غلاء الأدوية يعيد الحياة إلى محال العطارة … صيدلية الفقراء و الملجأ الأوفر والأكثر اقتصادية… د. قشلق :طب الأعشاب مكمل للطب التقليدي ولا يجوز العلاج إلا من قبل طبيب وصيدلاني…
ارتفاع أسعار الأدوية الكبير مؤخرا جعل الكثير من المرضى أمام معضلة القدرة على شرائها رغم أنهم بحاجة ماسة لها وقد شمل الارتفاع كثيرا من الأصناف الدوائية ، فكيف سيتدبر المرضى تأمين دوائهم وخاصة من يعانون أمراضا مزمنة أو سرطانية وحتى أدوية الضغط والسكر والكلى وحتى المكملات الغذائية أصبحت أسعارها لا تقارب فما الحل ؟؟ ..
لجأ بعض المرضى وكنوع من الحلول إلى ما يسمى”الطب البديل” أو التداوي بالأعشاب على اعتبار أنها أخفض سعرا وما زال المواطن قادرا على شراء بعض الأنواع منها ، فباتت محال العطارة صيدلية الفقراء الملجأ الأوفر والأكثر اقتصادية، في ظل الغلاء الكبير للدواء ..
ورغم إطلاق الأطباء العديد من التحذيرات حول مخاطر استخدام بعض أنواع الأعشاب دون استشارة طبية إلا أن الكثيرين لم يتقيدوا بها .. وحتى مع إصرار الأطباء على أن التداوي بالأعشاب يحب أن يتم تحت إشراف اختصاصيين في هذا المجال حتى لا يتعرض أحد لأي أذى وأن يكون استخدامها وفق أسس علمية إلا أن البعض يجد في هذه الأعشاب المعروفة التي ورثوا معلومات عن فوائدها من أجدادهم ضالتهم خاصة و أن تكلفة استشارة الطبيب والمعاينة يفوق سعر هذه العشبة أيضاً بأضعاف..
ولدى سؤالنا المواطنين عن التداوي بالأعشاب كان هناك أشخاص يرفضون فكرة التداوي بها ويقولون إنها “لا تنفع لن تكون علاجا ” ما لم تصدر بشأنها دراسة علمية ، بينما اعتبر آخرون أن الآثار الجانبية للتداوي بالأعشاب تبقى ضعيفة وأقل ضررا من الآثار الجانبية للأدوية، علاوة على أنها أرخص وفي متناول الجميع.
وخلال استطلاعنا آراء المواطنين وجدنا أيضا أن أغلبهم يثقون بالتداوي ببعض الأعشاب المعروفة التي أثبتت التجربة فعاليتها على مر الزمان مع الحرص على أخذ الكميات الموصى بها من قبل العطار الذي أصبح خبيرا في هذا المجال .. ، وبذلك عادت الحياة إلى محال العطارة والأعشاب الطبية من جديد .
حدثتنا السيدة عفراء عن اتجاه بعض المرضى للتداوي بالأعشاب وخاصة مع عدم القدرة على تحمل تكاليف الأدوية الغالية لبعض الأمراض قائلة: سمعت عن تجربة مرضى في هذا المجال والذين قاموا باستعمال أنواع محددة من الأعشاب والتي ساهمت بالتخفيف من آلامهم وأصبحت أثق بفعاليتها وخاصة بعد تجربة أختي مع مرض الروماتيزم وكانت النتائج جيدة ..
أبو عدي هو الأخر يفضل التداوي بالأعشاب على الأدوية الكيميائية يقول :التداوي بالأعشاب طب قديم وكانت والدتي دائما تعطينا وصفات عشبية لمعالجات الرشح والكريب ونزلات البرد مثل البانونج و الليمون و الزنجبيل و زيت السمسم للسعال أو الطحينه (الراشي) للنزلات الصدرية والكحة أو النعناع كمهدئ لأوجاع البطن وكان منزلنا لا يخلو من هذه الوصفات المجربة من الأعشاب المعروفة للجميع …
أما للصيدلاني مهند رأي آخر قال : يجب التفرقة بين أنواع النباتات العشبية وأثرها على جسم الإنسان فمنها ما هو نافع، ومنها ضار ولا يمكن العلاج بالأعشاب بمجرد شرائها وتناولها، إلا بالرجوع إلى الطبيب المختصّ ومعرفة أسباب المرض وطرق العلاج والأدوية التي ينصح بها , فهناك أمراض لا يمكننا معالجتها بالأعشاب وتستدعي تناول دواء يناسب المرض ..
أم مصطفى قالت : ابني يعاني من شحنات كهربائية زائدة في الدماغ و يحتاج إلى دواء بشكل مستمر , وإن ارتفاع أسعار الدواء الجنوني اثر علينا في ظل الوضع المادي الصعب الذي نعيشه و لم يعد بمقدورنا شراء الدواء للعلاج .
