لم يكن الواقع الصحي في محافظة حمص استثناءً بل كغيره من قطاعات خدمية تعرض للتدمير و التخريب، و كانت الخسارة كبيرة بكل ما يخص هذا القطاع من المباني إلى المعدات إلى الكوادر الطبية و الفنية و التمريضية.
مدير الصحة في حمص الدكتور عبد الكريم غالي تحدث لـ “العروبة” عن واقع القطاع الصحي و الذي وصفه بالمدمر و إن كانت بعض الأبنية قائمة إلا أنها مدمرة وظيفياً ، و هذه الأبنية متهالكة و تحتاج إلى صيانات شاملة، فالكثير منها لا يصلح لأن يكون منشآت صحية خاصةً فيما يتعلق بالمخاوف من الانتانات و النظافة، و هناك مشاف كمشفى الزهراء و كرم اللوز هي أساساً مصممة لتكون عيادات أو مركز صحي و تم تحويلها إلى مشفى، و هذا يصعب من مهمة تحويلها إلى مشفى و كذلك استهلكت هذه المباني مع مرور الزمن، و هذا ما يجعل الانتقال إلى مباني حديثة و مهيئة و مصممة كمشافٍ مثل مشفى حمص الكبير الذي يتميز بقدرة استيعابية تعادل جميع مشافي المحافظة و التي تصل إلى 800 سرير، وهو سيكون مشفى مركزيا لكل المحافظة و عندما يكون بالخدمة ممكن حينها اغلاق المشافي الصغيرة لفترة من الزمن للقيام بأعمال صيانة شاملة عليها و التي لا يمكن القيام بها بالتزامن مع استمرار استقبال المرضى, لافتاً أن موضوع التوزع الجغرافي للمشافي لتخديم جميع المواطنين يؤخذ بعين الاعتبار بالإضافة لدراسة التخصصات في كل مركز، مضيفاً أن المشفى الوطني يقع في مركز المدينة و هناك سهولة في الوصول إليه من كافة المناطق في حال تم بناؤه سيكون باستطاعة 200 سرير و في حال تم توسيعه إلى حوالي 400 سرير يستطيع تخديم كامل المدينة، و هذا يتوافق مع المنظومات الصحية العالمية حيث تتحول بعض المراكز في الضواحي لتقديم الخدمات الإسعافية و العامة و يتم تحويل الحالات الاختصاصية إلى مراكز متخصصة ، و مؤهلة بشكل عال .
و أوضح الدكتور غالي أن الأجهزة الطبية بمجملها متهالكة و من الصعب تنفيذ الصيانات عليها كونها قديمة جداً و قطع التبديل غير متوفرة، و كذلك الكوادر أصابها الترهل ،و تحتاج إلى تأهيل.
وبين أن عدد المشافي في المحافظة هو 13 مشفى منها 9 مشافٍ قائمة حالياً وتقدم الخدمات، و طبعاً جميعها تحتاج صيانة كونها تقدم خدمات جزئية في الوقت الحالي، في المدينة خمس مشافٍ هي المشفى الوطني، و الوليد بحي الوعر و الزهراء و كرم اللوز و مشفى العيون ، و بالنسبة للأرياف يوجد مشفى تلكلخ و المخرم و تدمر الذي يقدم خدمات بسيطة بنسبة عمل حوالي 20 % و كذلك حال مشفى القريتين و أيضاً مشفى الحولة.
و بالنسبة للمشافي التي مازالت خارج الخدمة يعتبر مشفى حمص الكبير هو الأهم و الذي يحتاج إلى إعادة إكساء، فقد تعرض للسرقة بشكل كامل ، و مشفى القصير مدمر بشكل كامل و كذلك مشفى السخنة و أيضاً مشفى الرستن الذي بدأت عمليات الترميم فيه و يحتاج إلى بعض الوقت ليكون في الخدمة.
و كشف الدكتور غالي عن وجود فائض بالكوادر الطبية و غير الطبية العاملة في قطاع الصحة، حيث يوجد حوالي 9500 موظف بكافة الاختصاصات و الشرائح الوظيفية بينما الحاجة الفعلية لا تتعدى 5500 موظف أي أن هناك حوالي 4 آلاف موظف فائض، و قامت وزارة التنمية الإدارية بدراسة هذا الأمر و بإعادة الهيكلة و توزيع الكوادر على المنشآت التي تحتاج إلى الكوادر، و منها المشافي التي سيتم افتتاحها في الوقت القريب للاستفادة من هذه الكوادر، هذا فيما يتعلق بالعدد أما بالنسبة للجودة فمستوى الكوادر التمريضية منخفض للغاية و تحتاج إلى تأهيل، و بدأ العمل فعلياً بهذا الأمر منذ التحرير، و تم تقييم الكوادر و بدأت الدورات بشكل دوري و على مجموعات في المشافي أثناء العمل، وفق برنامج أعدته دائرة المهن الصحية بهدف رفع المستوى الطبي و العلمي للكوادر.
و بالنسبة للأطباء أشار مدير الصحة أن المستوى بشكل عام جيد، إلا انه يوجد فجوة بسبب وجود عدد كبير من الأطباء كبار السن و قريبين من سن التقاعد و بالمقابل يوجد أطباء تخرجوا حديثاً ، و الفجوة بالأطباء الوسط بين هاتين الحالتين فمعظمهم هاجر خارج البلد ، و هذه الشريحة الشابة ذات الأداء العالي ، الموجود منها داخل البلد لا يتعدى 10 % ، مشيراً أن عدد الأطباء الذين يعملون بالمشافي و المراكز الصحية الحكومية حوالي ألف طبيب منهم الأطباء المقيمين ، بينما الحاجة الفعلية هي ضعف هذا العدد و خاصةً في بعض الاختصاصات النوعية كالغدد و الكلية و الأعصاب و الداخلية و الجراحة و الأطفال و النقص الأكبر بأطباء التخدير, و بشكل عام هناك نقص بكل الاختصاصات و لكن بشكل متفاوت بين اختصاص و آخر، لافتاً أن باب التعاقد مع الأطباء الاختصاصيين مفتوح على مصراعيه و هناك تشجيع على هذا الأمر.
يحيى مدلج