موضوع المراهقة من أكثر المواضيع التي لا ينتهي الحديث حولها ولذلك تقام الندوات والمحاضرات للتعريف بهذه الظاهرة التي سيمر بها كل إنسان .
نظمت اللجنة النقابية الرابعة في محافظة حمص ندوة حوارية بعنوان : « المراهقة وكيفية التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي « حاضر فيها الدكتور مهند ابراهيم – كلية التربية – جامعة البعث وذلك في قاعة التدريب بالمحافظة .
بداية قال د . مهند : إن مرحلة المراهقة ليست مستقلة بذاتها استقلالاً تاماً، وإنما هي تتأثر بما مر به الطفل من خبرات في المرحلة السابقة، والنمو عملية مستمرة ومتصلة
ولأن النمو الجنسي الذي يحدث في المراهقة ليس من شأنه أن يؤدي بالضرورة إلى حدوث أزمات للمراهقين، فقد دلت التجارب على أن النظم الاجتماعية الحديثة التي يعيش فيها المراهق هي المسؤولة عن حدوث أزمة المراهقة، فمشاكل المراهقة في المجتمعات الغربية أكثر بكثير من نظيرتها في المجتمعات العربية ، وهناك أشكال مختلفة للمراهقة، منها: مراهقة سوية خالية من المشكلات والصعوبات ، و مراهقة انسحابية، حيث ينسحب المراهق من مجتمع الأسرة، ومن مجتمع الأقران، ويفضل الانعزال والانفراد بنفسه، حيث يتأمل ذاته ومشكلاته ، و مراهقة عدوانية، حيث يتسم سلوك المراهق فيها بالعدوان على نفسه وعلى غيره من الناس والأشياء. ثم تناول مراحل المراهقة فالمدة الزمنية التي تسمى “مراهقة” تختلف من مجتمع إلى آخر، ففي بعض المجتمعات تكون قصيرة، وفي بعضها الآخر تكون طويلة، ولذلك فقد قسمها العلماء إلى ثلاث مراحل، هي:
مرحلة المراهقة الأولى (11-14 عاما)، وتتميز بتغيرات بيولوجية سريعة.
مرحلة المراهقة الوسطي (14-18 عاما)، وهي مرحلة اكتمال التغيرات البيولوجية.
مرحلة المراهقة المتأخرة (18-21)، حيث يصبح الشاب أو الفتاة إنساناً راشداً بالمظهر والتصرفات.ويتضح من هذا التقسيم أن مرحلة المراهقة تمتد لتشمل حوالي عشرة أعوام من عمر الفرد
تساؤلات المراهقين
وأوضح د. مهند أنه في ظل التغيرات والتحديات التي يواجهها المراهقون، تظهر تساؤلات عديدة عما يحدث لهم من تحولات جسدية، وأخرى في مشاعرهم، وغيرها في مواقفهم الاجتماعية أو الثقافية، فيجد المراهق نفسه في حيرة من أمره فيتساءل كيف أتعامل مع نفسي ومع من حولي؟
هل ما أفعله صحيح أم خطأ ؟ مقبول أم مرفوض؟
ماذا يخبئ لي المستقبل ؟ الخ.
ويرافق هذه التساؤلات شعور طبيعي بالقلق يختلف بأشكاله وحدته بين مراهق وآخر ، فالحاجة إلى الأمان والاستقرار حاجة مهمة للإنسان عمومًا، و الشعور بال “أمن” النفسي في مرحلة المراهقة يبثّ الاستقرار والطمأنينة ويسمح للمراهق أن يفهم نفسه ويتعامل معها بطريقة ايجابية، إضافة إلى التكيّف والتفاعل مع بيئته بشكل سليم، فالأمن النفسي، كما يقول شأنه شأن الأمن الغذائي والاقتصادي والصحي.
مشكلات مرحلة المراهقة
المشكلة الأولى هي (( التمرد )) ويعود سبب حدوث هذه المشكلة إلى اختلاف مفاهيم الآباء عن مفاهيم الأبناء، واختلاف البيئة التي نشأ فيها الأهل وتكونت شخصيتهم خلالها وبيئة الأبناء، وهذا طبيعي لاختلاف الأجيال والأزمان.
معالجتها لا تكون إلا بإحلال الحوار الحقيقي بدل التنافر والصراع والاغتراب المتبادل، ولا بد من تفهم وجهة نظر الأبناء فعلاً لا شكلاً بحيث يشعر المراهق أنه مأخوذ على محمل الجد ومعترف به وبتفرده حتى لو لم يكن الأهل موافقين على كل آرائه ومواقفه – وأن له حقاً مشروعاً في أن يصرح بهذه الآراء.
