كان الخليفة المأمون يعطي لمن يؤلف أو يترجم كتاباً قيمة وزنه ذهباً .واليوم يدفع من يؤلف كتاباً قيمة وزنه مالاً لدار النشر حتى تطبع له كتابه ,ثم يقدمه على شكل هدايا مجانية لأصدقائه في حفلات توقيع الكتب؟! , سألت يوماً الأديب سليمان سخية لماذا لم تنشر كتاباَ بعد؟ فقال: هناك أولويات أنا رب عائلة .وسمعت الشاعر رفعت ديب يجيب على هذا السؤال في لقاء تلفزيوني الإجابة ذاتها وكلاهما أُحيلا إلى التقاعد ,وأما الخيار الآخر أمام الراغبين بالنشر في كتاب أو مجموعة شعرية فهو اللجوء إلى اتحاد الكتاب العرب في دمشق حيث يوضع مخطوطه في قائمة الدور بانتظار القراءة والبت بشأن الطباعة وقد يأتي دور المخطوط بعد عامين أو ثلاثة (والله أعلم) ثم يعطيك الاتحاد مكافأة رمزية وبعض النسخ إن وافقت لجنة القراءة على الطباعة ..وكثيراً ما يأتي الطلب بالرفض غير المعلل.! ومثل هذا الوقت يستغرق طباعة كتاب في الهيئة السورية للكتاب التي تتبع لوزارة الثقافة وقد ينتظر المؤلف سنوات فيأتي الجواب مشفوعا بالرفض ,ولا يبقى أمام المبدع الذي تؤرقه رغبة النشر وإيصال رسالته للمتلقي سوى اللجوء للفيسبوك وبث ما يعتمل بداخله على صفحات التواصل الاجتماعي على شكل أفلام قصيرة تاركين خلفهم «الجمل بما طبع » لقد تراجع حال المثقف السوري خلال الحرب إلى ما تحت خط الفقر بدرجات ,ويبدو أن ظلال الحرب الاقتصادية سترخي بظلالها على حياتنا الأدبية والثقافية بأضعاف مضاعفة ولعل حال النشر والطباعة هذه الأيام يشبه حالنا في القطاعات الأخرى ولنتذكر أن المكتبات اليوم مشغولة ببيع الملخصات والمصغرات وتتصدر واجهاتها كتب الطبخ والأبراج ,ولنتذكر أن شارع (الدبلان )كان في بداية السبعينات يغص بالمكتبات ودور النشر , واليوم يغص بمحال الألبسة فلماذا نستر أجسادنا ولا نخاف من عراء الروح .
ميمونة العلي
المزيد...