العروبة تفتح ملف التضخم وتأثيراته على الاقتصاد الوطني و المواطنين.. تراجع الإنتاج الوطني يهدد الاقتصاد بالشلل… وتصريحات بعيدة عن الواقع…  خضور : يجب دعم القطاعات الإنتاجية و تحفيزها وتصحيح العلاقة بين الدخل والأجور.. تشجيع الاستثمار وعقلنة الاستيراد  إخوان: كلما ارتفعت تكاليف الإنتاج خسرنا الميزة التنافسية وخرجنا من الأسواق ..

ضعف القدرة الشرائية أوصلت المواطن حد العجز و تصاريح رسمية عن الوضع الاقتصادي لاتقترب من الواقع وإحصاءات تفتقد إما للدقة أو المصداقية تبتعد عن الناس بمختلف شرائحهم و تفقد بذلك قدرتها على فرض ذاتها مرات قادمات… تضخم اقتصادي يلامس كل المواطنين بكل المستويات و الشرائح الاقتصادية يزيد من تغول تجار أزمة يركبون الموجة وتزيد بالمقابل الضرر على الاقتصاد الوطني..

أسباب موجبة

عميد كلية الاقتصاد بجامعة البعث الأستاذ في التحليل الاقتصادي الدكتور عدنان خضور .. أوضح أن التضخم هو عبارة عن الارتفاع المستمر في المستوى العام لأسعار مختلف السلع والخدمات في الاقتصاد الوطني وينتج ذلك من ثلاثة أسباب الأول من خلال زيادة الطلب على السلع و الخدمات عن العرض والثاني من زيادة التكاليف و الثالث يعود للتضخم في السيولة النقدية  و قد تجتمع هذه العوامل معاً أو بشكل منفرد فتسبب ارتفاعا في أسعار معظم السلع و الخدمات و ذلك لفترة غير قصيرة منتجة ما يعبر عن التضخم … وأضاف يقاس التضخم بالرقم القياسي للأسعار و الذي يعبر عن نسبة تغير مستوى الأسعار بين نقطتين زمنيتين و هو ما يعرف بمعدل التضخم،و يظهر التضخم بشكل انخفاض في القوة الشرائية للنقود وانخفاض الدخل الحقيقي إذ أن كمية السلع والخدمات التي يمكن أن تشترى بالدخل النقدي الاسمي سوف تنخفض مع ارتفاع الأسعار وهذا ما ينعكس بشكل سلبي على أصحاب الدخول الثابتة و المتغيرة ببطء أي فئة العاملين بأجر وفئة أصحاب الدخول الثابتة  كاشفاً أن آثار التضخم تختلف بحسب منشئها إلا أنها بالمجمل تعبر عن انخفاض في الدخل الحقيقي و أسوأ أنواعها هو التضخم الناجم عن ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج سواء المحلية أو المستوردة.

تراجع الإنتاج المحلي يزيد الطين بلة

وتحدث خضور عن التضخم الناجم عن زيادة الإصدار النقدي الذي تتبعه معظم الدول النامية لتمويل العجز في الموازنة العامة للدولة و الذي ينتج آثاراً سلبية إذا لم يتم استثمار هذه السيولة في قطاعات إنتاجية قادرة على خلق كتلة سلعية تمتص هذه السيولة  إلا أن أسوأ ما يمكن أن يصل إليه الاقتصاد هو عندما يتزامن التضخم مع تراجع الإنتاج الوطني و تصل إلى مرحلة الركود التضخمي الذي ينكمش فيه الإنتاج المحلي و ترتفع فيه الأسعار و يصاب الاقتصاد بالشلل و هنا لا بد من التدخل بمختلف السياسات النقدية والمالية لإنعاش الاقتصاد و يكون ذلك بالتركيز في مختلف السياسات على دعم القطاعات الإنتاجية و تحفيزها سواء الزراعية أو الصناعية..و اتخاذ تدابير للحد من استنزاف الموارد المالية و تقليل الاعتماد على الواردات و حصرها بما يدعم القطاعات الإنتاجية لوقف تراجع سعر صرف العملة الوطنية.

ازدياد معدل التضخم ٣٩٪ رسمياً

وأضاف خضور بالنسبة لما نشهده في سورية من تضخم وارتفاع أسعار يكاد يجمع معظم أنواع التضخم فهو ناجم عن تضخم نقدي بسبب زيادة السيولة بنسبة أكبر من نمو الإنتاج بفعل سنوات الحرب وما دمرته في الطاقة الإنتاجية والموارد، كما أنه تضخم تكاليف نتيجة ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج المحلية والمستوردة..و ارتفاع أسعار الطاقة أيضاً التي باتت مستوردة بالكامل..إضافة إلى العوامل الأخرى الخارجية و المرتبطة بالحصار و العقوبات المفروضة على سورية..و لا ننسى بالتأكيد هروب رؤوس الأموال الخاصة للاستثمار إلى الخارج بفعل الحرب..و كذلك زيادة الطلب على القطع الأجنبي سواء للمهاجرين خارج الوطن أو بفعل المضاربة…كل هذه العوامل أدت إلى تراجع الموارد المالية و الضغط على العملة الوطنية و كذلك تراجع المقدرة الإنتاجية للاقتصاد مما أدى إلى تراجع القوة الشرائية للعملة الوطنية و ازدياد في معدل التضخم الذي يقدر رسميا بحوالي ٣٩% سنويا..و بتقدير جهات غير رسمية فقد يصل إلى حوالي ١٣١% سنويا.

