برع الموسيقي محمد دلا في العزف على آلة العود وتصنيعها وهو حاصل على إجازة جامعية في كلية التربية الموسيقية قسم ( النظريات الموسيقية) في جامعة البعث و عازف لآلة البزق ومن الأعضاء المؤسسين لأوركسترا العود السوري .
جو موسيقي
وعن تجربته الموسيقية في العزف على آلة العود وتصنيعها ونشاطاته الموسيقية حدثنا قائلا : بداياتي كانت منذ الصغر فآلة العود كانت ترافقني منذ كان عمري ثلاث سنوات وقد تربيت في جو موسيقي فوالدي عازف ناي وعود وبزق ورسام وخطاط ويمتلك حسا مرهفا ونظرة ثاقبة وقد كان سندي ومعلمي وموجهي في كل مراحل تعليمي الموسيقية والذي ارتكز عليه في كل خطواتي ويمتلك خبرة واسعة في هذا المجال و دائما ً كان يشجعني بكل خطوة بالعزف والصناعة .
توظيف بالشكل السليم
وأضاف :بعد حصولي على الشهادة الثانوية العامة تقدمت لكلية التربية الموسيقية وتخرجت منها وتابعت مشواري بالعزف على آلة العود وعلى مدى أكثر من 25 سنة وهذه الآلة تمتلك قدرات كبيرة إذا تم توظيفها بالشكل الصحيح والسليم وقد تأثرت كثيرا ً بالمدرسة العراقية كونها المدرسة الأكاديمية الوحيدة التي اعتنت بالعود صناعة وعزفا ً.
وفي عام 2016 طرحنا أنا وأصدقائي العازفون على آلة العود (العوادون )(عشرة أعواد على المسرح بمرافقة الإيقاع )فكرة إنشاء أوركسترا عود وقمنا بتأدية أول عرض على مسرح دار الأسد للثقافة والفنون وكان هذا العرض نوعا من المغامرة على مسرح يعتبر من أهم المسارح في بلدنا والفكرة لاقت رواجا ً وترحيبا ً من المختصين وغير المختصين كوننا قمنا بعرض العود بشكل مختلف كليا ً عما هو عليه بذهن الناس وكسبنا انجذاب الناس وتفاعلهم وهذا خلق حالة انسجام بينهم وبين العود .
الانطلاق من جديد
وعن مشاركاته ونشاطاته الموسيقية قال: لقد شاركت بتقديم عدة عروض في كل مسارح القطر وفي المراكز الثقافية في دمشق وحمص وفي نشاطات جامعة البعث وأجريت مقابلة تلفزيونية مطولة منها على قناة تلاقي الفضائية تحدثنا فيها عن العود بشكله الجديد بين أيدينا كما أجريت عدة مقابلات تلفزيونية تحدثنا فيها عن أوركسترا العود السوري ولكن في فترة الحرب التي تعرض لها بلدنا الحبيب توقفت الأوركسترا ومعظم أعضائها سافروا خارج البلاد ولكن قريبا ً توجد فكرة للعودة لأوركسترا العود والانطلاق من جديد بوجوه جديدة على المدى البعيد .
تتطلب الكثير من الدقة
وعن صناعة آلة العود قال : صناعة العود ليست بالأمر السهل وتتطلب الكثير من الدقة المتناهية والصبر والتجربة وتكرار التجربة بفوارق جدا ً بسيطة بغية نتائج مختلفة ومقاسات العود غير موحدة في عالمنا العربي إطلاقا ، لا بل وفي نفس البلد حتى عند الصانع ذاته نجد كل عود بمقاس مختلف وصوت مختلف لنفس المقاسات .
وبدأت صناعة العود عام 2011 مترافقة مع دخولي في كلية التربية الموسيقية ، والتفرغ التام لصناعة هذه الآلة كان منذ ثلاثة أعوام وقمت بدراسة نظريات كيفية حدوث الصوت وانتشاره في الأجسام الصلبة .
وعدة قوانين فيزيائية عن حدوث الصوت والموجة الصوتية وانتقال الصوت بالهواء والفراغ وبالأجسام المعدنية والخشبية وقمت بتجسيد قوانين الصوت على العود وتوصلت لغايتي في كيفية صناعة العود الكامل وتغيير الطابع اللوني لصوت العود .
