هذا العام يلتقي العيدان ، عيد الأم وعيد المعلم ، يلتقيان في التوقيت ، ولكنهما الأم والمعلم ، عمادين اثنين من أعمدة بناء المجتمع ، أيّ مجتمع.
الأم رمز الخصب منذ القدم ، ورمز الحنان ونبعه منذ وجد الإنسان على هذه الأرض .
جاء صاحبي يشكو لي أمراً ضاقت به نفسه كثيراً وهو أنه لم يعمل بنصيحة أمه وحصل ذلك قبل وفاتها بأيام قليلة ، وهو يخشى عاقبة ذلك يوم لا ينفع فيه إلا العمل الصالح فكان جوابي له إن الأم أرحم بكثير ، من أن تغضب على ابنها أو تشكو الله عملاً قام به ولاسيما إذا كان غير ضار به أو بها أو بالآخرين .
الأم مهما تمادى ابنها ومهما ابتعد عنها وعن جادة الصواب فهي في اللحظة الحاسمة تسامحه وتدعو له بالخير ..!! فهو ابنها وقطعة منها وسندها ..!!
حدثني أحدهم فقال: قبل أن تفيض روحها إلى بارئها ..أوصتني أن أذهب لشقيقة لي ، أصغر مني سنّاً بسنوات عديدة ، وأن أنهي قطيعة معها ،ووجدت نفسي أمتثل لأمرها بعد أيام من رحيلها ، رحمها الله .
صحيح أنني وجدت نفسي في موقف ضعيف فيه انتقاص لي كشقيق أكبر ..لكن احترام الوصية يجعلني في الموقف الأصح ولأنني أكرم أمي بعد وفاتها كما أكرمتها وهي على قيد الحياة /
و إذا جئنا للمعلم فهو باني الحضارات و مبدد ظلام الجهل ,فمهنة التعليم تسمو إلى مرتبة الرسالة.
أكبر المعمرين من معلميّ الذين أشهد بفضلهم و أجد نفسي مقصراً نحوهم هو درويش درويش الذي تعلقت به منذ كنت في الصف الأول الابتدائي عام 1964 كان -أمد الله عمره بصحة و عافية- يأتي من قرية الشرقلية إلى عرقايا كل يوم و كانت معاملته ورقة أسلوبه موضع حديث الناس و هو الذي عمل أربعين سنة ونيف معلماً و أبا ناجحاً بكل المقاييس.
و لعلي أذكر هنا بعض معلمينا الذين غادروا الحياة بعد رحلة مثمرة و جهد يمثله طلابهم و تلامذتهم الذين صاروا أطباء و مهندسين و معلمين و عاملين في مختلف المجالات و من هؤلاء المربين المرحوم خضر الناعم مدرسنا للغة العربية و كذلك المرحومين راغب الأخرس و جوزيف عيسى و مصطفى مصطفى و محمد كمال الموصلي و غيرهم و غيرهم
السلام على كل الأمهات و مبارك لكنّ العيد و كل يوم هو عيدكن و الرحمة على أرواح الأمهات اللواتي استأثرت بهن رحمة الله.
و السلام على المعلمين المربين الذين على الرغم من مشقة المهنة و متاعبها يخلصون لعملهم و يخلصون لبلدهم.
كل عام و أمهات وطننا بخير…
كل عام و معلمونا و معلماتنا بخير.
عيسى إسماعيل