أعداد كبيرة من العناصر التمريضية في طريقها للهجرة و الجهات المعنية لم تحرك ساكناً!!400 طلب استقالة وسحب شهادة خلال هذا العام في حمص !.. المشافي الحكومية تعاني عجزاً بأعداد الممرضين و الفنيين
أعداد الممرضين و الممرضات الذين تقدموا بطلبات استقالة خلال هذا العام ، ليس رقماً عادياً و له دلالات خطيرة على القطاع الصحي ، و لا بد من الإسراع باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لوقف نزيف العاملين في هذا القطاع الهام خاصةً أنهم من أصحاب الخبرة و الكفاءة و قد يصل الأمر إلى خلو أقسام بأكملها من العنصر التمريضي الخبير .
هجرة الممرضين بالفعل باتت ظاهرة مقلقة للغاية ، و رغم أن أسبابها باتت معروفة و بحسب المصطلحات الطبية فإن تشخيص هذه الحالة واضح و لا بد من البدء بوضع خطة علاجية ، تدفع الكوادر التمريضية للعدول عن فكرة الهجرة خارج البلد ، إلا أن الجهات المعنية لم تحرك ساكناً .
“العروبة” و من خلال بحثها في هذا الملف الهام توصلت إلى معلومات مقلقة بالفعل ، فبحسب رئيس دائرة المهن الصحية في مديرية صحة حمص الدكتور أسامة خرمة بلغ عدد الاستقالات المقدمة من الممرضين في حمص وحدها لهذا العام 200 استقالة ، كما بلغ عدد الطلبات المقدمة لسحب الشهادة و أيضاً لهذا العام أكثر من 200 طلب و بطبيعة الحال غالباً ما يكون القصد من وراء سحب الشهادة هو الهجرة خارج البلد .
الدكتور خرمة بين أن أعداد العناصر التمريضية في المشافي الحكومية في المحافظة حوالي 1900 ممرض و ممرضة بينما يصل عددهم في المراكز الصحية إلى حوالي 1523 مشيراً أن الأعداد بحسب الاحتياج متفاوتة بين مشفى و آخر و كذلك الأمر بالنسبة للمراكز الصحية حيث تعتبر كل من مستشفيات ( الوليد – المخرم – المهاجرين المتنقل – الهيئة العامة للمشفى الوطني – تلكلخ و القريتين ) ذات احتياج للعنصر التمريضي بينما يصل عدد الممرضين في مشفى الباسل بحي كرم اللوز إلى 407 و في مشفى الباسل بحي الزهراء إلى 334 ممرضا و ممرضة ، مشيراً أن مدرسة التمريض تقبل حوالي 160 طالبة لصالح المؤسسات و المراكز الصحية العامة في المحافظة .
من جهته أوضح رامي شحود المدير الإداري في مشفى الباسل في حي الزهراء أن عدد استقالات الكادر التمريضي في المشفى وصل إلى 15 استقالة.
مطالب كثيرة لم تلق آذانا صاغية
الوضع المعيشي وضعف الرواتب و الأجور و العمل الإضافي في أغلب الأحيان من دون تعويض مادي هي من أهم الأسباب التي تدفع الممرض للهجرة إلى بلدان مثل العراق و ليبيا و دول أوربا و غيرها ، و باتت المشافي الحكومية تعاني من عجز بأعداد الممرضين و الفنيين أصحاب الخبرة ، و هذا ما أكد عليه مدير مشفى الباسل بحي كرم اللوز الدكتور أيمن محرز الذي بين أن حوالي 15 ممرضا من ملاك المشفى يحضرون أوراقهم للسفر فمنهم من يتقدم بإجازة بلا أجر و منهم من يتقدم بطلب استقالة إضافة إلى الأعداد الكبيرة التي أحيلت على التقاعد دون أن يتم تعويضها ، مشيراً أن نسبة عالية من العاملين الحاليين باتوا قريبين من سن التقاعد و هذا ما يزيد من معاناة المشفى من مسألة نقص الكوادر ، و لفت الدكتور محرز إلى معاناة الكوادر التمريضية من صعوبة التنقل و المواصلات و ارتفاع تكاليفها و رغم اللجوء إلى الدوام التجميعي إلا أنه لم يكن حلاً مثالياُ للمشكلة .