لون وطابع صوتي
وعن أنواع العود قال : هناك العود العراقي و العود التركي و العود المصري و العود السوري وصحيح أنهم كلهم أعواد ولكن لكل عود منهم لون وطابع صوتي خاص به.
كيف ولما هذا الفارق والتغاير الصوتي للعود كانت أسئلة مبهمة بالنسبة لي ولكن مع التقصي والإصرار وتكرار التجربة والمواظبة للوصول إلى الهدف توصلت لنتائج رائعة في صناعة العود وكيفية إخراج الآلة لأرتقي بالعود السوري في عالمنا العربي ببساطة امتلاك العود الكامل من الصناعة حتى العزف .
ميزة صوتية
وعن أنواع الأخشاب التي تستخدم في صناعة العود والقصعة أو ظهر العود قال : وهي خشب الزان و خشب الجوز الشامي و خشب الجوز الكندي وخشب الليمون والسرو و التوت والكرز والمشمش والورد والسيسم الهندي والإيميرنت والميبل والميغانو الفرنسي والسرسوع المصري وهنا يتجلى ذكاء الصانع وقدرته على التمييز بين طبيعة كل نوع من أنواع الأخشاب إما بدمج بعضها مع بعض أو صناعة الظهر من صنف واحد لأن لكل نوع من أنواع الأخشاب له ميزة صوتية إما شجي أو طربي أو حاد أو غليظ أو جاف .
وعن تصنيع خشب الصدر أو وجه العود قال :يصنع من خشب الشوح البلدي وخشب السابروس الألماني أو خشب السيدر الكندي أو الأرز الأمريكي .
أما القصعة تصنع من الأخشاب ذات البنية المتوسطة الكثافة ويفضل أن تكون أخشاب الظهر مقطوعة من أشجار موسمية والوجه من الأخشاب ذات البنية الهشة أو الخفيفة الكثافة ويفضل من أخشاب دائمة الخضرة .
وزند العود من الأخشاب ذات الكثافة العالية جدا ً كي لا تنحني أو تتقوس مع مرور الزمن والمفاتيح والمسطرة يجب أن تكون صلابتها عالية جدا ً كي لا تتآكل جراء العزف والعفق وشد وتركيب الأوتار ويفضل أن تصنع من خشب الأبنوس أو إيبوني ويجب الإشارة إلى أن العود لايجوز أن يدخل بتصنيعه أي جسم معدني إطلاقا ً فقط خشب في خشب .
وليدة عدة عوامل
وعن أسباب استخدام العود بطريقة غير صحيحة من قبل بعض الموسيقيين المعروفين قال : في مرحلة من المراحل كنت أرى إساءة لآلة العود في أيدي موسيقيين معروفين ، وتوجيه نقدي هذا لعدة أسباب كوني مستمعا ً ومتلقيا ً لموسيقاهم التي يطرحوها على الجمهور وكوني عازفا ً لآلة العود وملحنا وموزعا ً موسيقيا ً وصانعا ً لآلة العود اكتشفت بأن هذه الإساءة وليدة لعدة عوامل وهي: سوء صناعة الآلة وسوء التسجيل الصوتي وسوء استخدام آلة العود من حيث ربطه فقط بالغناء وعدم استقلال العود بشخصية مجردة إلا في الآونة الأخيرة وتقوقع الموسيقا العربية والتعامل مع القوالب الموسيقية بطريقة جدا ً نمطية وساذجة وتكرار شديد وممل وجمود وركود بالموسيقا العربية بالمجمل وأداء ممل وبسيط يفقد أي ذكاء في طرح الفكرة الموسيقية .
وكل ما سبق أعطاني دافعا للاستقلال بآلة العود كشخصية تتبلور على المسرح بتجرد تام دون أي ربط بين العود والمغني ونزع الفكرة السائدة بأن العود آلة بسيطة وسهلة الأداء والصناعة .