والأهم من ذلك أن يجد المراهق لدى الأهل آذاناً صاغية وقلوباً متفتحة من الأعماق
وتشجيع وضع أهداف عائلية مشتركة واتخاذ القرارات بصورة جماعية مقنعة، والسماح للمراهق باستضافة أصدقائه في البيت مع الحرص على التعرف إليهم والجلوس معهم لبعض الوقت، والحذر من البرمجة السلبية.
وتجنب عبارات: أنت فاشل، عنيد، متمرد، اسكت يا سليط اللسان، أنت دائماً تجادل وتنتقد، أنت لا تفهم أبداً…إلخ؛ لأن هذه الكلمات والعبارات تستفز المراهق وتجلب المزيد من المشاكل والمتاعب ولا تحقق المراد من العلاج
وليختر الأبوان الوقت المناسب لبدء الحوار مع المراهق، بحيث يكونا غير مشغولين، وأن يتحدثا جالسين،جلسة صديقين متآلفين، يبتعدا فيها عن التكلف والتجمل، وليحذرا نبرة التوبيخ، والنهر، والتسفيه..
أهم أسباب الفشل في الحوار أسلوبان خاطئان: الأول: أسلوب (لا أريد أن أسمع شيئاً). والخطأ الثاني: أسلوب (المحقق)
المشكلة الثانية: (( الانطواء )) شعور المراهق بالخجل والانطواء، الأمر الذي يعيقه عن تحقيق تفاعله الاجتماعي، وتظهر عليه هاتين الصفتين من خلال احمرار الوجه عند التحدث، والتلعثم في الكلام وعدم الطلاقة، وجفاف الحلق.
إن أسباب الخجل والانطواء عند المراهق متعددة، وأهمها:
عجزه عن مواجهة مشكلات المرحلة، وأسلوب التنشئة الاجتماعية الذي ينشأ عليه، فالدلال الزائد والقسوة الزائدة يؤديان إلى شعوره بالاعتماد على الآخرين في حل مشكلاته، لكن طبيعة المرحلة تتطلب منه أن يستقل عن الأسرة ويعتمد على نفسه، فيحدث صراع لديه، ويلجأ إلى الانسحاب من العالم الاجتماعي، والانطواء والخجل عند التحدث مع الآخرين.
لعلاج مشكلة الخجل عند المراهق قال : يجب تشجيع المراهق على الثقة بنفسه، وعدم مقارنته بالآخرين ، وتوفير قدر كاف من الرعاية والعطف والمحبة. الابتعاد عن نقد المراهق باستمرار وخاصة عند أقرانه أو إخوته. يجب ألا تدفع الطفل للقيام بأعمال تفوق قدراته ومهاراته والعمل على تدربيه في تكوين الصداقات وتعليمه فن المهارات الاجتماعية.
الثناء على انجازاته ولو كانت قليلة. أن يشجع المراهق على الحوار من قبل الوالدين كما يجب أن يشجع على الحوار مع الآخرين.
تدربيه على الاسترخاء لتقليل الحساسية من الخجل.
العلاج العقلي الانفعالي بتعليم الطفل ان يتحدث مع ذاته لمحاولة القضاء على الأفكار السلبية مثل ( أنا خجول ) وإبدالها بأفكار أكثر ايجابية مثل : سأنجح ، سأكون أكثر جرأة.
المشكلة الثالثة: (( العصبية ))
عصبية المراهق واندفاعه، وحدة طباعه، وعناده، ورغبته في تحقيق مطالبه بالقوة والعنف الزائد، وتوتره الدائم بشكل يسبب إزعاجاً كبيراً للمحيطين به.
إن لعصبية المراهق أسباباً كثيرة، منها:
أسباب مرتبطة بالتكوين الموروث في الشخصية، وفي هذه الحالة يكون أحد الوالدين عصبياً فعلاً.
أسباب بيئية، مثل: نشأة المراهق في جو تربوي مشحون بالعصبية والسلوك المشاكس الغضوب.
كما أن الحديث مع المراهقين بفظاظة وعدوانية، والتصرف معهم بعنف يؤدي بهم إلى أن يتصرفوا ويتكلموا بالطريقة نفسها
تشدد الأهل معهم بشكل مفرط.
مطالبتهم بما يفوق طاقاتهم وقدراتهم من التصرفات والسلوكيات، يجعلهم عاجزين عن الاستجابة لتلك الطلبات، والنتيجة إحساس هؤلاء المراهقين بأن عدواناً يمارس عليهم.
فالتشدد المفرط هذا يحولهم إلى عصبيين، ومتمردين.
علاج عصبية المراهق
يكون من خلال الشعور بالأمان، والحب، والعدل، والاستقلالية حسب ما أكده المحاضر.
