كثيرون الشعراء الذين يرحلون عن دنيانا دون أن يأخذوا حقهم من اهتمام النقد و هذه الظاهرة قديمة حديثة غير أنني لن أخوض في غمارها هنا إنما أردتها مدخلا للحديث عن ديوان الشاعر الراحل غدير شعبان ملحم و عنوانه”الربيع الخالد ”
توفي الشاعر ملحم قبل عدة أسابيع و هو من مواليد قرية العزيزية في ريف حماة عام 1945 و اتخذ حمص موطناً و عمل مدرسا للغة العربية في مدارسها.
لم يكتب الشاعر سوى القصيدة العمودية و كان يرى أنها الأقدر على التعبير عن الموضوع الوطني و القومي فجاءت قصائده تحت عناوين مثل جيشنا الباسل – يوم الجلاء- تحية إلى عمالنا-
تشرين الأسد –المعلمون و غيرها…
يكرر الشاعر فخره بالجيش العربي السوري صانع الانتصارات و حامي الحمى يقول في قصيدته جيشنا الباسل:
جيش العروبة …جيش الشام جرّار
في عزمه النصر يوم الروع أقدار
و في مناسبة ذكرى حرب تشرين التحريرية و انتصارات الجيش العربي السوري ينشد الشاعر ملحم بصوته المجلجل :
تشرين جلجل صوت الحق منتصرا
فيك الكماة تنادوا في روابينا
خطوا الرسالة و التاريخ من دمهم
خاضوا الملاحم فرساناً ميامينا
و في أحد المهرجانات الشعرية بمناسبة ذكرى عيد الجلاء ينشد الشاعر قصيدة طويلة مشيداً بالبطولات فيقول:
يا فرحة الشعب يوم النصر موعود
غزو تلاشى فأضحى للحمى عيد
يوم الجلاء أذل الشعب غاصبه و تملأ الساح و الدنيا الزغاريد
و في عيد العمال الأول من أيار تنطلق حنجرة الشاعر لتردد أبيات قصيدته /تحية لعمالنا:
حي الأيادي أيادي أمة العرب
حي المروءة في عمالنا النجب
أيار ما شهدت أجياله عوزاً
العامل الحر يعلي صرح أمته
بالجد يدفع عنها شدة الكرب
هذه الحضارة ، لولا زند عاملنا
كانت خراباً كأطلال على الكثب
وللمعملين بناة الأجيال – والشاعر واحد منهم – مكان ومكانة في وطننا عبر التاريخ وشرف لهم أن التعليم رسالة فالمعلمون في سورية أيقظوا المشاعر الوطنية عند الناس وشاركوا بأفكارهم فيقول :
نشرتم علمكم بين البنين
كعطر الورد ، ورد الياسمين
وهل بسواكم اعتزت شعوب
وأنتم تصفون الثائرين
أما قصائد الغزل عند الشاعر غدير ملحم ، فهي نادرة ومنها قصيدته ( هوى ) ومنها نقرأ:
لولاك ما خلق الهوى لولاك
هذي الخليفة أصبحت أسراك
يا ظبية سحر الوجود جمالها
وغزت أساطيل الهوى عيناك
زهر القرنفل ينحني بتواضع
لما رأى بدر الدجى يرعاك
رحم الله الشاعر مدرس اللغة العربية القدير ، غدير شعبان ملحم ، وحسبه أنه قال كلمته بصدق ووطنية ، قبل أن يرحل .
عيسى إسماعيل