حلول ممكنة التنفيذ

أما عن الحلول فلابد من استخدام أدوات السياستين النقدية والمالية والتي بمجملها يجب أن تصب في دعم الإنتاج الزراعي و الصناعي و يمكن في هذا الإطار ذكر العديد من الإجراءات في السياسة النقدية وهي استخدام سياسة السوق المفتوحة من خلال طرح أذونات و سندات الخزينة لامتصاص فائض السيولة النقدية بالإضافة لتحريك أسعار الفائدة برفعها على الودائع لتشجيع أصحاب الودائع على الإيداع لدى المصارف بالعملة الوطنية… والسماح بفتح حسابات بالقطع الأجنبي للأفراد و الفعاليات و بفائدة لضمان بقاء موارد القطع الأجنبي داخل القطاع المصرفي الوطني… وبذلك تفيض الفائدة على القروض الممنوحة للمشروعات الصغيرة و المتناهية الصغر و إعطاء مزايا تفضيلية للمشروعات الإنتاجية مع فترة سماح ببداية تسديد الأقساط حتى بدء الإنتاج.

 

أما في السياسة المالية لابد من تصحيح العلاقة بين الدخل والأجور خاصة للعاملين في القطاع العام وتوحيد الضريبة على الدخل بضريبة واحدة بدلا من عدة ضرائب و اعتماد معدل ضريبة عادل و شفاف وأتمتة نظام التحقق و الاستعلام والجباية الضريبية لتقليل التهرب الضريبي للفعاليات المختلفة و ضبط الإنفاق الحكومي في القطاعات غير الإنتاجية و توجيه هذا الإنفاق نحو القطاع الاقتصادي و الإنتاجي..و تخفيض الإنفاق في المؤتمرات بتحديد أعداد المشاركين و اقتصارها على أشخاص ذوي علاقة مباشرة..ومكافحة الهدر في النفقات العامة و متابعة السير في مكافحة الفساد الإداري و المالي.

رئيس غرفة صناعة حمص لبيب الإخوان أوضح لـ”العروبة” أنه يمكن تلخيص مفهوم التضخم بأنه الارتفاع المستمر في المستوى العام لأسعار السلع والخدمات التي تهم الشريحة الواسعة من المواطنين والتي لها تأثير في القوة الشرائية وفي النشاط الاقتصادي بشكل عام.. و التضخم الذي يعاني منه القطاع الصناعي يتمثل في ارتفاع أسعار المواد الأولية وتدهور سعر صرف الليرة السورية نتيجة خلل في الميزان التجاري لظروف داخلية وخارجية وارتفاع تكاليف سلع صناعية نتيجة الحصار و العقوبات على المصرف المركزي وخروج سورية من السويفت العالمي و ارتفاع تكاليف تحويل الأموال و الشحن كلها لها أثر في زيادة أسعار السلع مؤكداً أن السعر العالمي ليس مقياساً لتكاليف الاستيراد… كاشفاً انه كلما ارتفعت تكاليف الإنتاج نخسر الميزة التنافسية ونخرج من كثير من الأسواق الأمر الذي ينعكس على الصادرات مباشرة والمطلوب حالياً هو التوازن بين الصادرات والمستوردات  والحكومة معنية بدفع العجلة الاقتصادية اعتماداً على الإنتاج ودعم النشاط الزراعي ثم دعم الصناعة والبحث عن بدائل المستوردات والعمل على تخفيض فاتورة الاستيراد التي كلما انخفضت خفت الحاجة إلى القطع الأجنبي  وتشجيع الاستثمار لا الاستهلاك كمخرج للضائقة الاقتصادية الحالية مع ضرورة عقلنة الاستيراد… متحدثاً عن دور القطاع الخاص في دعم الإنتاج وتحفيز الاستثمار على حساب الاستهلاك والمساهمة في تحسين الواقع المعيشي للمواطنين من خلال مبادرات مباشرة وذات أثر إيجابي مستشهداً بمبادرات غرفتي صناعة وتجارة حمص في مبادرة خبز وملح… ومشروع غرفة الصناعة الذي أطلقته منذ سنتين بعنوان “قوي كارك بيعمر دارك )لتمكين الشباب وتأمين فرص عمل للمتميزين وغيرها من المبادرات التي يجب أن تستمر بنبض قوي من قبل رجال أعمال حمص في صورة من صور التكاتف الاجتماعي

إحصاءات

بحسب المركزي لابد لنا من التنويه لتصريحات رسمية من قبل المصرف المركزي عن انخفاض معدل التضخم والتي توضح بالأرقام أن معدل التضخم العام عام 2020، بلغ 114 في المئة، وتراجع عام 2021 إلى 101في المئة واليوم وبعد الإجراءات الحكومية لضبط الائتمان والسيولة نرى أن معدل التضخم العام بلغ 59 في المئة، ومعدل التضخم السنوي حتى أيلول لهذا العام هو 55 في المئة وهو أقل من السنة الماضية حيث بلغ 74 في المئة.

بقي أن نقول

لابد من الاستفادة من الأفكار و الرؤى المطروحة على مختلف المستويات لتحقيق فائدة تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني بتضافر جهود القطاع العام والخاص لتحقيق نقلة نوعية تخرجنا من عنق الزجاجة.

العروبة- هنادي سلامة

المزيد...
آخر الأخبار