جاؤوا ليسكنوا في مدينة حمص ليتعلم مواعظ الحياة من إسكافي الحي ، إذ أصابته عقدة من سخرية زملائه على حذائه المقطع و بعد مضي الزمن اغتنى و صار يلبس أحذية ايطالية و اسبانية و يحاول أن يلفت نظر الجالسين إلى نوعية حذائه.
صبحي مات نتيجة وقوع كيس قمح فوقه ليبدأ ابنه عبد الرزاق تحمل مسؤولية البيت لم يستطع الحصول على وظيفة ليتحول إلى بائع خضار على عربة حيث تصادر عربته لمخالفته السير .
*الياس المغترب و الذي عاد إلى وطنه سورية ليشهد حالات التلوث التي ألمت بالمدينة فقد عاد ليبني مشروعاً خيرياً يدل على حبه الكبير لبلده سورية ووطنيته الكبيرة
ليتطرق إلى مرهف و عقده و اختبائه خلف ستار عاهته فيصطدم بخيانة صديقه موطن أسراره له و يسرق منه حبيبته فيعود ليواجه العالم بعلمه و مكانته العلمية ..الانتهازي العجوز حمو بدأ موظفاً صغيراً في البلدية ليصبح مليونيراً ورثته زوجته الجديدة بعد موته .
غزوان و عائلته يعانون من التخلف يساعدهم زياد في متابعة ابنتهم ربا لتعليمها لتكون أداة لهم للخروج من الفقر .
أما روزيت فقد أحبت رجلاً متزوجاً وقعا معاً في الخطيئة ليقتلها أخوها و أبناء عمومتها بتحريض من محام جشع يخرجهم من القضية بسلام بدعوى غسل العار
ثم يعرض بيئة السمسرة من خلال قصة محمود و التجارة غير المشروعة للمحامي الشاب و الذي كان جشعاً اتخذ من مهنته طريقاً للإثراء السريع لينغمس أخيراً في تجارة المخدرات فينتهي به المطاف إلى السجن
– مروان موظف شريف لكنه يسقط السقطة الأولى و يقبض مليون ليرة لقاء تحريره معاملة عير نظامية في دائرة التوثيق و ليدخل مستنقع الفساد ليتخلى الجميع عنه في النهاية .
نوري لم تعركه الحياة العملية إذ كان انعزالياً لم ينزل إلى الشعب الفقير في تحضيره لرسالة الدكتوراه في التربية ليصل به الأمر أن يسجن بغلطة ارتكبها شاب و اصطدم بسيارته لتكسر ساقه .. نوري يلتقي سجناء من كل صنف و لون ليتعلم أن على السجين أن يكون مدرسة وورشة و أداة تثقيف جعلته ينزل إلى الشارع و يواجه العالم .
إذن هي رواية متكاملة تجمع بين طياتها عشرين قصة لشخصيات واقعية من مدينة حمص صادرة حديثا تقع في 264 صفحة من القطع المتوسط
عفاف حلاس

المزيد...
آخر الأخبار