يرجع الاهتمام المتزايد بتنمية الموارد البشرية إلى أن البشر هم الثروة الحقيقية لأيَّة دولة، وكلما تمكنت الأمة من الحفاظ على ثروتها البشرية، وعملت على تنمية قدراتها عن طريق التأهيل والتدريب المستمر، لإكسابها القدرة على التعامل مع تطورات العصر ؛ كلما تقدمت هذه الأمة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً بين الأمم الأخرى.
فالاستثمار في تنمية الموارد البشرية أمر هام وضروري، لما لها من أهمية قصوى؛ فهي الثروة الحقيقية والرئيسة للأمم، والأمم المتقدمة أيقنت تلك الحقيقة؛فأحسنت التخطيط الاستراتيجي، ونفذت برامج محددة لتنمية هذه الثروة البشرية على مدار عقود من الزمان، ونجحت فيما خططت ونفذت، وهاهي اليابان خير شاهد على نجاح.
إن الموارد الطبيعية والأموال المتوافرة لدولة ما – رغم أهميتهما وضرورتهما الكبرى لا يغنيان أبداً عن العنصر البشري الكفء، والماهر، والفعال، والمدرَّب، والمعد إعداداً جيداً مبنياً على أسس علمية دقيقة، وهذه حقيقة راسخة على مر العصور والأزمان، فالأموال والموارد الطبيعية لا ينتجان منتجاً بذاتهما، فالبشر – بخصائصهم – هم القادرون على استخدام هذه الموارد بنسب متفاوتة من حيث الكفاءة والفعالية – في العمليات الإنتاجية، للحصول على السلع والخدمات التي تعمل على تحقيق أقصى إشباع ممكن للحاجات الفسيولوجية للفرد، بهدف الوصول إلى تحقيق الرفاهية أو الحياة الكريمة للفرد والمجتمع؛ ومن ثَمَّ التقدم الاقتصادي للدولة، وللاقتصاد ككل.
تنمية الثروة البشرية وتمكينها
فالعنصر البشري بما لديه من قدرة على التجديد، والإبداع، والاختراع، والابتكار، والتطوير، يمكنه أن يتغلب على ندرة الموارد الطبيعية، وألا يجعلها عائقاً نحو النمو والتقدم، عن طريق الاستثمار الأفضل – إن لم يكن الأمثل – لطاقات المجتمع العلمية والإنتاجية، فضلاً عن الاستغلال الرشيد للموارد الطبيعية والاستثمارات المتاحة.
المحرك الرئيسي للنمو والإنتاج
ولم يعد هذا الاهتمام بتطوير الكادر البشري يقتصر على الأفراد بل بات أحد أولويات الحكومة انطلاقاً من أن الاستثمار في رأس المال البشري وبالذات في التعليم هو المحرك الرئيسي للنمو والإنتاج وتحسين الدخول ورفع مستوى معيشة الأفراد عبر توسيع خيارات الناس وصولا إلى حياة أفضل وذلك بتكوين قدراتهم وتنميتها.
فثروة المجتمع الحقيقية تكمن أساساً في قدرات مواطنيه ومدى إدراكهم وقدراتهم العلمية والتكنولوجية ، الأمر الذي يدفع المجتمع إلى وضع مسألة تنمية الموارد البشرية في مقدمة أولوياته في أثناء القيام بعملية التخطيط، وذلك باعتبارها من أهم العوامل التي تساهم في الإسراع بعملية التنمية الاقتصادية الشاملة.
تهدف إدارة الموارد البشرية إلى تنمية قدرات العاملين و تطويرهم باستمرار بحيث تلبي احتياجاتهم و احتياجات المؤسسات والشركات و بذلك تساعدهم في بأن تجد لهم أحسن الأعمال و أكثرها إنتاجية و ربحية بحيث يشعرون بالحماس نحو العمل, وانتهاج سياسات موضوعية تحد من استنزاف الطاقات البشرية.
عملية تطور حضاري مجتمعي
إذا التنمية البشرية ركيزة ومدخل للإصلاح الاقتصادي فالحديث عن التنمية البشرية هو الحديث عن المهمة الأكثر صعوبة في إطار التنمية الشاملة لأنها لا تتناول مرافق ومؤسسات مادية فحسب بل تنصب على الإنسان من حيث المضمون علماً وفكراً وقيماً ونمط حياة وارتباط بالحياة المحيطة وبالتالي مدى قدرة الفرد على الإنتاج في مجاله الخاص ومدى قدرته على تحقيق التغيير الايجابي المنشود الذي تهدف إليه التنمية عامة ومن هنا كان العمل التطوعي مطلوباً وبشكل جوهري في مجال التنمية البشرية.
أخيرا
ومع التنامي المتسارع للتطور التكنولوجي وانتشار تكنولوجيا المعلوماتية والاتصالات أصبحت الموارد البشرية عنصراً حيوياً في عملية المنافسة فالتكنولوجيا الحديثة تتطلب مهارات جديدة كما أن إحداث وتوفير مهارات جديدة يستوجب تغييرات جوهرية في التركيبة المؤسساتية لبناء المهارات وبما أن الإنسان صانع التنمية والمستفيد منها فقد سعت المجتمعات لتهيئة الظروف المناسبة لانطلاقته وأصبح التركيز على الإنسان الكفء القادر على التعامل مع المتغيرات والمستجدات والتطورات .