الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي دفع المواطن للسعي نحو إيجاد البدائل المتاحة التي تناسبه لاستمرار حياته وتسيير أموره كل حسب قدرته المادية وكان الاتجاه للسواد الأعظم من المواطنين الاعتماد على المدخرات بمختلف أحجامها واستطاعتها والليدات, في حين اتجه البعض الآخر للاعتماد على المولدات العاملة على المحروقات بنوعيها /المازوت والبنزين/ ومع انتشار ألواح الطاقة البديلة ومنح قروض الطاقة الطويلة الأمد من دون فوائد سارع غالبية المواطنين للحصول على القرض المناسب لدخلهم وعملهم وان كان الروتين المقيت يطيل فترة انتظار المواطن لدوره في الحصول على القرض وبطبيعة الحال وفي ظل الظروف الصعبة الناجمة عن سنوات حرب عجاف لابد من وجود من يستثمر حاجة المواطن لمصالحه الشخصية والسعي وراء الربح المادي… كما هو الحال في حي كرم الزيتون 2 حيث عمد أحد سكان الحي لاستغلال حاجة الناس للطاقة الكهربائية فعمل على إنشاء مشروع وإن كان مشرّعا في محافظات أخرى نظرا لعدم وجود شبكة كهربائية في تلك المحافظات جراء الاعتداءات الإرهابية على منظومة الطاقة الكهربائية والمشروع هو تزويد سكان الحي بالطاقة الكهربائية من مجموعة توليد ضخمة خاصة به دون الحصول على أي ترخيص و عمد لاستخدام الخط البارد من الشبكة الكهربائية الرئيسية مما ألحق الضرر بالأجهزة الكهربائية في منازل المواطنين حسب ما أفاد به مجموعة من أهالي الحي المتضررين الذين أكدوا أنهم تقدموا بعدد من الشكاوى لكافة الجهات المعنية دون فائدة بل إن صاحب المولدة ضرب بشكاوى أهل الحي عرض الحائط متسلحا بمساندة أهالي الحي “المشتركين عنده” … وهذا ما أكده مختار الحي خلال لقائنا به للاطلاع على الأمر وزودنا بكتاب يؤكد فيه مخاطبة مجلس المدينة لإبلاغه بعمل المولدة دون ترخيص.
“العروبة” التقت عددا من الأهالي الذين أكدوا انزعاجهم الشديد لوجود هذه المولدة في الحي مما ينعكس سلباً على حياتهم حيث يتم استخدام شبكة الكهرباء العامة بشكل عشوائي ويتسبب ذلك في تعطل أجهزتهم الكهربائية, ولفت الأهالي أنهم تقدموا بشكاوى ومازالوا بانتظار الحلول.
كما التقت العروبة عددا من المشتركين بخدمة الامبيرات من المولدة وأكدوا أنها تحل مشاكل كبيرة وتساعدهم في استمرار عملهم دون تلف بضاعتهم لا سيما أحد الأطباء البيطريين الذي أكد أن اشتراكه في الامبيرات يساعده في الحفاظ على اللقاحات والأدوية البيطرية ولولا وجود الكهرباء من الامبيرات كان التلف مصير حتمي لتلك اللقاحات والأدوية البيطرية متحدثا باسمه واسم الكثيرين اعتراضهم على إيقاف عمل المولدة نهائيا لأنها أيضا تخدم عددا لا بأس به من أصحاب المحال التجارية في الحي ولا سيما محال الألبان والأجبان والمواد الغذائية واللحوم وطالب بإيجاد قانون ناظم لعمل المولدات وتزويد المنازل بالامبيرات.
مختار حي كرم الزيتون 2 المهندس صفوان حلاوة أشار أنه منذ حوالي شهرين تقدم بطلب بالاشتراك مع لجنة الحي إلى مجلس مدينة حمص لإيجاد صيغة ناظمة لعمل الامبيرات وجاء الطلب جراء ورود عدد من الشكاوى من أهالي الحي حول وجود مخالفة بعمل المولدة وتزويد المنازل بالتيار الكهربائي عبر الشبكة العامة مما تسبب بأضرار بأجهزتهم المنزلية وتم تحويلنا لمديرية الشؤون الصحية في مجلس المدينة التي ارتأت أن المولدة لا تشكل ضرراً على المواطنين وطلبت رفع المدخنة للأعلى وإبعاد المولدة عن الرصيف ووضعها خلف غرفة المحولة للتقليل من إزعاج صوتها إلا أن الشكوى الأخيرة حسب مختار الحي كانت بسبب تدلي الامراس الكهربائية وانقطاع بعضها مما يسبب خطرا على السلامة العامة لاسيما على الأطفال مؤكداً أنه إن كان هذا هو السبب الرئيسي فيمكن إلزام صاحب المولدة بجمع كافة الأمراس ضمن /تيب/ بشكل لائق إضافة لنزع علب الكهرباء الموجودة على أعمدة الكهرباء والعائدة لصاحب المولدة وتركيبها على جدران المنازل مشددا أن الغالبية العظمى من الشكاوى ترد بسبب ارتفاع أسعار الامبيرات بشكل متزايد خلال فترات متقاربة.
