في ظلمة البرد والقهر والجوع وحصار اقتصادي جائر وحرب شعواء لم تبق حالاً على حال ،جاء الزلزال ليزيد الجرح عمقاً ووجعاً ونزفاً …لا يمكنك اختزال الإحساس الفاجع في لحظة لم يع فيها الناجون إن كانوا في حلم أم حقيقة ،فقدوا أبناءهم، معيلهم أقرباءهم ،جيرانهم ،أصدقاءهم ….عائلات حلمت يوماً بسقف بيت وفي دقيقة قوضت آمالهم وانهدمت بيوتهم.
أنقاض حملت أرواح من رحلوا ،لعب أطفال ،دفاتر وأقلام ،كتب ،كل منها يحكي قصة عائلة عانت ويلات الحرب والفقر ،وبقي أملها مشرعاً بانجلاء هذا الليل الطويل وفي لحظة عانقت الموت ،ولم يعد هناك متسع لأمنيات سحقت أرواحهم وتبددت أحلامهم …ومن قلب الركام تنبش قصص الوجع والقهر سطرها زلزال استمر أقل من دقيقة ،ووسط الدمار والخراب والكارثة التي لم تبق حجراً فوق حجر تجلت أروع معاني الإنسانية ،تكافل ،تعاضد، صبر ،تحد ،دعم بلا حدود …
وقفة الشرف والإخلاص والوفاء كانت إحدى تلك الحكايات التي ستتناقلها الأجيال لما تحمل في طياتها من عظمة وجبروت هذا الشعب ،الذي ما يلبث أن يرتق جرحاً ليفتح آخر أشد وجعاً وقرحاً …
رجال ونساء نزعوا الصخر بأيديهم ،نبشوا أوجاعهم من بين الأنقاض واصلوا الليل بالنهار ليخرجوا أطفالاً ونساء امتزجت دماؤهم بركام بيوتهم …
يتبعون صوت الأنين بسمع مرهف علّ وعسى تكون النجاة والحياة…
الكارثة كبيرة جاءت في فترة مشحونة بالمواجع والفواجع والبرد وبهمة الغيورين الشرفاء ،تلتئم الجراح…
الزلزال وحّدنا “رفعنا عن سفائف وترهات الأمور …الأصالة والوفاء تبرز الشدائد ،سورية بلد الخير والعطاء صامدة بتعاضد أبنائها و قوة صبرهم و تحديهم للملمات “.
حلم شدود