العشوائية تسبب أضراراًصحية

أسباب عديدة لسنا بمجال ذكرها الآن أدت في العقود السابقة إلى هجرة أبناء الريف إلى المدن القريبة حيث فرص العمل المتوافرة قياسا ً بما كان عليه الريف السوري ، وتوفر الحاجات الأساسية في المدن وفقدانها في الريف وغيرها .
ولم تستطع المدن مواكبة هذا التدفق البشري ، ووضعه في الحساب ، كإيجاد أماكن جديدة للسكن، وللحدائق والمشافي والمدارس والملاعب ، والصناعات والحرف التي تتطور ويزداد حجمها .
ليس هذا وحسب وإنما كان الضغط ينصب على هؤلاء المهاجرين كمنعهم من البناء إلا في المناطق المنظمة، تلك المناطق التي يرتفع سعرها ارتفاعا ً يجعل من الصعوبة بمكان شراء تلك الأرض والبناء عليها ومايلحق ذلك من تكاليف لو وجدت عند هؤلاء القادمين من الأرياف لما قدموا أصلا .
وهكذا أصبحنا نجد في معظم المدن السورية أحياء ً تحيط بها ، وهي أحياء عشوائية تفتقر إلى أدنى الحاجات الضرورية للبشر .. وكان ذلك سببا ً في انتشار المزيد من الأمراض الناتجة عن عدم توفر الصرف الصحي المناسب،وانتشار الحرف التي تبعث بالروائح الناتجة عن أعمالها دون إمكانية ردع أصحابها ، لعدم توفر المكان البديل بالسعر المناسب وللفساد الذي جعل بعض المعنيين بالأمر يغضون الطرف هنا أو هناك في حين يلاحقون من لايدفع أو على من لايستطيع أن يدفع فعلا ً، هذا الواقع جعل الدولة تنتبه إلى هذه الظاهرة وتبدأ بمعالجتها بطرق متعددة ،وأهمها تقديم الخدمات لأبناء الريف ومساعدتهم على استثمار أراضيهم ، وتوفير الظروف المساعدة نسبيا ً، فأصبح حال أبناء الريف أفضل من فقراء المدينة الذين بدؤوا بالتفكير في الهجرة المعاكسة، وخاصة الذين مازالت لهم روابط تربطهم بالريف، كبقاء الأهل والأقارب ، أو الأرض التي ورثوها عن آبائهم .
وزاد الإنتاج الصناعي والزراعي ،واستطاعت سورية التي رفعت شعار الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي وعملت على تطبيقه، ونجحت في ذلك إلى أن جاءت الحرب لتعيد سورية سنوات وسنوات إلى الوراء خدمة للأعداء ، ودمرت الكثير من المشاريع والخدمات في الأرياف والمدن .
وعادت الأمور إلى أسوأ مما كانت عليه ، وفوق هذا وجد البعض في تلك الظروف مناسبة للاستفادة ، ومخالفة الأنظمة والقوانين من أجل كسب مادي له دون اعتبار إلى مايحدث للآخرين من أضرار وفي مقدمتها الأضرار الصحية التي نتجت عن حرف انتشرت في الأحياء ومراكز المدن السورية حتى العاصمة دمشق لم تسلم من هذه الظاهرة ، التي بدأت الدولة تعمل من أجل الخلاص منها بعدما قدّم جيشنا وشعبنا تضحيات كبيرة لتحقيق الانتصار، وعلى الرغم من صعوبة ماهو قائم ، فإنه يحمل في طياته ظروفا ً مناسبة لتنظيم مدننا وإقامة المدن الصناعية والحرفية خارج أماكن السكن ، وفي ذلك خدمة للساكنين وللذين سيسكنون مستقبلا ً كما هي خدمة للصناعيين والحرفيين ولتحسين الإنتاج وتطويره .
أحمد تكروني

المزيد...
آخر الأخبار