نهاد “طالبة جامعية “قالت : سمعت كثيرا عن استخدام القرفة لتنحيف الجسم وقد استخدمتها لفترة و ماء الورد كمستحضر تجميلي نصحتني صديقتي باستخدامه وبعد التجربة وجدته مناسبا لبشرتي وأعطى نتيجة جيدة علما أنني جربت الكثير من المستحضرات الطبية سابقا ,ورغم ذلك لا أنصح باستخدام الأعشاب الطبية المتنوعة والتي يجهل الكثيرون طرق استخدامها الصحيح إلا باستشارة طبية حرصا على صحة المرضى ومنعا لأي آثار جانبية نحن بغنى عنها ..
تروي أم وائل السيّدة الستينية معاناتها المستمرة في تأمين الدواء والبحث عنه كونها من مرضى القلب والمفاصل قائلة : – فوق الموت عصة قبر- كما يقال فغلاء أسعار الأدوية جعلنا غير قادرين على شراء كافة الأصناف الدوائية التي نحتاجها فكيف نتمكن من متابعة العلاج؟ وأضافت : لا أستطيع تناول أي نوع من الأعشاب الطبية والتي سمعت أنها مفيدة للتخفيف من آلام المفاصل خوفا من أن يكون لها تأثير على دواء القلب علما أنني أحيانا أشرب الميرمية فقط..
– ونحن نمر بأحد محال العطارة لاحظنا انطلاق رائحة الأعشاب البرية وتداخلها مع رائحة أنواع التوابل المختلفة.. تحدثنا مع صاحب المحل ونحن نستكشف أنواع الأعشاب الموجودة لديه وقد أكد بأنه يعمل في هذه المهنة منذ سنوات طويلة.. وسألناه عن حركة البيع وعودة الناس للتداوي بالأعشاب فقال : من المؤكد أن عودة البعض لشراء أنواع محددة من الأعشاب سببه ارتفاع أسعار الأدوية مقارنة بسعر الأعشاب والتي ربما تناسب قدرة المواطن الشرائية , و أكد على أهمية الخبرة وانه لا يصف علاجا من الأعشاب دون أن يعرف مكوناته خاصة وأن المعالج بالأعشاب عليه أن يكون ملما بمكوناته ، وأوضح أن لديه زبائن دائمين يشترون الأعشاب المعروفة والمجربة مثل الزهورات والبابونج خاصة في فصل الشتاء لمعالجة نزلات البرد والرشح والكريب و كذلك النعناع واليانسون في حالات المغص وتشنجات المعدة والجهاز الهضمي، وتختلف الأسعار حسب كل وصفة عشبية مشيرا أن هناك وصفات عشبية تعطى بناء على رأي طبيب مختص .
أشار رئيس فرع نقابة الصيادلة في حمص الدكتور شادي الطرابلسي أن ارتفاع سعر الدواء له عدة أسباب أهمها ارتفاع أسعار المواد الأولية من المصدر وارتفاع سعر الصرف المحدد من قبل مصرف سورية المركزي إضافة إلى ارتفاع أجور الشحن عالميا وارتفاع تكاليف حوامل الطاقة ومستلزمات الإنتاج التي تدخل في صناعة الدواء .
وأضاف حسب النشرة الأخيرة الصادرة عن وزارة الصحة فإن ارتفاع الأسعار قد شمل جميع الأصناف والزمر الدوائية وبأشكالها الصيدلانية المختلفة من حبوب وشرابات وقطرات عينية وكريمات وتحاميل.
وعن رأي الطب بالتداوي بالأعشاب التقينا الدكتور عبد المؤمن قشلق وهو اختصاص داخلية وخبير بالطب التكميلي فقال: طب الأعشاب طب مكمل للطب التقليدي ولا يجوز علميا وقانونيا العلاج للمريض إلا من قبل طبيب وصيدلي ، أما العشاب فهو من يجمع الأعشاب بالطريقة الصحيحة والعطار يبيعها ، أما التداوي ووصف العلاج فهي مهمة الطبيب والصيدلي يركب الأعشاب حسب وصفة الطبيب والأعشاب الطبية عقاقير بحاجة لجرعات دقيقة وأوقات إعطاء وليس كما يظن البعض ,وأكد أن الأعشاب الطبية لا تحل مكان العلاج الدوائي فنحن بحاجة لكلا العلاجين فأحدهم يكمل الثاني ولهذا يسمى” بالطب التكميلي” فكيف بالأمراض المزمنة التي تحتاج لتكاليف مادية كبيرة ما يزيد معاناة المواطنين المعيشية ويهدد صحتهم وحياتهم بسبب عدم امتلاكهم ثمن الدواء.
أخيرا
رغم التطور الطبي والعلمي المستمر مازال الكثير من الناس يؤمنون بالعلاج بواسطة الأعشاب لبعض الأمراض ولكن الظروف الاقتصادية الصعبة حاليا جعلت البعض يلجؤون إليه رغما عنهم لكن هل يتم استخدام الأعشاب بطريقة علمية صحيحة؟ وهل الذين يعملون في المهنة مدركون عندما يقومون بوصف نوع محدد من الأعشاب للمريض ماهي النتائج والآثار الجانبية الناتجة والمضاعفات التي قد تحصل جراء التداخل مع أحد أنواع الأصناف الدوائية التي يتناولها المريض.. و من الضروري وضع أسس وقواعد للتداوي بالأعشاب ووفق إشراف طبي حرصا على الصحة العامة للجميع..