صاحب المولدة أكد انه يقوم ببيع الامبيرات للمواطنين دون أن يحصل على ترخيص من أي جهة كانت وأنه يشتري الوقود اللازم لعمل المولدة من السوق السوداء و يعتمد على أعمدة الكهرباء الموجودة في الحي كما أنه يستخدم الخط البارد من الشبكة لتخفيض التكاليف على المواطنين ولفت أن لديه منظومة متكاملة من قواطع وورشة صيانة.
ونوه أن الضابطة العدلية في شركة كهرباء حمص زارت الحي مرة ولحظت الامراس المعلقة على الأعمدة و استخدام الخط البارد من شبكة الكهرباء العامة ولم تنظم ضبطاً ولم تطالب إزالة المخالفة.. وأكد أن عدد المشتركين تجاوز الـ500 مشترك موزعين على أحياء كرم الزيتون 2 وشارع الخضري وحي وادي الذهب 1 ولفت أنه يتقاضى ثمن الكيلو الواحد 14000 ليرة سورية وأن كل مشترك يتوجب عليه دفع ثمن 3 كيلو على الأقل أسبوعيا منوهاً بأن استجرار المشتركين يتراوح ما بين 3 كيلو إلى 80 كيلو أسبوعيا.
وأضاف أن المولدة تعمل مدة 15 ساعة يومياً على الأقل وهي تحتاج إلى 15 لتر مازوت في الساعة وبالتالي فهي تحتاج قرابة 200 لتر مازوت على الأقل يومياً.. والسؤال هنا أين الجهات المعنية والرقابية عن هذه الكميات الكبيرة التي يتم استجرارها من السوق في ظل الأزمة الخانقة للمحروقات ؟
وهل يعقل أن يستطيع مواطن استجرار كل هذه الكمية ومن المؤكد أن لديه مخزوناً احتياطياً من المادة يكفيه لأسبوع على الأقل في حين تم تخفيض كمية المخصصات لسيارات النقل الجماعي ؟
مدير شركة كهرباء حمص المهندس بسام اليوسف أكد انه لا يوجد قانون أو تشريع يسمح ببيع الامبيرات في محافظة حمص أو استخدام مكونات الشبكة الكهربائية إلا من قبل شركة كهرباء حمص وفق نظام الاستثمار الخاص بالوزارة مشددا أن أي تعدٍ على مكونات الشبكة يستوجب اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المخالف مشيراً أنه سيتم تشكيل لجنة بشكل فوري لمعالجة المخالفة.
رئيس مجلس مدينة حمص المهندس عبد الله البواب أكد أن المجلس لم يمنح أي ترخيص لبيع الامبيرات في المدينة وأنه تم توجيه إنذار لصاحب المولدة بالتوقف عن العمل خلال 72 ساعة وقامت مديرية الإشغالات في مجلس المدينة بختم المولدة بالشمع الأحمر ريثما يتم اتخاذ الإجراء اللازم وإيقاف المولدة عن العمل ببيع الامبيرات بشكل نهائي.
كلمة للمحرر:
من يدخل الحي المذكور ويرى الشبكة الكهربائية يدرك تماماً مدى خطورتها على السلامة العامة وخصوصاً على الأطفال في حال انقطاع أحد الامراس وسقوطه على الأرض والامبيرات يتحكم بها شخص واحد يسعر على هواه ويستجر المازوت متى أراد دون حسيب أو رقيب وإن كان في مكان ما يقدم خدمة للمواطنين دون أن يرغمهم على الاشتراك لديه فهو يترك المجال للمواطن أن يختار الاشتراك من عدمه .
وفي نهاية المطاف لابد من تدخل الجهات المعنية في المحافظة لمعالجة هذه الظاهرة وإيجاد الحل المناسب لها إما بالترخيص النظامي أو قمع المخالفة بالكامل.
يوسف بدور