مطالبات لضم التمريض إلى المهن الشاقة
ممرضون و ممرضات التقيناهم طالبوا بزيادة أجورهم و طبيعة العمل والحوافز لتصبح على الأقل ٧٥ % أسوة بالمخدرين و المعالجين والأطباء والصيادلة و العاملين في مشافي الأورام ، و أشاروا إلى تدني الدخل مقارنة بالواقع وخاصة فيما يتعلق بأجور النقل والمواصلات التي باتت تثقل كاهل الموظفين كافة ممن يقطنون بمناطق بعيدة عن أماكن عملهم مطالبين بالنظر في أوضاعهم ونقلهم إلى أماكن عمل قريبة من سكنهم ، و لفتوا أن وزير الصحة شكل لجنة برئاسة الدكتور أحمد ضميرية لدراسة طبيعة العمل للممرضين والتعويضات الأخرى ولم تجتمع هذه اللجنة حتى الآن ولم تقر أي شي وقد طالب أعضاء مجلس الشعب في جلساتهم وزير الصحة بإقرار طبيعة العمل للممرضين لكن لا حياة لمن تنادي بحسب تعبيرهم .
كما طالبوا بضم مهنتهم إلى المهن الشاقة والخطرة لما يتعرضون له من ظروف عمل صعبة تمثلت آخرها بالأعمال الإنسانية المجهدة في ظل وبائي كورونا والكوليرا وعمليات الإنقاذ و الإسعاف ، و بتفعيل نقابة التمريض تنفيذاً للمرسوم رقم ٣٨ لعام ٢٠١٢ وإقرار النظام الداخلي والمالي وانتخاب نقيب للتمريض متسائلين هل يحتاج مرسوم رئاسي عشر سنوات كي يطبق ؟
جميع المطالب نوقشت مع الوزير … و لكن !!!
رئيس نقابة عمال الصحة في حمص دلال دعكور أكدت أن عمال القطاع الصحي و خاصةً “التمريض” هم الفئة المظلومة والمحرومة من أبسط حقوقها حيث مازالت طبيعة العمل حتى الآن 4,5 % مشيرةً إلى المطالبات خلال المؤتمرات السنوية و اللقاءات الدورية مع المعنيين لإيجاد حل لبعض الصعوبات لهذه الفئة المظلومة و أهمها رفع طبيعة العمل بما يتناسب مع حجم العمل والخدمة و الإسراع بتطبيق مرسوم نظام الحوافز رقم ٢٥٢ لعام ٢٠٢٢ الذي صدر منذ أشهر بمكرمة من السيد الرئيس ، و منحهم بدل نقدي عن الدوام أيام العطلة ، و تأمين وسائط نقل من وإلى أماكن عملهم ، و منحهم الوجبة الغذائية ، و ضرورة إلغاء الاستجرار المركزي بالنسبة للكسوة العمالية المريول الأبيض ولباس العمليات ، و ضرورة تفعيل قانون الأعمال المجهدة والخطرة كون التمريض من المهن الخطرة سواء من حيث التعرض للأشعة أو الأمراض المعدية وملامسة الدم ، و الموافقة على التقاعد المبكر خدمة ٢٥ سنة ، و زيادة عدد الطلاب المقبولين في مدرسة التمريض حيث أن العدد يتراوح بين ١٨٠- ١٨٥ طالبا وطالبة وهذا العدد لا يتناسب مع حاجة المشافي والمراكز الصحية ، و اعتبار خدمة العلم للممرضين من ضمن فترة الالتزام ، و الموافقة على نقل الممرضات إلى مكان سكن الزوج ، و إلغاء التعميم ٨/ت القاضي بنقل العناصر من المراكز إلى المشافي ، و الحد من هجرة التمريض إلى خارج البلاد بسبب تدني الراتب .
و لفتت دعكور أن جميع هذه القضايا و المطالب تمت مناقشتها مع وزير الصحة الدكتور ووعد بمعالجتها إلا أن شيئاً لم يتغير .
رئيس فرع نقابة التمريض و المهن الطبية و الصحية المساعدة في حمص علاء حلواني أفاد أن النقابة ليس لديها نظام داخلي حتى الآن رغم أن المرسوم صدر منذ عام 2012 ، كما صدرت تعليماته التنفيذية بنفس العام ، مشيراً أن عمل الفرع في حمص يقتصر حالياً على تنسيب الأعضاء الذين بلغ عددهم حتى الآن 2626 منتسباً و هم من الممرضين و خريجي المعاهد الصحية بكافة الاختصاصات و خريجي كلية العلوم الصحية ، كما يقوم فرع النقابة بتنظيم دورات و ندوات علمية لتطوير الواقع المهني ، لافتاً أن المطالب و المقترحات ترسل للنقابة المركزية بدمشق و من أهمها زيادة الرواتب و منح طبيعة العمل و غيرها إلا أن جميع هذه المطالب لم تلق الاهتمام الكافي و لم تجد طريقها للحل .
العروبة – يحيى مدلج
تصوير :إبراهيم حوراني