تفتقر إلى الكمال
وعن تجربته مع آلة العود :عزفت على أعواد كل الصناع السوريين ويثير إعجابي صانع متميز بطريقة تعامله مع آلة العود مع العلم انه ليس موسيقيا ً محترفا ً أو أكاديميا ً لكنه عازف لآلة العود وهو الأستاذ حافظ سليمان الذي قام بتقديم العود بشكل جديد من خلال طريقته وبصمته في مجال صناعة العود ويتم التعامل مع العود من قبل معظم الصناع الذين هم بالأساس ليسوا موسيقيين ولا عازفين لآلة العود على أن العود عبارة عن قطعة خشبية تصنع لتحقيق المنفعة المادية ولا يوجد صانع يتعامل مع العود على أساس علمي يطبق ماتعلمه من معلمه دون التجرؤ على تحسين الآلة صوتا ً أو شكلا ً ،وعدم معرفة الصانع بجودة العود الذي قام بتصنيعه لأنه ليس لديه مقدرة العزف عليه وهذا أوجد عندي رغبة جامحة لخوض مضمار صناعة آلة العود واستفدت من تجارب بعض أصدقائي الصناع وخبراتهم بكيفية الصنع وتركيب أجزاء العود مع بعضها البعض من تشكيل الأضلاع لتصبح ظهر العود ومايسمى بالقصعة وتركيب صدر العود مع القصعة وتركيب الزند وحمالة المفاتيح أو ما يسمى بالبنجق مع باقي أجزاء العود .
قيمة فنية
وعن تجربته في تلحين الأغنية وتنسيق الكلمة مع اللحن وربطهم ببعضهم البعض للخروج بأغنية هادفة قال :ليس بالأمر السهل إطلاقاً إذا أردنا أن يكون نتاج عملنا هادفاً وذا سمو وجداني وفكري وذا قيمة فنية ومعنوية عالية وكتبت أعمالا خاصة بآلة العود تظهر مقدرة العازف وإمكانياته في تأدية جمل بمساحات على صدر العود قل ما تستخدم واستخدام هارموني توافقي وتنافري من مسافات ثنائية وثلاثية إلى مسافات عربية قد شاع عبر العصر الحديث أنها لاتهرمن لكن استطعت أن أهرمن موسيقانا العربية بالرغم من وجود ربع البعد الصوتي وأدت الاوركسترا أعمالاً من كتابتي وتوزيعي منها عمل بعنوان ( أفكار غامضة ) ينتقل بين إيقاعات مختلفة وحالياً أعمل على توزيع عمل يختص بإظهار إمكانية العازف ومقدرة العود على حد سواء وقمت بتوزيع بعض الأغاني للسيدة فيروز بطريقة تناسب طرح أغانيها على آلة العود .
وأضاف :ليس بهذه البساطة يمكن أن تكتب عملا لآلة العود ذات الأوكتافين ونصف أو ثلاثة أوكتافات بحدها الأعظمي وهنا تتجلى موهبة وقدرة الموزع بأن يصنع المستحيل صنعه بهذه المساحة الصوتية الضعيفة أضف عليه أي خطأ من أحد العازفين العشرة سيكون واضحاً جداً لأن العازفين مع أعوادهم أمام الجمهور لا يوجد شيء يخبئهم من ملاحظات الجمهور كما في الاوركسترا الكاملة صوت آلات النفخ الخشبي أو النحاسي أو التيمباني او الوتريات سيغطي ويخبئ الخطأ إن وجد من قبل أحد العازفين . واوركسترا العود فرضت نفسها بقوة على الجمهور والمسرح كان هذا واضحاً من خلال إعجاب الجمهور والانطباع الذي كان بادياً من خلال ردات فعله وتعابيره .
وأخيراً أتمنى إنشاء مدارس خاصة بالموسيقا تعنى بالطفل منذ الصغر إلى أن يصل إلى مرحلة الدراسات العليا في الموسيقا وأتمنى أن نرتقي بموسيقانا السورية وإظهارها للعالم وإظهار طاقاتنا المميزة الشابة والاهتمام بها .
أتوجه بالشكر الجزيل والامتنان لوالدتي التي صبرت وتحملت ضجيجي وفوضى حواسي الموسيقية بكافة أشكالها ومراحلها من الصناعة وثياب العمل وغبار الخشب إلى البروفات استعداداً للمسرح والطرب إلى ضجيج العزف والتمرين ليلاً .
المزيد...