فكلما زاد الحب للأبناء زادت فرصة التفاهم معهم، فيجب ألا نركز في حديثنا معهم على التهديد والعقاب والعدل في التعامل مع الأبناء ضروري؛ لأن السلوك التفاضلي نحوهم يوجد أرضاً خصبة للعصبية.
ولابد من الحزم مع المراهق، فيجب ألا يترك لفعل ما يريد بالطريقة التي يريدها وفي الوقت الذي يريده ومع من يريد، وإنما يجب أن يعي أن مثل ما له من حقوق، فإن عليه واجبات يجب أن يؤديها، وأن مثل ما له من حرية فللآخرين حريات يجب أن يحترمها.
مواقع التواصل الاجتماعي
تفاقم مخاوف المراهقين
تعتبر مواقع التواصل الاجتماعي حاليا من أكبر المؤثرين على فئة الشباب وخاصة المراهقين حيث أنه أصبح عالمهم الخاص الذي يعبرون من خلاله عن آرائهم بحرية و بالشكل الذي يريدونه ويكونون العلاقات التي يحتاجون إليها مما اكسب تلك المواقع السيطرة على حياة الآخرين .
إن المراهقين لا يفرقون في الغالب بين حياتهم في عالم الواقع وحياتهم الافتراضية ويخلطون بينهما بشكل يؤثر على حياتهم الواقعية سلبا.
تحولت مواقع التواصل الاجتماعي إلى إدمان سلبي فبعضهم لا يتناول الطعام حتى يترك الهاتف المحمول ويشعر بفراغ داخلي كبير مما يؤثر سلبا على سلوكهم وحالاتهم النفسية.
وحدد ابراهيم سلبيات استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بأنها تساهم في تغير ملموس بواقع التعامل الأسري والعائلي
وتؤدي هذه المواقع للإدمان ،وغرس أفكار سلبية في عقول المراهقين ، وكذلك استخدامها للتسلية و علاقات الغرام والهروب من الواقع ، وازدياد الأنانية ، كما تسبب اضطرابات نفسية وميولا عدوانية ومشاكل نوم وخاصة لمدمني الألعاب الالكترونية ، مما يودي بالمراهق إلى التغيب عن المدرسة وانخفاض مستوى التحصيل وضعف القدرة على التركيز ، أيضا ظهور لغة خاصة بمصطلحات خاصة لا يعرفها إلا من يعاشرهم تؤدي إلى تدمير اللغة الأم.
وللاستخدام المفرط للهواتف الذكية أثار سلبية على أربع نواح في نمو الأبناء (النمو الجسمي, الانفعالي, العقلي, الاجتماعي)
في عمر ما قبل المدرسة : يؤثر على نمو التفكير التخيلي الذي هو أساس للعمليات العقلية ويضعف القدرة الذهنية من حيث أن هذه الأجهزة توفر له الخيال وبالتالي تتشكل الصورة الذهنية بطريقة آلية بغض النظر عن رغبة الطفل.
ضعف شديد في التركيز ففي عمر:8-12 سنة تؤدي المشاهدات السريعة لمقاطع الصور إلى تخزينها في العقل الواعي واللاواعي عند الطفل ويستمر العقل في استرجاعها حتى بعد التوقف عن اللعب مما يسبب تشتت وضعف التركيز تضعف المهارات الاجتماعية بنسبة 65 % : فنسبة العدوانية تزداد كونه يشاهدها ويحاكيها وبالعكس البعض يصاب بالخجل والانطوائية
إن الاستخدام المقنن مابين ساعة وساعتين يوميا يعزز من إيجابيات استخدام الهواتف وإن أحد أخطر الأمراض التي تصيب الطفل والمراهق بسبب الاستخدام الطويل لوسائل التواصل هو التوحد الوظيفي والناتج عن التعلق بعالم افتراضي والانعزال عن الوسط المحيط.
أيضا ظهرت مشكلة التنمر الالكتروني بين المراهقين يؤثر على العلاقات الاجتماعية (شخص يتمتع بالاستهزاء والتهكم ونشر صور وكتابة أشياء عن أشخاص هم أقل منه لتعذيبهم)
هذه المشكلة تؤثر على العلاقات الاجتماعية وقد تسبب مشاكل نفسية قد تصل إلى الانتحار.
ينتج عن التنمر الالكتروني مضاعفات عدة للشخص الضحية كتدني الثقة بالنفس, الاكتئاب, القلق, زيادة في الوزن.
التعامل مع هكذا حالة يكون بتعزيز الثقة بالنفس وتشجيعه بإخبار الأهل والمعلمين.
متابعة : منار الناعمة