يعرفون المونودراما بأنها عرض مسرحي من نمط المسرح التجريبي لممثل واحد ،هذا الممثل الوحيد يقول ما يريده من نص وحوار وتذكر …مونولوج ..وقد يتحدث مع أحد الحضور لكنه هو الممثل الوحيد ..!!
حوار ذاتي عن الماضي والحاضر والمستقبل يورد فيه أحداث وأسماء أشخاص وأشعار ..يعتمد على حركة الممثل وتعابير وجهه ونبرة صوته ولباسه .
وقد استضافت رابطة الخريجين الجامعيين الفنان تمام العواني الذي قدم مسرحيته المونودراما (سهرة مع أبي دعاس الحمداني )من إعداده وإخراجه وتمثيله .
قدّم العرض في قاعة الرابطة وحضره جمهور كبير ..جلس الجمهور على أطراف القاعة وترك وسط القاعة للممثل …وتقديم العرض في قاعة أو غرفة بين الجمهور تجربة جيدة وجديدة .قدّم (تمام العواني )جهداً كبيراً ..يتكلم يحرك يديه يغير تعابير وجهه يصرح ،يهمس ،حسب الموقف الدرامي .ملابسه تعبّر عن حاله وكذلك دراجته التي يحملها على كتفه لأنّها معطلة فيتركها على طرف القاعة وعندما ينتهي العرض يعود ليحملها …ويمضي ..!!
النص يتحدث عن «شاعر »والعنوان يستدعي للذهن أبا فراس الحمداني الشاعر الكبير الذي تفصلنا عنه ألف سنة .
يسهب في الحديث عن نفسه ..هو شاعر كبير لكن لا أحد يعترف به ..!!هو شاعر هذا الزمان بلا منازع وكل الشعراء لا سيما شعراء حمص «سرقوا »بعض قصائده ونالوا شهرة بسببها وهو المسكين لم يطبعوا له ديواناً واحداً ..كل من يراهم وينشد شعره أمامهم من رواد المقاهي والأصدقاء ..ويدعوهم لتناول القهوة والمرطبات في المقاهي يقرون بشاعريته الفذة ..فهل يسخرون منه (!!)وتبلغ السخرية والمرارة والصراخ الذروة عندما يوزع دواوينه المخطوطة على الجمهور ..يأتي بها من كيس كبير حمله مع الدراجة (على ظهره )..!!
تورم الأنا وتضخم الذات يجعله يعيش الوهم أنّه شاعر كبير وأنه مظلوم..لا الجهات المعنية تتبنى أعماله الشعرية ولا الشعراء الكبار (سارقو شعره )يعترفون به ..وحدهم أصدقاؤه وصديقاته يقولون له إنّه شاعر كبير …!!يعيش الألم والمرارة ويشعر أنّه مهمش .
حركة سريعة ،نشيطة ..توقف مفاجئ ..وسط الجمهور استطاع الفنان العواني تقديم عرض مقنع بأدائه وأفكاره ..سخرية ودعابة ومرارة وأناشيد وحكايات ..كلها موظفّة لصالح العرض ..!! ولعلّ الأهم أنّ العرض يجعل الحضور يتساءل :من يسخر ممن ؟! الشاعر (الممثل ) يسخر مما وصلنا إليه من ركاكة شعرية وظهور أعداد كبيرة من الشعراء والشاعرات …بينما الشعر قليل قليل ..!! أم يسخر من بعض (النقاد )الذين لسبب ما أو لآخر يجعلون من هذه شاعرة كبيرة ..لها المنابر ..بينما صاحبنا (الشاعر -الممثل )الذي هو واهم أنّه صاحب موهبة ..ليس له مكان ؟!!
ما تقوله هذه (المونودراما )عن واقع الشعر والنقد يحتاج إلى كتاب تقديري كبير وربما أكثر ..قاله بطرافة ومونولوج ساخر الفنان العواني في نصف ساعة .أثنى على العرض المسرحي الكبير الأستاذ فرحان بلبل وأشاد بموهبة وجهد الفنان العواني وإبداعه كوجه مسرحي من حمص له حضوره في المسرح السوري .
وكان العواني قد قدم قبل أسابيع في دمشق عرضه المونودرامي (آخر الرايات )في مسرح القباني ولاقى ترحيباً من الجمهور والنقاد .
عيسى إسماعيل